تواصل وزارة الآثار المصرية العمل لإنجاز مشروع الربط بين معبد الأقصر ومعابد الكرنك، التي تعد المعابد الفرعونية الأشهر في مدينة الأقصر ذات الطابع السياحي الأثري في جنوب مصر. يحضر في هذا السياق «طريق الكباش»، وهو ممر طويل يصطف على جانبيه 1200 تمثال لحيوان الكبش، ولكنه تأثر تاريخياً بعوامل الزمن والسرقات وعمليات البناء العشوائي، وتسعى وزراة الآثار إلى إحياء الطريق وتماثيله الأثرية التي ستخضع أيضاً للترميم.

أطلق المشروع السياحي في العام 2005، إلا أنه توقف بعد ست سنوات، في أعقاب اندلاع ثورة 25 يناير 2011، قبل أن تعاود وزارة الآثار التفكير في استكماله بعد ثورة 30 يونيو 2013، ليبدأ العمل فعلياً بطريق الكباش مجدداً خلال العام الماضي، تمهيداً لوضعه على الخريطة السياحية باعتباره أحد أهم المزارات الأثرية التي يقصدها السياح خلال زيارتهم مصر.

Ad

وقال مدير عام معابد الكرنك في الأقصر، المشرف على مشروع طريق الكباش، مصطفى الصغير، إن العمل في المشروع يسير بخطى ثابتة، مشيراً إلى الانتهاء من أعمال التطوير وافتتاحه خلال العام المقبل 2019.

وأكد الصغير ألا عقبات خلال أعمال التطوير، وأن وزارة الآثار تعمل بجدية لسرعة الانتهاء من المشروعات الجاري تنفيذها في أقرب وقت، من منطلق أن الحضارة المصرية القديمة تشكل أحد مصادر الدخل المهمة للبلاد عموماً وللوزارة خصوصاً.

وقطعت الوزارة شوطاً في تطوير وترميم طريق الكباش، الذي سيستفيد منه أهالي الأقصر من خلال زيارة السياح ليلاً في ممشى طريق الكباش، كذلك زوِّد الطريق بـ{برجولات» خشبية تتيح للسياح الجلوس عليها للراحة أثناء سيرهم على الطريق.

مواكب كرنفالية مقدسة

يعد طريق الكباش أحد أعرق الطرق التاريخية في العالم. يمتد بطول كيلومترين و700 متر وعرض 76 متراً، رابطاً معبد الأقصر بمعابد الكرنك، ويضم على جانبيه 1200 تمثال على شكل أبي الهول برأس كبش، والكبش هنا يرمز إلى الإله «آمون» ربما لحماية المعبد وإبراز محوره، الذي كان قد أطلق المصري القديم عليه اسم «وات نثر» بمعنى طريق الإله.

وكانت هذه التماثيل تنحت من كتلة واحدة من الحجر الرملي ذات كورنيش نُقش عليه اسم الملك وألقابه المختلفة، ومقام على قاعدة من الحجر مكونة من أربعة مداميك من الحجر المستخدم، نظراً إلى وجود بعض النقوش، وتقام على هيئتين، الأولى تتخذ شكل جسم أسد ورأس إنسان (أبو الهول)، والثانية تتخذ شكل الكبش ورأس الكبش كرمز من رموز الإله «آمون رع».

وقبل أكثر من خمسة آلاف عام، شق ملوك مصر الفرعونية في طيبة (الأقصر حالياً) طريق الكباش لتسير فيه مواكبهم المقدسة خلال احتفالات «أعياد الأوبت» في موسم فيضان نهر النيل كل عام، وكان الملك يتقدّم الموكب ويتبعه القوم، كالوزراء وكبار الكهنة ورجال الدولة، إضافة إلى الزوارق المقدسة المحمّلة بتماثيل رموز المعتقدات الدينية الفرعونية، فيما يصطف أبناء الشعب على جانبي الطريق، يرقصون ويهللون في بهجة وسعادة. ودُونت تفاصيل هذه المشاهد الكرنفالية على جدران المعابد الفرعونية في الأقصر.

وبادر إلى شق هذا الطريق الملك أمنحوتب الثالث، تزامناً مع انطلاق تشييد معبد الأقصر، لكن الفضل الأكبر في إنجاز «طريق الكباش» يعود إلى الملك نختنبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية (آخر أسر عصر الفراعنة).