اشعلت احتجاجات «السترات الصفراء» باريس أمس واشتبكت الشرطة مع المحتجين واطلقت الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريقهم وحشدت الآلاف من عناصرها ردا على الموجة الثالثة من التظاهرات التي تسببت بأعمال شغب وصفها الرئيس إيمانويل ماكرون بـ«مشاهد حرب» السبت قبل الماضي. وفي خطوة تصعيدية غير مسبوقة، اقتحم محتجو «السترات»، وهي حركة تمرد شعبية عفوية، مطار نانت ما اضطر السلطات إلى وقف الملاحة به لفترة وجيزة.وتجمع مئات من محتجي «السترات»، ضد زيادة ضرائب الوقود وارتفاع تكاليف المعيشة، تحت قوس النصر في جادة الشانزليزيه وغنوا النشيد الوطني الفرنسي، وهتفوا باستقالة ماكرون الذي باتت الاحتجاجات تلاحقه وتهدد بتلاشي شعبيته بعد أن انخفضت إلى 20 في المئة.
حظر واعتقالات
وحظرت السلطات حركة المرور بجادة الشانزليزيه وسمحت للمشاة بالعبور عبر نقاط تفتيش غداة قيام عمال بوضع حواجز معدنية ولوحات خشبية أمام الواجهات الزجاجية للمطاعم والمتاجر الموجودة في أشهر شوارع باريس، أمس الأول.وأطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت ومدافع المياه على المحتجين الذين حاولوا كسر الأطواق الأمنية في جادة الشانزليزيه وحذر مسؤولون من انخراط مجموعات صغيرة تسعى للاشتباك مع قوات الأمن وتحدي سلطة الدولة ضمن صفوف التظاهرات.وذكرت الشرطة أنها اعتقلت 107 أشخاص وقالت إنها قامت بعملية إخلاء جزئي بالقوة لمحتجين عن محيط قوس النصر، وسط مخاوف من تسلل مجموعات تنتمي لأقصى اليمين وأقصى اليسار إلى «السترات».حشد وإحصاء
ونشرت الأجهزة الأمنية 5 آلاف من أفراد الشرطة والدرك في باريس مقابل نحو ثلاثة آلاف تصدوا لتظاهرات السبت الماضي، كما نشرت 5 آلاف شرطي آخرين عبر البلاد لمواجهة تظاهرات أخرى لـ«السترات الصفراء» واحتجاجا نقابيا على البطالة ومظاهرة منفصلة ضد العنصرية.وحلقت مروحيات أمنية فوق باريس بكثافة لضبط الأمن بعدما تسببت كثافة الغاز المسيل للدموع في انخفاض مستوى الرؤية.من جهته، قال رئيس الوزراء ادوارد فيليب إن محتجين قطعوا عددا من الطرق حول باريس وتعهد بمواجهة أعمال الشغب، مضيفاً أن 36 ألف متظاهر في الشوارع منهم 5500 في مدينة باريس.فشل الحوار
في هذه الأثناء، رأت الأوساط السياسية في باريس أن مساعي السلطات الفرنسية للحوار مع الحركة الاحتجاجية دخلت في طريق مسدود، مشيرة إلى أن معظم الممثلين عن «السترات» الذين دعاهم رئيس الوزراء أمس الأول إلى قصر ماتينيون للحوار لم يلبوا الدعوة. وذكرت تقارير أن اثنين من أصل ثمانية دعاهم فيليب حضروا للقصر، الأول وصل متأخراً، وخرج قبل بدء اللقاء بسبب رفض الحكومة أن يتم تصوير اللقاء، والثاني دخل من باب خلفي ولم يرغب في الكشف عن هويته مخافة ردود فعل غاضبة أو عنيفة من أصحاب «السترات».وفي ظل ما اعتبرته الأوساط «فشلا ذريعا» لإطلاق حوار مع «السترات» فإن الحكومة فضلت تأجيل الإعلان عن الترتيبات العملية للاستشارات الواسعة التي تعتزم تنظيمها على مدى ثلاثة أشهر، إلى الأسبوع المقبل.ماكرون وهولاند
وأفادت التقارير بأن الرئيس الفرنسي حرص على متابعة الوضع بانتظام عبر هاتفة المحمول، خلال وجوده في بيونس ايرس للمشاركة في قمة مجموعة العشرين، لكنه لم يتأخر في الرد على الرئيس السابق فرانسوا هولاند من دون أن يسميه، والذي دخل على خط انتقاد سياسة ماكرون عندما التقى ممثلين عن «السترات الصفراء» وأعرب عن تأييده لتحركهم. ورد ماكرون، بحسب تقارير فرنسية، ساخراً من سلفه وملمحا إلى الجمود الذي طغى على ولايته الرئاسية.وتشير «السترات الصفراء» إلى السترات الفوسفورية التي يتعين على جميع السائقين في فرنسا تزويد سياراتهم بها، وتتمتع الحركة بشعبية واسعة النطاق ولا يوجد لها قائد.