ما بعد فشل «مفاوضات» القاهرة!
ربما بعض طيبي القلوب، الذين ظلوا يراقبون المشهد الفلسطيني عن بعد، لم يتوقعوا أن سلسلة المفاوضات الفلسطينية – الفلسطينية، بين منظمة التحرير و"فتح" من جهة، وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) من جهة أخرى، ستنتهي في القاهرة هذه النهاية المأساوية، وأن الرئيس محمود عباس (أبومازن) بات مضطراً إلى التفكير الجدي بالتعامل مع هذه الحركة بالعنف والقوة العسكرية وإسقاط هذا النظام، الذي اتضح أنه له ارتباطات كثيرة عربية وغير عربية، والذي كانت إقامته بعد انقلابها الدموي عام 2007.منذ عام 1987 وحركة فتح تواصل مطاردة "حماس"، لإقناعها وإغرائها بالانضواء في إطار منظمة التحرير، والالتحاق بالمسيرة الفلسطينية، وهذا قام به الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبوعمار)، رحمه الله، وواصل السعي إليه محمود عباس (أبومازن)، وبمثابرة متواصلة آخر حلقاتها مفاوضات القاهرة قبل يومين، التي كان فشلها ذريعاً، والتي بات في حكم المؤكد أنها ستكون الأخيرة.
لقد كان واضحاً ومؤكداً ومعروفاً أن تأخر ظهور "حماس" كفصيل "إخواني" 22 عاماً بعد انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، هدفه مصادرة هذه المسيرة كلها، وإلغاء منظمة التحرير، وإلغاء اعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتحويل الحلول المقترحة لهذه القضية، المقدسة بالفعل، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة والقرارات العربية، من حلول وطنية إلى حلول عالمية، ومن إنجاز فلسطيني – عربي إلى إنجاز كوني – عالمي لهذا التنظيم الذي تنتمي إليه حركة المقاومة الإسلامية!وهنا فإن المفترض أنه أصبح واضحاً أن لهذه الحركة، التي بقيت ترفض كل محاولات إقناعها بالانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية، مشروعها الخاص، عندما قامت بانقلابها العسكري الدموي على منظمة التحرير وحركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية عام 2007، بعد فترة قصيرة من إبرام اتفاق مكة المكرمة، وأخرجت كل هذه الأطر الرسمية والشرعية من قطاع غزة عملياً، وحولته إلى دولة لها وحدها، استقبلت فيها مسؤولين كباراً، بعضهم رؤساء دول عربية، وبعضهم الآخر يمثل بعض الدول الإسلامية، ويقال إن بينهم الجنرال الإيراني (الطرزاني) قاسم سليماني!الآن وبعد فشل مفاوضات القاهرة كل هذا الفشل الذريع فإن هناك من يتوقع، وهذا يجب ألا يكون ولا يحصل، اندلاع حرب أهلية فلسطينية – فلسطينية في قطاع غزة، وذهاب "حماس" بهذا الشوط إلى آخره، بالاستجابة لمشروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أي "صفقة العصر"، التي سيجري تمريرها تحت عنوان "التهدئة"، والتي لإسرائيل الدور الرئيسي فيها، وإن تمت فعلاً، وأغلب الظن أنها ستتم، فإن هذه القضية ستدخل بالفعل نفقاً مظلماً، اللهم إلا إذا استيقظت الضمائر، وتم إحباط هذه المحاولات الخطيرة.