خفض أسعار النفط... لماذا يجب أن يكون آخر شيء يتمناه ترامب؟
علاقة الاقتصاد الأميركي بالنفط آخذة في التغير، ففي الماضي عندما كانت تستورد الولايات المتحدة معظم احتياجاتها من الطاقة، كان انخفاض أسعار النفط يشكل دعما للأسر والشركات، وبطبيعة الحال، قاد ذلك الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى التزايد، بحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال".لكن العلاقة أصبحت الآن أكثر تعقيدًا، ففي الوقت الذي تعاظمت مكانة الولايات المتحدة بين المنتجين حتى أصبحت أكبر بلد منتج للنفط في العالم هذا العام، أصبح جزء متزايد من الاستثمار المحلي وناتج التصنيع وسوق العمالة مرتبطًا بالنفط.ووفق هذه الطبيعة الجديدة، فإن انخفاض أسعار النفط قد يضر بالاستثمار والتوظيف ومواطن أخرى مهمة للاقتصاد، وفي الوقت نفسه، أدى الانتقال على مدار عقود نحو كفاءة أكثر في استخدام الطاقة، إلى جعل الشركات والمستهلكين أقل حساسية للأسعار، مما يعني أنهم لا يستفيدون كثيرًا عندما تنخفض الأسعار.
تغير المعادلة
- مازال بعض الاقتصاديين يعتقدون أن انخفاض أسعار النفط يشكل دعما خالصا لاقتصاد الولايات المتحدة، بيد أن الطفرة التي تشهدها هذه الصناعة في البلاد أدحضت هذا الاعتقاد الذي تبناه الكثيرون بمن فيهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي طالب مرارًا وتكرارًا الدول المنتجة بالعمل على الحد من ارتفاع الأسعار.- إذا استمر انخفاض أسعار النفط (بعدما فقدت نحو ثلث قيمتها في أقل من شهرين) فقد يربك ذلك شركات النفط ويهدد خططها للإنفاق الرأسمالي للعام المقبل، وربما ينتهي بتخفيض ميزانيتها.- يعلق إيان شيبردسون، كبير الاقتصاديين لدى "بانثيون ماكروإيكونوميكس"، على تغريدات ترامب الأخيرة الداعية لخفض أسعار النفط، قائلًا: مازال يعيش في العالم القديم، هذا هو آخر شيء يجب أن يتمناه. - في الماضي، ركّزت صناعة النفط الأميركية على خليج المكسيك، حيث كانت تحتاج إلى استثمارات ضخمة لتطوير الآبار في المياه العميقة، وضخ كميات هائلة من النفط مدة عقد أو أكثر بتكاليف تشغيل منخفضة نسبيًا، وبطبيعة الحال هيمنت شركات كبرى مثل "إكسون" و"شل" على هذه الأعمال.- نتيجة لذلك، لم يكن الاستثمار في الطاقة يتأثر (إلى حد ما) بتقلبات الأسعار القصيرة الأجل، في حين شكّل انخفاض أسعار البنزين دعمًا فوريًا للمستهلكين، إذ توفر لديهم المزيد من السيولة التي ادخروها أو أنفقوها على السلع والخدمات الأخرى، ثم تغيرت المعادلة. - يقول مارتن ستورمر، كبير اقتصاديي الأبحاث لدى الاحتياطي الفدرالي في دالاس، إن السيارات الموفرة للوقود والتحول الممتد منذ فترة طويلة بعيدًا عن الصناعات الثقيلة، يعني أن الاقتصاد الأميركي يستهلك 0.4 برميل من النفط فقط لتوليد ما قيمته ألف دولار من الناتج المحلي الإجمالي، انخفاضًا من 1.1 برميل في عام 1972.صناعة النفط الأميركية مُهددة
- على النقيض من ذروة النشاط في خليج المكسيك في الماضي، يتم الآن استخراج معظم النفط الأميركي من المواقع الصخرية، وبما أن الآبار تستنفد سريعًا، فإن العمل يتطلب عمليات حفر شبه متواصلة بواسطة جمع من الشركات الأصغر، التي تعتمد كثيرًا على الديون، مقارنة بشركات النفط التقليدية.- هذا يجعل الإنتاج والاستثمار أكثر حساسية لخفض الأسعار، والذي قد يؤدي إلى حالات إفلاس مفاجئة أو انخفاض التدفقات النقدية التي تضغط بقوة على خطط الاستثمار لدى هذه الشركات.- شركات النفط الصخري مثل "إي أو جي ريسورسز" و"وايتنغ بتروليوم"، وصفت السعر الحالي للخام الأميركي قرب 50 دولارًا للبرميل، بأنه نقطة انعطاف من شأنها تقليل عمليات الحفر.- قال كريس رايت، الرئيس التنفيذي لشركة "ليبرتي أويل فيلد سيرفيسز" لعمليات التكسير الهيدروليكي: إذا انخفض سعر النفط إلى 40 دولارًا واستقر عند هذا المستوى، فسنرى انخفاضًا في الإنفاق بجانب تباطؤ نمو الإمدادات. - بعد أشهر من بدء هبوط أسعار النفط في منتصف عام 2014 تباطأت عمليات الحفر، وبحلول أواخر عام 2016، انخفض الاستثمار الخاص في أعمال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي بمقدار الثلثين، وألغت الصناعة نحو 190 ألف وظيفة.