بعد سبع سنوات من التحضير وسبعة أشهر من السفر في الفضاء وسبع دقائق من القلق خلال نزول المركبة المحفوف بالخطر، هبط المسبار «إنسايت» التابع لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا» على سطح المريخ، وبعد دقائق معدودة من هبوطه، أرسل أول صورة التقطها للكوكب، ويظهر فيها الأفق فضلاً عن صخرة أو صخرتين، وإن كانت غير واضحة بسبب الغبار.

وبعد توتر وترقب شديدين، استقبل مهندسو «ناسا» وعلماؤها، في قاعة التحكم بمختبر «جت بروبالشن لابوراتوري» في باسادينا بكاليفورنيا، نبأ هبوط هذا المسبار على سطح الكوكب الأحمر بالتصفيق والقفز، كما صفق له أيضاً رواد الفضاء بمحطة الفضاء الدولية الذين تابعوا هبوط المسبار الأول منذ ست سنوات.

Ad

وقال مايكل واتكنز مدير المختبر إنها المرة الثامنة التي تنجح فيها الولايات المتحدة في إنزال مسبار على سطح المريخ بعد رحلة قطع خلالها 480 مليون كيلومتر، كما أكد رئيس «ناسا» جيم برايدنستاين، خلال مؤتمر صحافي، أن «هذا يوم رائع!» آملاً إرسال رحلات مأهولة إلى المريخ في منتصف ثلاثينيات القرن الحالي.

جرت كل مراحل هبوط هذا المسبار بطريقة مثالية، من دخول الغلاف الجوي إلى عمل المظلة وإنزال قوائمه والهبوط، وانتقلت سرعة المسبار في أقل من سبع دقائق من 19800 كيلومتر في الساعة إلى ثمانية كيلومترات.

وبعيد دخوله الغلاف الجوي للمريخ، أدى الاحتكاك إلى ارتفاع الحرارة إلى 1500 درجة مئوية، لكن «إنسايت» لم يتأثر بفضل درعه الحرارية المعززة، حيث كانت سرعته حينئذ 20 ألف كيلومتر في الساعة، بما يعادل أكثر من أربعة أضعاف سرعة الرصاصة المنطلقة من سلاح ناري، غير أن مظلته تكفلت بكبح سرعته بعد أربع دقائق، ثم انفصلت عنه بعد فتحه قوائمه الثلاث، لتتولى محركات الدفع العكسي، وعددها 12 العمل، وتخفض السرعة إلى ثمانية كيلومترات في الساعة.

وتعقيباً على هذه المراحل الدقيقة التي لم يكن بالإمكان التدخل فيها لتصحيح مسار المسبار أو أي خلل قد يطرأ، قال توم هوفمان المسؤول عن مشروع «إنسايت»: «توقف قلبي عن الخفقان مدة سبع دقائق تقريباً»، مبيناً أنه عانى الأرق في الأيام السابقة على نزول المسبار.

وأضاف هوفمان أن كل التحضيرات جرت على ما يرام «لكن مع المريخ ليس هناك شيء مؤكد»، مبيناً أن «الفريق سيرتاح خلال الليل، في حين يشحن المسبار بطارياته».

وتمكن «إنسايت» أيضاً من نشر ألواحه الشمسية، وهي عبارة عن مظلتين دائرتين كبيرتين قُطر كل منهما متران، وعندما يكون الطقس صافياً يمكن لهذه الألواح أن توفر 700 وات من الطاقة، والتي ستغذي تشغيل عدة أجهزة يحملها المسبار.

وفي الأيام الأولى، سيدرس المسبار موقع الهبوط مع البحث عن أفضل مكان لنشر الأجهزة التي يحملها بواسطة ذراع آلية، كما سيدرس باطن المريخ بكل تفاصيله، لاستخدام هذه المعلومات في فهم أفضل لكيفية تشكُّل هذا الكوكب قبل مليارات السنوات ومقارنته بالأرض.

ويعد «إنسايت» هو ثامن جهاز ترسله الولايات المتحدة إلى الكوكب الأحمر، في حين باءت كل المحاولات السوفياتية والأوروبية بالفشل، أما المرة الأولى لإنزال مسبار إلى المريخ فكانت عام 2012، حين هبط الروبوت الأميركي «كوريوسيتي» هناك، وهو حالياً المركبة الوحيدة التي مازالت تعمل على سطح المريخ.