لابد أن نقي أنفسنا من قسوة ووحشية هذا العالم، الذي أصبحت له نافذة بلا حدود بين أيدينا، وأعني بذلك الهواتف الذكية، لقد أصبحت الحاجة لتنقيح عالمنا وتصفية أذهاننا مُلحّة أكثر من أي وقت مضى، فالعقل البشري يواجه ظاهرة غير مسبوقة في زمننا. هل العقل الباطن مستعد لهضم واستيعاب آلاف الصور ومقاطع الفيديو يومياً؟ وما تأثير ذلك على ذاكرتنا وإدراكنا؟انفصال عاطفي عن الشخوص والأحداث وبعثرة للأفكار خلقها سوء استخدامنا ذلك الهاتف، بالإضافة إلى هوس بالذات وكيفية ظهورنا أمام الآخرين في حالة شبه مرضية أحالتنا عبيداً تحت قبضة شاشته.
أصبح الهاتف ضرورة لا مفر منها، والتخلي عنه يكاد يكون أقرب إلى المستحيل لدى الكثير منّا، لكن ما يمكننا فعله هو التقليل من ساعات استخدام الهاتف، واستبدال هذه الساعات المهدرة بقضاء أوقات ممتعة وجميلة مع الأحباب والأصدقاء، وإعطائهم انتباهنا الكامل. كذلك يمكن الاستغناء تماماً عن الهاتف ليوم واحد فقط من الأسبوع، والتحرر من عبء الرسائل والصور، فكم تاقت الأذهان إلى هذا الهدوء والسلام الداخلي. الأمر يتطلب بعضاً من ضبط النفس، لكنه استثمار قيم ذو نتائج طويلة الأمد.كذلك لابد من الحرص قدر المستطاع على جودة المحتوى الذي نتابعه، فهذه النفس الثمينة تستحق أن نصونها ونحميها من القبح والعنف والتفاهة، واستغلال هذه التكنولوجيا في تغذيتها عن طريق متابعة ما يلهمنا ويمتعنا ويفيدنا، وبناء جسور المحبة والتواصل مع الأصحاب والمقربين، بل مد جسور التواصل هذه مع الثقافات الأخرى.لذا أستغرب سوء استغلال شبكة الإنترنت، فيمكنك تحميل أعداد لا حصر لها من الكتب والأفلام الوثائقية والفنية، والبحث عن أي موضوع في إطار اهتماماتك، ويمكنك تنمية مهاراتك وهواياتك بشكل كبير، والقيام بمشاريعك ومبادراتك، فالدروس والأدوات "أونلاين" متوافرة وبجودة عالية. هذه مجرد أمثلة بسيطة، فالشبكة العنكبوتية أفقٌ لا سقف له.لذا فلنرتقِ باستخدامنا، وكفانا استهلاكاً وإسفافاً.* "قدم للآخرين هبة حضورك التام وضع هاتفك جانباً". (كيت نورثرب).
مقالات - اضافات
هاتف
30-11-2018