يشهد مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي في تمام الساعة الثامنة مساء اليوم حدثاً فنياً استثنائياً إذ يقدم لزواره الاستعراض الغنائي الأضخم لهذا الموسم "أبيض وأسود"، الذي يحتفي بفترة فنية زاخرة أسرَت الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، يعيدنا إلى تلك الحقبة الحالمة من السينما المصرية.ويعد "استعراض أبيض وأسود" أول الإنتاجات المميزة الجديدة للموسم الثقافي 18/ 19 "جسور ثقافية"، فهو توليفة تجمع بين الغناء والاستعراض باستخدام أحدث تقنيات الإنتاج والديكورات المسرحية بمستوى عالمي، فالجمهور لن يشاهد استعراضاً تقليدياً، بل سيعيش التجربة السينمائية الحية بما سيشاهده من مؤثرات لم تقدم سابقاً في عمل عربي في المنطقة.
ويوظف هذا العرض 14 أغنية من أغاني الأفلام، تعود كل منها إلى فنانٍ مختلف من روّاد تلك الحقبة، في رواية قصة حب بين "حسن" و"شاليمار" يؤدي دورهما كل من الفنانة عبير نعمة والفنان طارق بشير، بمصاحبة فرقة مركز جابر الموسيقية، بقيادة د. محمد باقر، والعمل من إخراج هشام جابر، مع ظهورٍ خاص للناقد السينمائي الفاروق عبدالعزيز.وفي هذا الشأن، التقى القائمون على العمل ممثلي وسائل الإعلام المحلية خلال البروفات النهائية استعداداً للعروض المقرر أن تقام على مدار أربع ليال اعتباراً من اليوم حتى 30 الشهر الجاري.وكانت البداية مع منتج العرض طلال المهنا الذي قال، إن "أبيض وأسود" عرض مسرحي غنائي استعراضي يضم نخبة من أفضل العاملين في مجال الاستعراض والإنتاج المسرحي والغنائي من مختلف دول العالم، مصر ولبنان وإیطالیا ومالطا والیونان والمملكة المتحدة إلى جانب المواهب الكويتية لاسيما الفنانة اللبنانية عبير نعمة والفنان المصري طارق بشير.وأشار المهنا إلى أن تجميع هؤلاء المواهب تم على مدى ثلاثة أشهر ثم انتقاء الأفضل خلالها لتقديم هذا المشروع، "الذي نطمح لأن یكون الأكثر إبداعاً وتأثيراً في الجمهور الكويتي".ثم أفسح المهنا المجال لمصممة الرقصات العالمية فرانشیسكا جینزن التي تعتبر من أشهر مصممي الرقصات في عالم الإنتاج المسرحي والسينمائين وعبرت عن سعادتها بالحضور إلى الكويت وتقديم هذا العرض بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي مع نخبة من الاستعراضيين الذين تم تدريبهم في مالطا مدة أسبوعين قبل وصولهم جميعاً إلى الكويت لافتة إلى أن اختلاف جنسياتهم ولغاتهم لم يحل دون اندماجهم وتناغمهم في هذا العمل.وأشارت جینز أن أحد أبرز التحديات كانت في تذوقها وفهمها للموسيقى العربية ونغماتها وكلماتها كي تتمكن من تقديم ما یعكس مشاعر وفحوى كل أغنيات الأفلام، كاشفة أن العمل سيتضمن العديد من أنواع الرقصات والاستعراضات مثل "التانغو".
حقبة الخمسينيات والستينيات
وأكدت جينز أنها لم تشاهد أفلام مصرية بشكل كامل، إنما مجموعة من الأغنيات المصورة المستوحاة من تلك الأفلام، وأشارت إلى أن الفرصة لم تسنح لها للاطلاع على الإرث الثقافي والفني للكويت لاسيما مع انشغالها اليومي بالعمل على هذا المشروع. من جانبه، قال مدير ومايسترو فرقة مركز الشيخ جابر الموسيقية د. محمد باقر، إنها المرة الأولى التي تقدم فيها أغنيات منتقاة من حقبة الخمسينيات والستينيات، لافتاً إلى اختيار نخبة من الأغنيات التي ذاع صيتها في الأفلام المصرية في ذلك الوقت، "واخترنا 14 أغنية تخدم القصة الدرامية للعرض الذي يمتد على 6 مشاهد".وأضاف باقر، أن الفرقة الموسيقية تضم مواهب شابة كويتية إلى جانب العازفين العرب والأجانب يقومون للمرة الأولى بعمل موسيقي مستوحى من روح السينما.أما بطل العمل الفنان المصري طارق بشیر، الذي یقوم بدور حسن، فقد ثمّن تلك التجربة وأعرب عن سعادته بالمشاركة في هذا العرض، "فقد نشأت في الكويت وسعيد بأن أساهم في إعادة إحياء تراث بلدي فيها".ولفت بشير إلى أنه يدخل من خلال " أبيض وأسود" عالم التمثيل للمرة الأولى، مؤكداً أنه لم يجد صعوبة في ذلك خصوصاً أنه وجد في دور حسن الشاب الموهوب الذي ينتمي لأحد الأحياء البسيطة ويطمح للشهرة مما استفزه لتجسيد الشخصية.تاريخ الأغنية
أما المخرج هشام جابر، فقال، "نحن بصدد عرض يستعرض تاريخ الأغنية في السينما المصرية وحاولنا أن نستجر الذكريات الحميمة مع السينما المصرية في قالب غنائي استعراضي ضخم، والفكرة قائمة على قصة حب تنشأ بين البطل والبطلة، ثم يفترقان ليعودا إلى بعضهما مجدداً وحاولنا قدر الإمكان ان نستحضر أجواء السينما والدمج بين التصوير والغناء.وأضاف جابر "اخترنا 14 أغنية وبحثنا عن أفضل إطار إبداعي نستطع تقديم هذا الإرث الثقافي من خلاله، ونعيد استحضار سیناریوهات السينما المصرية من خلال قصة العرض الكلاسيكية".وأوضح أن مجمل تلك الأفكار هي "الثیمة الأساسية" لأغلب الأفلام المصرية آنذاك لكن سنقوم بها وفق تقنيات عالية تواكب الجيل الجديد، لافتاً إلى أن بطلي العرض الفنانة عبیر نعمة والفنان طارق بشیر كان اختيارهما أساساً لما يمتلكانه من خامات صوتية متميزة وقدرة على الغناء بالأسلوب القديم خصوصاً مع تنوع الألوان الموسيقية المقدمة في العرض.من ناحيتها، عبرت نعمة عن سعادتها الكبيرة بما لمسته من اهتمام بالفن والثقافة في الكويت التي وصفتها بواحة الثقافة والإنسان والانفتاح على الآخر"، خصوصاً أن "مركز الشيخ جابر الثقافي یعكس صورة تقدمية وفكراً ذا أفق واسع للقائمين علیه".وقالت نعمة إن عرض "أبیض وأسود" يقدم باقات متنوعة من قيم ومبادئ وأفكار عميقة وتقنيات حديثة وصور وأصوات ممتعة ومبهجة للنفس قام عليها أفضل المتخصصین عالمیاً لیكون عرضاً یستحق المشاهدة، ویستحق أن یقترن باسم هذا المركز الثقافي العظيم .قصة حب حسن وشاليمار في قصر لاظوغلي
تدور أحداث العمل في قصر سليمان باشا لاظوغلي، منتج الأفلام، حيث يحتفل الجميع ببدء التصوير. وضمن حضور الحفل شاليمار «عبير نعمة»، نجمة أفلام العصر الذهبي للسينما المصرية. وفي الحفل أيضاً الفنان الشاب حسن «طارق بشير»، الذي يشاركها بطولة فيلمها الجديد. يقع حسن في حب الفنانة الكبيرة، ويسعى إلى البوح لها بحبه عندما يستشعر ميلها نحوه، ويحاول أن يحدثها على انفراد، فتطلب منه الانتظار إلى اليوم التالي، يوم تصوير أول مشاهدهما معاً.وتتوالى أحداث العرض لتحكي قصة الحب بين حسن وشاليمار. فهل يفوز بقلبها؟ أم تصده النجمة التي أفنت حياتها من أجل فنها وجمهورها، وأغلقت قلبها أمام الحب بعد تعرضها لصدمةٍ عاطفية في بداية مشوارها؟ومن خلال أغنيات العرض التي طالما سمعناها وارتبطت في وجداننا وذاكرتنا بأفلام السينما المصرية في عصرها الذهبي، تُنسَج قصة حب تصلح لكل زمان ومكان... قصة ربما جرت بعض أحداثها التي تشاهدها على المسرح في كواليس تصوير تلك الأفلام في الحقيقة، ليمزج العرض بين الخيال والواقع، بين القصة التي تشاهد تفاصيلها أمام عينيك وأحداث الأفلام القديمة التي نعرض في الصفحات التالية بعض قصصها وأغنياتها.وينقلنا استعراض «أبيض وأسود» إلى زمن الرومانسية وسحر السينما الغنائية واستعراضاتها الباهرة، لكن بتقنيات العصر الحالي، ومن خلال الاستعانة بالخبرات العالمية في مجال الاستعراضات وتصميم الرقصات والأداء الحركي، وبأفضل المتخصصين في إنتاج العروض المسرحية، لنقدِّم إلى المشاهد عرضاً ضخم الإنتاج، غنياً بالإبهار، يحمل روح السينما وحيوية المسرح، مع روعة الموسيقى والألحان الخالدة منذ عشرات السنين بأصوات الموهوبَين عبير نعمة وطارق بشير.