ماذا أعددنا لما بعد «داعش»؟ رؤية تقويمية
![د. عبدالحميد الأنصاري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928789945225900/1555928807000/1280x960.jpg)
أولاً: فقه المقاصد العليا للإسلام: وهي الغايات الكبرى للتشريع الإسلامي، التي تبين الحكمة من وراء الأحكام، مثل: مبادئ العدل، وكرامة الإنسان، وحقوقه، وحرية إرادته، والعدالة الاجتماعية، والفضائل والأخلاقيات... إلخ، علينا قراءة النصوص الدينية، وما انتقل إلينا من أقوال الفقهاء القدامى، بما يتفق وهذه المقاصد، وفِي هذا الصدد ينبغي الإشادة بجهود الفقهاء والباحثين المغاربة في تفعيلهم وتطويرهم وبلورتهم للفكر المقاصدي، حتى أصبح تخصصاً علمياً مستقلاً، انظر على سبيل المثال: دراسات وبحوث المفكرين: د. أحمد الريسوني، و د. جاسر عودة، في فقه المقاصد. في تونس هذه الأيام، جدل مثار حول تشريع يساوي بين الجنسين في الميراث، تفعيلاً لفقه المقاصد.ثانياً: مواثيق حقوق الإنسان الدولية: التي صادقت عليها دولنا والتزمت بتعديل تشريعاتها وأوضاعها السياسية والاجتماعية والتعليمية وفقها.ثالثاً: دولة القانون والمواطنة: فلا سلطة تعلو سلطة القضاء المستقل، ولا امتيازات خاصة أو تفرقة بين المواطنين في حقوق المواطنة بسبب الأصل أو الجنس أو المعتقد. رابعاً: الكرامة الإنسانية: كرامة الإنسان، بغض النظر عن دينه أو عرقه أو جنسه، هي غاية الغايات في ديننا، بمقتضى قوله تعالى "ولقد كرمنا بني آدم"، فلا يجوز لأحد أن ينتهك حقاً من حقوق هذا المخلوق الذي كرمه الخالق، بنفسه، عز وجل. خامساً: فقه المصلحة العليا للدولة والمجتمع: لفقهائنا القدامى والمعاصرين جهود مقدرة في هذا الباب، ينبغي علينا، أبناء هذا العصر، تفعيلها، ففي الماضي، رأى "نجم الدين الطوفي" رعاية المصلحة أصلاً شرعيا مخصصاً للنص عند التعارض، وفِي زمننا، ذهب "جمال البنا" إلى أن الدين جاء من أجل الإنسان، فإذا تعارض النص مع المصلحة، أولنا النص بما يفعل المصلحة.سادساً: ثوابت الدين القاطعة، وقيمه الأخلاقية الخالدة، والمبادئ والكليات العامة. ختاماً: الفكر الداعشي، لم يهبط علينا من السماء، بل هو نبت شيطاني ظهر في أرضية اجتماعية موبوءة بآفات فكرية مسمومة، وبعد تجربة "داعش" الكارثية المريرة، التي أودت بحياة الآلاف، وهجرت الآلاف من ديارهم، واغتصبت الآلاف من الأزيديات وتاجرت بهن كسبايا، ودمرت مدناً حضارية وآثاراً تاريخية، وأساءت إلى صورة الإسلام في عالمنا اليوم، ينبغي على الدول العربية، وانطلاقاً من واجبها الديني والوطني والأخلاقي، إجراء مراجعة واسعة لنظامها التعليمي وخطابها الديني والثقافي لتحصين المجتمع والشباب من الفكر المتشدد.مرحلة ما بعد "داعش"، تتطلب مناهج تربوية جديدة، وتطويراً للخطاب الديني، واهتماماً بتدريس (الفلسفة)، فالمنهج الفلسفي بما يتضمنه من التفكير النقدي التحليلي، يعصم الطالب من التطرف والإرهاب.* كاتب قطري