انخفاض أسعار النفط رسالة للسياسة المالية غير المسؤولة

كل خطط الإصلاح أجمعت على تبني هدف أساسي هو خفض تدريجي لتبعية المالية العامة للنفط

نشر في 02-12-2018
آخر تحديث 02-12-2018 | 00:03
No Image Caption
قال «الشال» إنه مع أول ارتفاع في أسعار النفط، بدأ تنافس الإدارة العامة في الكويت على شراء الود السياسي، إما بالتسامح مع الهدر والفساد لمصلحة الكبار، أو بالمطالبة بمشروعات شعبوية مثل التقاعد المبكر والتسامح مع القروض وزيادات في الأجور.
ذكر تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي ان كل خطط الإصلاح المالي والاقتصادي، بدءاً من ستينيات القرن الفائت وحتى رؤية «كويت جديدة» الحالية، أجمعت على تبني هدف أساسي، وهو خفض تدريجي مبرمج لتبعية كل من المالية العامة والاقتصاد، للنفط. كل القديم من الخطط دون استثناء واحد، حقق نتائج عكسية، والرؤية الجديدة، بعد استعراض أداء السنوات القليلة الفائتة، سائرة في نفس الطريق. وكما ذكرنا منذ بدء نشر تقرير «الشال» قبل بضعة عقود، وحتى تقرير الأسبوع قبل الفائت، وكما ورد أيضاً في تقرير ديوان المحاسبة، عادت الإدارة العامة إلى سياسات الانفلات المالي مع أول ارتفاع مؤقت لأسعار النفط.

ولابد من معرفة بضعة حقائق حول تاريخ حركة سـوق النفـط، أولاهـا أنـه سـوق غيـر مستقر وغير مؤتمن، حتى لو دام رواجه بضع سنوات، الحقيقة الثانية، هي أن أخطر سلبياته تتحقق في زمن رواج سوقه، حيث انفلات السياسة المالية يؤدي إلى فقدان الاقتصاد تنافسيته، وتبعيته وتبعية المالية العامة للنفط تتعمق مصحوبة بارتفاع خطر لأسعار الأصول المحلية -عقار وأسهم- بما يرفع تكلفة إنتاج أي سلعة أو خدمة، وللتعويض عن التضخم، تتضخم النفقات الجارية لاسترضاء الناس، ويتجذر الهدر والفساد. الحقيقة الثالثة، هي أن إيرادات حقبة 2010-2014 لن تتكرر، حتماً لن تتكرر بقيمتها الحقيقية وظروفها، وليس في الأفق المنظور مجال لتحققها بمستواها الاسمي، حتى مع أقصى ارتفاع ممكن لمستوى إنتاج النفط.

في 20 يناير 2016، بلغ سعر برميل النفط الكويتي 19.14 دولارا أمريكيا، وكانت ساعة اصطدام الاقتصاد والمالية العامة بالحائط أقرب من أي وقت مضى، وربما أقرب مما حدث في ثمانينيات وتسعينيات القرن الفائت. حينها كانت دعوات الإصلاح في أوجها، بعدها عاودت الأسعار ارتفاعها، أحياناً بجهود بذلت للتحكم في جانب العرض مثل اتفاق «أوبك» والدول خارجها، وأحياناً لأسباب جيوسياسية مثل أزمات وحروب في دول نفطية، أو تهديدات الولايات المتحدة الأميركية بحصار النفط الإيراني. كلها جميعاً أسباب اصطناعية تفتقد الاستدامة، وفي كل الأحوال، لا يمكن استمرارها نتيجة تفوق الموقف التفاوضي لدول الاستهلاك، أو حتى تفوقها التكنولوجي.

ولعل المهم، هو التذكير بأنه مع أول ارتفاع في أسعار النفط، بدأ تنافس الإدارة العامة في الكويت على شراء الود السياسي، إما بالتسامح مع الهدر والفساد لمصلحة الكبار، أو بالمطالبة بمشروعات شعبوية مثل التقاعد المبكر والتسامح مع القروض وزيادات في الأجور، والكل يعرف أن الدولة سوف تعجز قريباً عن مواجهة احتياجات 400 ألف شاب وشابة قادمين إلى سوق العمل قبل نهاية رؤية «كويت جديدة» في عام 2035. ولعل في انخفاض أسعار النفط الكويتي مؤخراً، من مستوى 83.57 دولار أميركي للبرميل بتاريخ 4 أكتوبر 2018، إلى مستوى 59.27 بتاريخ 28 نوفمبر 2018 أي في أقل من شهرين، فاقدة نحو 29.1%، رسالة تحذير لإدارة عامة عاجزة عن تصور خطورة سياساتها المالية والاقتصادية غير المسؤولة.

السوق غيـر مستقر وغير مؤتمن حتى لو دام رواجه بضع سنوات
back to top