ما عدت أعتقد أن أي إنسان في الولايات المتحدة، حتى داعمي ترامب الأكثر وفاء، يستطيع إرجاء التفكير في السؤال الأهم المرتبط بهذه الإدارة: ماذا لو كان دونالد ترامب أو أولئك المقربون منه مخترَقين من الروس ويتآمرون معهم؟لطالما اعتبر عدد منا في اليسار أن رئاسة ترامب مخترقة، إن لم نقل إنها غير شرعية بالكامل، بسبب التدخل الروسي.
اقترفت روسيا جريمة، وهلل ترامب لهذه الجريمة واستغل غنائمها بعد ذلك ليروّج لترشيحه. هذا واضح، لكن مَن يدعمون ترامب ويدافعون عنه يعتقدون أن هذه المسألة عولجت وحُلت، قد لا تروق لهم، إلا أنهم مستعدون للتغاضي عنها. أصبح هؤلاء متعلقين جداً بترامب، حتى إنهم باتوا يعتبرون حظوظه ومصيره مرادفاً لحظوظهم ومصيرهم، فثمة علاقة روحانية ورابط خطير بين هذا الرجل وأعوانه.ولكن ماذا يحدث إذا أظهرت الأدلة، التي توصل إليها التحقيق بقيادة المستشار الخاص روبرت مولر، رابطاً مباشراً بين ترامب والروس؟ ما يكون رد فعل داعمي ترامب؟إذا كان ترامب يكذب على الشعب الأميركي أو يضلله بشأن تعامله مع روسيا أثناء ترشحه للرئاسة وإذا علم الروس أنه لم يكن صادقاً وصريحاً بالكامل وامتلكوا أدلة على ذلك، يعني هذا أنه أصبح محط شبهات.صحيح أننا لا نعلم مطلقاً ما إذا كان الروس قد استغلوا أي معلومات يملكونها لابتزاز ترامب أو حتى الضغط عليه، إلا أن جواب كوهين عن التهم الموجهة إليه يُظهر جلياً أنهم يملكون المواد التي تتيح لهم ذلك.يساهم هذا في توضيح ميل ترامب الغريب إلى التعامل برقة مع إدانة روسيا، وتصديقه كلام بوتين بدل وكالاته الاستخباراتية الخاصة، وتردده في الإقرار بأن روسيا هاجمت انتخاباتنا عام 2016 وأنها قد تواصل ذلك في المستقبل.كيف سيتفاعل الأميركيون الذين يدعمون الرئيس اليوم مع الأدلة التي تُظهر أن فريق ترامب وضع مصالحه الشخصية والمالية قبل المصلحة الوطنية؟ هل يتخلون عن دعمهم الأعمى ويبتعدون عنه وينقلبون ضده؟ وكيف يبررون تعاميهم عن الواقع طوال هذه المدة ودعمهم ترامب إلى هذا الحد؟ وأي لغة سيستخدمون ليصححوا تواطؤهم؟ثمة سابقة مع تحقيق نيكسون. فعندما ظهرت الأدلة على السوء الذي ارتُكب بوضوح لا لبس فيه، بدأ الناس يتراجعون وهم يجرون أذيال الخيبة والخزي.لكن تلك الحقبة كانت مختلفة، فلم تكن وسائل الإعلام منقسمة ومتحزبة إلى هذا الحد قبل تطور وسائل التواصل الاجتماعي وطرق تفكيرنا الراهنة غير الاجتماعية، وما كان نيكسون يملك ذراعاً دعائية، بخلاف ترامب اليوم، إذ تُدعى ذراع ترامب هذه "فوكس نيوز"، بالإضافة إلى ذلك، لا يبدو لي ترامب رجلاً ميالاً إلى الخضوع والندم أو مهتماً بصحة الأمة واستقرارها.لا أتوقع من ترامب أن يقر بأي ذنب اقترفه، حتى لو جوبه بأدلة دامغة على سلوكه السيئ، فلا أرى في تاريخه ما قد يقنعني بخلاف ذلك. على العكس، ترامب مستعد ليدعي أن الصدق كذب والكذب حقيقة.علاوة على ذلك، لا أظن أن ترامب سيتخلى عن منصبه طوعاً على غرار نيكسون، حتى لو شعر أن إدانته قريبة. لست واثقاً حتى من أنه سيتخلى عن الرئاسة طوعاً حتى لو وُجِّهت إليه التهم وتحرّك مجلس الشيوخ لإدانته، مع أن هذا السيناريو مستبعد جداً في الوقت الراهن.لا أعتقد أن هذا الوضع سيتحسن، حتى لو ازدادت الأدلة وضوحاً، لا أظن أن داعمي ترامب سيبدلون مسارهم على غرار مؤيدي نيكسون، ولا أرى أن الوقائع التي يقدمها مولر ستُعتبر دامغة وبعيدة عن كل شك، ولا أعتقد أيضاً أن ترامب سيسقط من دون أن يجر البلد وراءه.باختصار، لا أعتقد أننا بلغنا نهاية الكابوس، بل أظن أننا بدأناه لتونا، لذلك لن يزداد الوضع سهولة بل تعقيداً.يوشك البلد على خوض امتحان قاسٍ، ولم يسبق أن واجهنا اختباراً مماثلاً لجمهوريتنا، ولا نملك صورة واضحة عن النهاية التي سيؤول إليها هذا الامتحان، ولكن لي ملء الثقة ألا مفر من الضرر.* تشارلز بلو*«نيويورك تايمز»
مقالات
ماذا يحدث إذا...؟
06-12-2018