«شبلي ملاط شاهداً»... الأدب اللبناني بين الوطن ومهاجر أميركا الجنوبية
أطلق مركز التراث اللبناني في الجامعة اللبنانية الأميركية كتاباً جديداً بعنوان «شبلي ملاط شاهداً: الأدب اللبناني في النصف الأول من القرن العشرين بين أرض الوطن ومهاجر أميركا الجنوبية»، وضعه الدكتور هيام جورج ملاط، جامعاً فيه نصوصاً وقصائد ومراسلات بين جده «شاعر الأرز» شبلي ملاط وأصحاب الصحف في البرازيل والمكسيك والأرجنتين والمكسيك وكولومبيا.
افتتح رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور جوزف جبرا اللقاء حول كتاب «شبلي ملاط شاهداً: الأدب اللبناني في النصف الأول من القرن العشرين بين أرض الوطن ومهاجر أميركا الجنوبية»، مشيراً إلى «دأب المؤلف الدكتور هيام ملاط المشهود له بالكفاءة والالتزام والعطاء والإخلاص، في قيامه بهذا الإنجاز الأدبي بما لديه من علاقة وثقى مع تلك الأرض الشاسعة، البعيدة، الغنية، المعطاء، لينقل عطاءات ناسنا فيها، ويضعنا في حقبة من زمن، من خلال وثائق وصحف ونصوص نشرت في دول عدة في أميركا الجنوبية في حقبات عدة من التاريخ، بين لبنانيين راحوا بعيداً، وآخرين ظلوا هنا، فقام رابط العطاء والإبداع، يؤطر صورة لبنان وبنيه، رسل حضارة وفكر وتفوّق».
رياح الهجرة
في كلمته التي ألقاها في المناسبة أوضح مدير مركز التراث اللبناني الشاعر هنري زغيب أن «مهاجرنا الأميركية الجنوبية شمس أخرى من أدبنا المهجري الذي شع من أميركا الشمالية، وذاع وشاع حتى كاد يطغى على جنوبيها. فمساء اجتمعت كوكبة شعراء وأدباء في «صومعة» جبران النيويوركية، لم يكونوا يحدسون بما سيكون لـ«الرابطة القلمية» من صدى وصل رجه إلى العالم العربي، وعبر من الشمال الأميركي إلى الجنوب فتلقفه موهوبون ودودون في لبنانيتهم وإخلاصهم للغتهم الأم، حملتهم رياح الهجرة إلى لبنانات أرزية، فكانت «العصبة الأندلسية». وإذا صدى «الرابطة القلمية»، بفضل جبرانها وميخائيلها، أسال في لبنان ومحيطه العربي حبراً وفيراً، فصدى «العصبة الأندلسية» لا يقل نهضة وقيمة، لكنه لم يحظ بما يستحق من انتشار، فبقي معظم نتاجها نصوصاً مبعثرة».أضاف: «هكذا غاص هيام ملاط على إرث جده «شاعر الأرز» شبلي ملاط، وكشف نصوصاً نضرة في زمانها، شاهدة على ما كان، فانتعشت تلك النصوص من غفوتها في «العصبة» و«الخواطر» و«الإصلاح» و«الفصول» وسواها، ووجدت هواءها الجديد بفضل حفيد جدَّد حضور جده في ذاكرة لبنان الناصعة، بحفاظ مسؤول، وحفظ أمين، ودأب جلود، وبحث أكاديمي رصين، فعادت إلى الحياة نصوص شعراء وأدباء ورسائلهم، جسراً أدبياً بين لبنان و«لبنانات» أميركا الجنوبية، بين شاعر الأرز وأبناء الأرز، بين شبلي ملاط وأشبال شعر ونثر».
حسرات الهجرة
حول كتابه الجديد أشار الدكتور هيام ملاط إلى أنه منذ فترة طويلة تراوده فكرة البحث عن وسيلة فضلى لإحياء التراث اللبناني المنتشر في أميركا الجنوبية والتفاعل بين أدباء الانتشار والأدباء المقيمين. أضاف: «زادني رغبة في إتمام هذا المشروع ما أودعني إياه جدي شبلي ملاط من مؤلفات ووثائق وصحف ومجلات، وما تمكنت من إضافته حول علاقاته مع أدباء المهاجر في أميركا الجنوبية. هكذا ولد هذا الكتاب دراسة موثقة عن تلك الحقبة، لا للشهادة فقط بل تشجيعاً للباحثين والمفكرين الذين، آجلاً أم عاجلاً، عليهم الانكباب على دراسة وإعادة نشر تراث أدب المهجر والإضاءة عليه».وختم: «قضية هجرة اللبنانيين إلى الخارج كانت من كبار حسرات جدي، خصوصاً أنها حرمته من أصدقاء كثر نشأ معهم وترعرع في مسقط رأسه بعبدا وفي قرى ومناطق أخرى من لبنان. وهو لم يترك مناسبة إلا أشار فيها إلى هذه الهجرة التي جذبت خيرة شباب لبنان الطامحين إلى مستقبل مزدهر، مع حسرته على انعدام التواصل مع الأجيال الجديدة في تلك المهاجر، وهو القائل عام 1934 في قصيدته «تحية للمهاجرين»: «ليت الأحبة في المهاجر عندهم ما عندنا لهم من الأشواق/ إني أخاف غدا تطور نسلهم وجفاف ذاك الميل في الأعراق».
منذ فترة تراود د. هيام ملاط فكرة البحث عن وسيلة فضلى لإحياء التراث اللبناني في أميركا الجنوبية