ماذا فعلت دول المنطقة؟!
ماذا فعلت دول الخليج الريعية بعد مرور ما يقارب خمس سنوات على انهيار أسعار النفط عام 2014؟! لنأخذ الكويت كنموذج، ماذا صنعت الدولة على أرض الواقع لا بالوعود السياسية وبيع الأحلام الوردية عن تنويع مصادر الدخل، وخلق نظام ضريبي يحقق نوعاً من العدالة، ورفع الدعم عن الخدمات والسلع، الذي يفترض أن يكون قاصراً على أصحاب الدخول البسيطة، وربط مخرجات التعليم بحاجة السوق وغيرها؟! لم تفعل شيئاً يستحق أن يذكر، كانت تتقدم خطوة وتتراجع عنها عدة خطوات إلى الخلف حين تستشعر السلطة الحاكمة أن أي إصلاح اقتصادي ستكون له تكلفة سياسية، ويفرض "نظرياً" عقداً اجتماعياً جديداً بين الناس والسلطة، نحو المزيد من الرقابة والمشاركة السياسية، وهذه قيود وحدود قد تجد السلطة المستأثرة بالحكم أنها ستعني حتماً التخلي عن "القليل" أو "الكثير" من امتيازات الحكم، أو على الأقل إذا لم يكن هناك توجه إلى الديمقراطية، كان الأولى تعزيز المؤسسات القانونية والسياسية، كتكريس حكم القانون وضرب جماعات الفساد، لكن هذا، حتى كخيار آخر، لم تقدم عليه السلطة.خلال السنوات القليلة الماضية، سمعنا وقرأنا الكثير من الثرثرة السياسية عن الإصلاح الاقتصادي، وطبعاً ولا كلمة واحدة عن الإصلاح السياسي، كنا نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً، كانت هناك مراهنة على القدر و"الصدفة"، وكانت هذه "الصدفة" الاقتصادية كريمة معهم أحياناً، أو ربما شاء القدر أن يعطيهم فرصة أخرى لتلتقط السلطة أنفاسها، وارتفعت أسعار النفط لتصل إلى الثمانين دولاراً لفترة محددة، إلا أن هذا الصعود النسبي لبرميل النفط كان مناسبة لتأجيل أي إصلاحات اقتصادية جدية، وعادت حليمة لعادتها القديمة، ثم الآن وبعد (ربما) إعلان الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين وأوروبا، أو بعد أن رفع ترامب عصا التهديد والوعيد لدول المنطقة هبطت أسعار النفط من جديد لتجد دولنا نفسها في حيص بيص.
ماذا ستفعل دولنا إذا نفدت احتياطاتها الاستثمارية، التي تنفق منها للأيام السوداء ولأساطيل الموظفين في القطاع العام؟ ماذا ستصنع وآلاف الشباب من الجنسين قادمون إلى سوق العمل، وفي الحقيقة لا يوجد لهم لا سوق ولا حتى "مقصف" مدرسي يستوعبهم في قطاع خاص هو الآخر ريعي متواكل يتعيش على الإنفاق الحكومي؟ ماذا ستفعل السلطات الحاكمة؟ وصفة كاملة لربيع أو شتاء عربي قادم لا محالة.