شكراً يا صاحب السمو...

الشكر موصول إلى سموك دائماً، إلا أنني أجدده اليوم، وإن جاء متأخراً أكثر من ربع قرن، بعد أن عرفت حقيقة جديدة، وهي ليست بغريبة على إنسانيتك في تصديك لما تراه مخالفاً للقانون والدستور.

• مما قاله لي منذ أيام قليلة عضو مجلس الأمة النائب السابق مبارك الخرينج، والذي كنت جئت على سيرته أثناء اللقاء معي في برنامج "الصندوق الأسود"، حيث أشرت إلى الدور الإيجابي الذي لعبه في قضية كانت سبباً مباشراً في تشريدي من وطني، ثم لحق بي فيما بعد أطفالي طوال عدة سنوات، وذكرت في البرنامج كيف مُنعت من دخول وطني، بعد أن كنت أمثله في مؤتمر، وعندما عدت من ذلك المؤتمر لم يُسمح لي بدخول الكويت، وطُلب مني قسراً مغادرة البلاد فوراً، فقلت لهم: إذا كنت مرتكباً خطأً فحاكموني، ولكنهم لم يعيروا ما قلته اهتماماً، فأُجبرت على مغادرة وطني إلى البحرين فأبوظبي ثم إلى لندن.

وشرحت بعض التفاصيل الأخرى، وكيف أن هذا المنع كان مخالفاً لمواد الدستور، لأنه صادر عن حالة مزاجية من مسؤولين كبار في "الداخلية"، وشرحت كيف كانت محاولات العديد من الشخصيات الكويتية للعمل على إلغاء ذلك المنع، ولكنها باءت بالفشل، خصوصاً أن جواز سفري كان يجب أن يجدد لتكون إقامتي في بريطانيا قانونية، ولكن للأسف لم تفلح كل تلك المحاولات.

• إلى أن تكفل بالموضوع السيد مبارك الخرينج، الذي لاحقه ملاحقة جادة حتى أنهاه تماماً، ثم هاتفني في لندن وأخبرني: الحمد لله، إن موضوعك انتهى على خير، وتستطيع القدوم إلى وطنك وقتما تشاء، فصفحتك الآن بيضاء... ذكرت هذه الحادثة في اللقاء، وقلت: "إنني أدين بالفضل للسيد مبارك الخرينج، الذي أزاح عن كاهلي تلك الغمة المزاجية اللاقانونية".

***

• في الأسبوع الماضي، الذي بُث فيه البرنامج، تلقيت مكالمة هاتفية من السيد مبارك الخرينج من الكويت، وأنا في لندن، ليخبرني بحقيقة لا أبالغ –يا صاحب السمو– إذا ما قلت: إنني تلقيتها وأنا أشهد حزنك الصادق والعميق عندما قلت "إنهم أولادي" عقب ذلك الحادث المؤلم، فاستقبلت ما قاله لي الأخ الخرينج بالدموع، بعدما أخبرني أنه ظل محتفظاً بهذا السر منذ أكثر من ربع قرن، ولكنه عندما شاهدني أتوجه إليه بالشكر، لما فعله من أجلي، قال لي: ليس أنا من يستحق الشكر، بل عليك أن تتوجه بالشكر إلى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، لأنني حينما تصديت لإنهاء موضوعك ذهبت إليه وشرحت له موقف إبعادك عن وطنك، وأنك تريد دخول الكويت لتجديد جواز سفرك، لكن منع دخولك يحول دون ذلك.

فما كان من صاحب السمو إلا أن أمر باتخاذ كل الإجراءات لرفع منع دخولك إلى وطنك، بل قال لمن يعطيه هذا الأمر:

"إذا لم يُسمح بدخول الدكتور نجم عبدالكريم الكويت وتجديد جواز سفره في الحال فسأعطيه أنا جواز سفر".

• وأضاف السيد الخرينج قائلاً: أنا مستعد أن أقول هذا الكلام في لقاء تلفزيوني، فلولا موقف صاحب السمو باتخاذ هذا الإجراء الإنساني كان الله أعلم ماذا سيكون مصيرك.

***

• فبكل الوفاء أشكرك يا صاحب السمو لما شملتني به من عطف إنساني كما تشمل الوطن، كل الوطن، بإنسانيتك النادرة في هذا الزمن.