أثارت «الخضة الأمنية» في بلدة الجاهلية، بمنطقة الشوف بجبل لبنان، مخاوف من انكشاف أمني يصيب البلاد، التي تعيش أزمة تشكيل حكومة جديدة، احتدمت أخيراً مع رفض رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري شرط «حزب الله» بتوزير أحد النواب السنة المستقلين. الأزمة التي أثارها رئيس حزب التوحيد الوزير السابق وئام وهاب، المقرب من حزب الله ودمشق، بدأت بتعرضه للحريري بشكل مسيء، الأمر الذي دفع أنصار تيار «المستقبل» للنزول إلى الشوارع احتجاجاً، كما نزل أتباع وهاب بسلاحهم في منطقة الشوف، رداً على انتقادات الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لتصريحات وهاب المسيئة.
على إثر ذلك، أصدر المدعي العام للتمييز القاضي سمير حمود مذكرة إحضار لوهاب للاستماع إلى إفادته، وكلف «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي إبلاغه الدعوى. وأمس الأول، توجهت قوة إلى «الجاهلية» معقل وهاب، وطوّقت منزله لإبلاغه بالمذكرة، لكن الوزير السابق توارى عن الأنظار، وانسحبت القوة لتفادي الاشتباك مع أنصاره المدججين بالسلاح، وخلال ذلك وقع إطلاق نار أدى إلى وفاة أحد مرافقي وهاب، المدعو محمد أبوذياب.وبينما شيعت «الجاهلية» قتيلها، أمس، بأجواء مشحونة، لم يتوانَ وهاب عن رمي الاتهامات السياسية، مصوباً كلامه باتجاه «مثلث الإجرام»، كما وصفهم، الرئيس الحريري، والقاضي حمود، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي عماد عثمان.
وقال خلال تشييع مرافقه: «دمك أمانة في عنقي... سيبقى دمك وصمة عار على جبين الذي اتخذ القرار السياسي والذي نفّذ عملية الاغتيال بقيادة المدعو عماد عثمان، وبأوامر مباشرة من الحريري وحمود، وهذا أمر لن نتهاون فيه، وكل قطرة منه ستدفعون ثمنها غالياً»، مؤكداً أن «سلامة الجبل وسلامة لبنان أهم منّا، ولكن تجب محاسبة الثلاثة».وأضاف: «كلنا ثقة بالرئيس ميشال عون والجيش الذي تلافى فتنة كبيرة خلال اليومين الماضيين وحمى الجبل ولبنان»، مؤكداً أن «القضية لدى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وسأنفذ ما يقوله».من ناحيته، رفض رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد «التعرض الشخصي لا للأحياء ولا للماضين»، لكنه اعتبر إرسال قوة لتبليغ وهاب «أمراً فيه تجاوز للقانون، ويخفي نية اعتقال لإذلال الشخص المطلوب وسوقه خلال أيام العطل ليبقى محتجزاً حتى يبيت يومي الاثنين والثلاثاء».وكان ياسر الصفدي، مدير مكتب وهاب، قال إن «حزب الله لا يترك حلفاءه»، مشيراً إلى أنه «وصلت رسالة من رأس الهرم بالحزب بأنهم مع وهاب حتى النهاية».هذه التطورات دفعت المراقبين إلى التساؤل عما إذا كانت هذه الأزمة رسالة من حزب الله للحريري لدفعه إلى القبول بشروطه لتشكيل الحكومة، وهو ما ألمح إليه النائب عن «حزب الله» نواف الموسوي بقوله: «مازلنا نتعاطى بحكمة، والدليل أن حكمتنا هي التي حالت دون إدخال البلاد في أتون فتنة يعلم الله مداها، فنحن من أنقذ البلد»، أم هي رسالة من دمشق لجنبلاط، بحسب تلميح النائب طلال أرسلان عندما خاطب الأخير، أمس: «مبروك تزايد قوتك نتيجة الهبل بإدارة شؤون ما يسمى بالمعارضة الدرزية».في المقابل، يتساءل مراقبون من الفريق السياسي الآخر، عن أهداف محاولة إحضار وهاب بالقوة - وهو أمر غير عادي في لبنان - وإذا ما كان ذلك مرتبطاً بأجندة خارجية إقليمية أو حتى دولية؟