في كلمته في الملتقى الخامس «إشكالية المصطلح والمفهوم في علوم الاتصال في الوطن العربي» أكد

د. هيثم قطب، نائب رئيس «الرابطة العربية للبحث العلمي وعلوم الاتصال»، أن عنوان الملتقى ينبع من إشكالية حاصلة ولا بد من معالجتها علمياً.

Ad

وأضاف: «اختلاف المصطلح موجود في اللغات الكبرى كافة. على سبيل المثال لا الحصر، ثمة اختلاف في المصطلح بين فرنسية فرنسا وفرنسية كندا وسويسرا وبلجيكا وأفريقيا. وتنسحب الملاحظة على اللغة العربية، لغة الاثني وعشرين بلداً عربياً علاوة على ما يقارب أربع مئة مليون ناطق بلسان الضاد. ولكل من هذه الأقطار ثقافته المختلفة، وسبل احتكاكه مع ثقافات دول وشعوب أخرى. فهذا البلد له علاقات مع دول أنكلوفونية وهذا الآخر له وشائج مع دول فرنكوفونية أو ناطقة بالاسبانية. كل هذه العوامل تؤدي دوراً في اختيار ذلك المصطلح أو ذاك».

أشار إلى أن ثمة اختصاصيين يرون في تعددية المصطلح مشكلة يجب معالجتها، في حين أن آخرين يرون فيها نتيجة حتمية للتعدد الثقافي وسبباً لإغناء اللغة.

مباحث وتساؤلات

عرض د. جمال الدين ناجي في كلمته في الملتقى خمسة مباحث طارحاً من خلالها تساؤلات، وتمحورت حول: نظريات الإعلام في مواجهة مع معرفة الآخرين والمعرفة التي راكمناها في العالم العربي. علم الاجتماع وسوسيولوجيا الاتصال والإعلام. اللسانيات وعلاقتها بمجال الاتصال. القانون وحقوق وسائل الإعلام. ممارسات وسائل الإعلام ومهنيوها ومستخدموها.

أشار إلى إمكانية إضافة مباحث أخرى كالتكنولوجيا والمعارف التقنية، والتقنين نماذج وأنماط، ومنهجيات البحث حول وسائل الإعلام وجماهيرها، وحكامة وسائل الإعلام، وأنواع تدبيرها المؤسساتي والمهني والنقابي.

ثم تناول مفهوم المعرفة العربية النظرية في ميدان علوم الاتصال، وعلم الاجتماع العربي، ووضع اللسانيات والقانون وحقوق وسائل الإعلام، وممارسات وسائل الإعلام.

المشهد المعرفي والفلسفي

أكد البروفيسور محمد محسن أن «إشكالية المصطلح والمفهوم في علوم الاتصال في الوطن العربي» أحد المؤتمرات المهمة التي تعالج دور المصطلحات اللغوية والفكرية والإعلامية والثقافية والسياسية والاجتماعية واستخداماتها المتعددة في عالم التواصل الإنساني المحلي والعالمي.

أضاف: «في ظل الانفجار المعرفي الكبير والتطور والتقدم التكنولوجي الهائل في العالم الذي حوّل التواصل الإنساني في عالمنا الحالي إلى تواصل إنساني رقمي يُحتّم على الباحثين إعادة النظر أو على الأقل إعادة تفسير المشهد المعرفي والفلسفي العام الذي يحكم تعقيدات العلاقات الشائكة بين الإنسان والتكنولوجيا الرقمية، وتقديم رؤى جديدة تنظم صيغة العلاقات على المستوى الأكاديمي بين العلوم الإنسانية بمختلف تلويناتها النظرية وبين العلوم البحتة وتأثيراتها العظيمة في الحياة والإنسان والكوكب الذي نعيش فيه».

تابع: «استخدام المصطلح في وسائل الإعلام من خلال تجارب السنوات الأخيرة الصعبة والمدمرة أحيانا في الوطن العربي قد يأخذنا إما إلى عالم الانفتاح والتواصل الإنساني والاستقرار والرفاهية، وإما إلى عالم الانغلاق والتناحر والتقاتل والانقسام، فهو سيف ذو حدين، إما يقودنا إلى الأزمات المتعددة، وإما يقودنا إلى الصلاح والإصلاح».

على الباحثين التفكير وفق المستويات التالية، بحسب البروفيسور محمد محسن: دراسة البيئة السياسية والاجتماعية للوسيلة. دراسة الوسيلة الإعلامية نفسها وعلاقتها بمختلف المؤسسات العاملة في المجتمع والعلاقة الهرمية الداخلية التي تحكم عملية الإنتاج. دراسة أسس ومعارف إنتاج الأخبار والطرائق المهنية الكلاسيكية التي تقود إلى استخدام بعض المصطلحات التي تشوه وتفتت وتشيطن أكثر مما تغطي تغطية إعلامية عادلة بعيدة عن التحيز والمواقف. دراسة الصحافي أو القائم بالاتصال نفسه حيث المهنية والخلفية الفكرية والثقافية تؤدي دوراً أساسياً في رسم الحقائق أو تشويهها. الجمهور المتلقي لنظام المصطلحات الجيدة منها والسيئة وأحياناً الحيادية، لافتاً إلى أن ذلك يعتمد على البيئة والثقافة والإطار السياسي العام لجمهور الوسيلة الإعلامية.

مساحة حرة

اعتبرت رئيسة «الرابطة العربية للبحث العلمي وعلوم الاتصال» الدكتورة مي العبدالله في كلمتها أن الرابطة تدخل في السنة الخامسة من تأسيسها ونزداد اقتناعاً بأهمية هذه القاعدة العملية البحثية الاجتماعية الأكاديمية الفكرية المستقلة، التي تشكل مساحة حرة أمام الباحثين والأكاديميين والمفكرين العرب ليتعرفوا إلى التجارب العلمية والاتجاهات والمدارس الأخرى، وليتبادلوا الخبرات والأفكار ويطوروا المناهج، ويحلوا معاً المشاكل التي تواجههم والتي تكبر مع دخول التكنولوجيا الحديثة القطاعات المختلفة لتحدث فيها تغيرات جذرية.