ماي تقدم للبرلمان 3 خيارات لـ «بريكست»: اقتراحي... لا اتفاق... أو لا خروج
المشككون في أوروبا: الانقطاع الكامل أياً تكن التداعيات
لا تزال رئيسة الحكومة البريطانية المحافظة تيريزا ماي، التي أمضت 17 شهراً في مفاوضات شائكة مع بروكسل للتوصّل إلى الاتّفاق، الذي تكابد لجمع الأصوات اللازمة لإقراره، تسعى لضمان موافقة البرلمان في تصويت 11 ديسمبر المقبل، على مقترحها لاتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي يبقي على علاقات وثيقة مع التكتل بعد خروج بريطانيا منه في مارس 2019، لكنها تواجه معارضة عنيفة، إذ يحاول أنصار الخروج من الاتحاد ومعارضوه، على حد سواء، إحباط خطتها أو إخراجها عن مسارها.وفي بلد يعاني انقسامات عميقة، بعد سنتين ونصف من استفتاء "بريكست"، لوّحت رئيسة الوزراء، امس، بثلاثة اختيارات لا رابع لها، أمام أعضاء البرلمان قبيل التصويت على "بريكست".وقالت ماي لـ "هيئة الإذاعة البريطانية" (BBC)، إنها تتحدث مع نواب بشأن إعطاء البرلمان دورا أكبر في حسم مسألة الترتيب الخاص بأيرلندا الشمالية، مضيفة أن البعض في البرلمان يحاول إحباط عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي، وأنها لا تعتقد أن إجراء استفتاء آخر على الخروج هو المسار الصحيح.
وتابعت: "هناك ثلاثة خيارات: الأول هو الخروج من الاتحاد الأوروبي باتفاق، والاثنان الآخران هما الخروج من دون اتفاق أو عدم الخروج على الإطلاق". وتابعت: "من الواضح أن في مجلس العموم من يريد إحباط الخروج من الاتحاد الأوروبي والعدول عن نتيجة تصويت الشعب البريطاني، وهذا يجانبه الصواب".ويبدو أن مؤيدي "بريكست" المتشددين من حزب ماي، يرون أنه ليس هناك إلا طريق واحدة للخروج من الاتحاد الأوروبي، وهي الانقطاع الكامل أيا تكن التداعيات.وحذّروا من أنه مستحيل بالنسبة إليهم القبول بالحل التوافقي الذي توصلت إليه ماي مع بروكسل، والذي سيخضع للتصويت بعد 5 أيام.ويبلغ عدد هؤلاء المحافظين المتشددين نحو مئة، وقد أعلنوا أنهم سيرفضون الاتفاق، على غرار المعارضة العمالية، فيما لا تحظى ماي الا بغالبية ضيقة من عشرة أصوات. وحاول بعضهم أساسا الإطاحة بها عبر جمع رسائل لحجب الثقة، لكن من دون بلوغ العتبة المطلوبة من الحزب البالغة 48 رسالة. وهم مستعدون لتكرار هذا الأمر إذا رفض البرلمان اتفاق الخروج من الاتحاد الاوروبي.وحسب هؤلاء المشككين في أوروبا أو حتى المتخوفين منها، فإن هذا الاتفاق الذي ينص على بقاء بريطانيا مؤقتا في الاتحاد الجمركي الأوروبي يعني إلزامية مواصلة تطبيق بعض القواعد التي تمليها بروكسل، ويشكل خيانة لتصويت البريطانيين لمصلحة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي نظم في يونيو 2016.ووصف وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، أحد الشخصيات الأكثر معارضة للاتفاق، النص بأنه "إهانة وطنية تجعل من بريكست مهزلة"، لأنّه سيمنع لندن من السيطرة على سياستها التجارية وعلى حدودها، وذلك عند افتتاح نقاشات البرلمان الثلاثاء قبل التصويت الاسبوع المقبل.ورأى ستيف بيكر، عضو مجموعة النواب المحافظين المشككين بأوروبا "اي ار جي" (مجموعة الأبحاث الأوروبية)، أن النواب البريطانيين "يجب ألا يخافوا من الانسحاب من دون اتفاق"، مما سيعني رفع الرسوم الجمركية ومراقبة الحركة على الحدود.ويقول رئيس هذه المجموعة جاكوب موغ، إن الخروج من دون اتفاق سيعطي دفعا للاقتصاد البريطاني، رغم التوقعات المتشائمة للاقتصاديين و"بنك انكلترا" وتحذيرات متكررة من أوساط الأعمال.واعتبر نيك كوهين، كاتب الافتتاحية في صحيفة "ذي أوبزرفر"، أن موقف أعضاء هذا الحزب ينطوي على منطق سياسي جدا. وكتب: "لم يخفوا أبدا أن طموحهم هو العودة الى الحماية الاجتماعية للعمال"، مضيفا ان "مغادرة الاتحاد الاوروبي يمكن أن تحقق حلمهم".لكن هذا الموقف ليس خاليا من المخاطر، ففي حال رفض النواب اتفاق ماي، فإن حزب "العمال"، أبرز أحزاب المعارضة، يعتزم الاستفادة من ذلك لمحاولة تنظيم انتخابات عامة جديدة مبكرة على أمل اطاحة المحافظين من السلطة التي يتولونها منذ ثمانية أعوام.في هذه الأثناء، بدأ في بروكسل الاستعداد للتصديق على الاتّفاق. وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس: "بالطبع يجب أن نعرف نتيجة مناقشات البرلمان البريطاني والتصويت. لكنّنا نستعدّ".وفي لوكسمبورغ، أعلنت محكمة العدل الأوروبية، أمس، أنها ستصدر الاثنين المقبل حكما يراقب عن كثب ما إذا كان بوسع بريطانيا إلغاء قرارها بمغادرة الاتحاد الأوروبي، وذلك قبل يوم واحد من تصويت أعضاء البرلمان البريطاني على "بريكست".