رغم الاتصالات لاحتواء الموقف، بات لبنان مهددا بانكشاف أمني، مع تسارع التطورات إثر توجه قوة من "شعبة المعلومات" في قوى الأمن الداخلي إلى بلدة الجاهلية في منطقة الشوف بجبل لبنان، وعملت على تطويق منزل رئيس تيار "التوحيد"، الوزير السابق وئام وهاب، المقرب من حزب الله، لإبلاغه بمذكرة الإحضار للاستماع إلى إفادته، حيث وقع اشتباك مسلح بين أنصاره والقوى الأمنية، مما أدى إلى مقتل محمد أبو ذياب (أحد مرافقي وهاب) وانسحاب الأمن بعد تعذّره إحضار رئيس "التوحيد".

وشيعت البلدة ظهر أمس قتيلها في أجواء متوترة ومشحونة، حيث لم يتوان وهاب عن رمي الاتهامات السياسية في معرض نعيه لمرافقه، مصوبا كلامه باتجاه "مثلث الإجرام"، كما وصفهم، رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، ومدعي عام التمييز، القاضي سمير حمود، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي، عماد عثمان، كما توجه الى رئيس الجمهورية ميشال عون بالقول: "فخامة الرئيس، ائتمناك على أرواحنا ومستقبل أولادنا، ليأتي سعد الحريري ويضغط على القضاء، ليغطي سمير حمود جريمة أمام بيوتنا".

Ad

محاسبة الحريري

وأكد وهاب أن "سلامة الجبل وسلامة لبنان أهم منّا، ولكن تجب محاسبة الحريري وحمود وعثمان"، مشيرا إلى أن "الهدف من عملية شعبة المعلومات كان قتله شخصيا"، وكان هناك قناص مكلف من قبل عثمان".

وكشف أنه "اتصل بالقاضي حمود من أجل الحضور للإدلاء بإفادته بناء على طلب وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي، إلا أنه لم يُجب، لأن الأمر كان محضراً"، معلنا أنه سيتقدم "بدعوى ضد كل من الحريري وعثمان وحمود اليوم". وختم: "القضية لدى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وسأنفذ ما يقوله"، مشيرا إلى أن "تدخل الحزب جنبنا مذبحة".

وقال وهاب خلال تشييع مرافقه: "دمك أمانة في عنقي، وقريبا سننصب لك نصبا تذكاريا على مدخل الجاهلية، لأنك دفعت ثمنا دفاعا عن كرامتنا وكرامة هذا الجبل، سألاحق قضيتك وسيبقى دمك وصمة عار على جبين الذي اتخذ القرار السياسي والذي نفذ عملية الاغتيال بقيادة المدعو عماد عثمان، وبأوامر مباشرة من سعد الحريري وسمير حمود، وهذا أمر لن نتهاون به، وكل قطرة منه ستدفعون ثمنها غاليا".

وأضاف: "كلنا ثقة بالرئيس ميشال عون والجيش الذي تلافى فتنة كبيرة خلال اليومين الماضيين وحمى الجبل وحمى لبنان، في هذه المناسبة أؤكد أننا سنفعل كل شيء ضمن القانون، والقانون يحمي الجميع لكن ليس القانون المنحاز".

ووجه وهاب نداء الى رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال ارسلان "لنكون صفا واحدا، نحن مستعدون لنضع اليد باليد كلنا كفريق واحد برعاية شيخ عقلنا نصر الدين الغريب الذي بايعناه وما زلنا كشيخ عقل لطائفة الموحدين الدروز".

من ناحيته، أكّد ارسلان، أنّ وهاب لم يكن هاربًا لكي يُصار إلى تبليغه بهذا الأسلوب الأرعن، "عائلاتنا وأعراضنا في الجبل ليست مستباحة لأحد وعلى الدولة تحمّل مسؤوليّتها"، مشدّدًا على أنّه "إذا كان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط هو حامي الجبل فعلى أمن الجبل السلامة". وأضاف: "مبروك للنائب السابق وليد جنبلاط على استباحة الجبل والقرى تحت شعار تطبيق القانون القائم على الصيف والشتاء تحت سقف واحد، ومبروك تزايد قوتك نتيجة الهبل بإدارة شؤون ما يسمى بالمعارضة الدرزية، ومبروك لفرع المعلومات".

نعي «الاشتراكي»

وغداة زيارة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الى بيت الوسط، توجه الحزب "التقدمي الاشتراكي" بالتعزية إلى عائلة أبو ذياب وعموم أهالي الجاهلية. وقال الحزب في بيان أمس: "كنا بغنى عن هذه الخسارة الأليمة وعن كل ما جرى نتيجة الحالة الأمنية الشاذة التي يمثّلها البعض، والتي طالما استهدفت استباحة الجبل في أمنه وسلمه".

يذكر أن رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي"، النائب السابق وليد جنبلاط، وبالتزامن مع عملية إحضار وهاب كان قد أعلن من "بيت الوسط" بعد لقائه الرئيس الحريري، أمس الأول، أنه يؤيد الإجراءات، واصفا وهاب من دون أن يسميه بأنه "حالة شاذة يهدد السلم الأهلي".

وأوضحت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تفاصيل حادث أمس الأول، وقالت في بيان مساء أمس الأول، إنه "بوصول القوة الى حرم منزل وهاب، تبين أنه قد عمد الى الفرار من المنزل قبل وصول القوة الى مكان مجهول داخل البلدة، بعد أن أقفل هواتفه، ولم يستطع أقرب المقربين منه التواصل معه".

وأضافت: "عند التأكد من عدم وجوده في منزله، وبناء على إشارة النيابة العامة التمييزية، غادرت القوة المكان. فحصل على أثرها إطلاق نار كثيف مصدره المباني المجاورة لمنزل وهاب من قبل مجهولين، يجري العمل على تحديد هويتهم، بغية إجراء المقتضى القانوني بحقهم".

وتابعت: "أشارت النيابة العامة التمييزية بتنظيم محضر واستماع إفادة مختار البلدة أجود بو دياب، الذي وجد في المكان قبل وأثناء وبعد وصول القوة الى منزل وهاب، الذي أكد ما ورد أعلاه، وصرح بأن القوة لم تطلق أي عيار ناري".

ولفتت إلى أنه "لدى مغادرة القوة بلدة الجاهلية، قام بعدها مناصرو وهاب بإطلاق النار من أسلحة مختلفة بشكل عشوائي، مما أدى الى إصابة أحد مرافقي وهاب المدعو محمد أبوذياب في خاصرته".

وختمت: "أشارت النيابة العامة التمييزية بتسطير منع سفر بحق وهاب، ومخابرة النيابة العامة العسكرية في موضوع عملية إطلاق النار من قبل مناصريه، فتم ذلك"، وصدر أمس منع سفر بحق وهاب.