البدون والطريق المسدود!
يتوهم من يعتقد أن قضية البدون سوف يطويها الزمن، ومخطئ من يفكر أن أساليب الضغط والتهديد والتجويع سوف تغلق هذا الملف، وجاهل من ينظر إلى البدون من منظور أمني في زمن الانفتاح والعولمة والاستثمار في المورد البشري، وقصير النظر من يحاول اختزال قضة البدون في التجنيس دون مراعاة مبادئ حقوق الإنسان.
هل وصلت قضية البدون إلى طريق مسدود؟ هذا عنوان لندوة جماهيرية يحل فيها الرئيس أحمد السعدون على جمعية أعضاء هيئة التدريس في رحاب الحرم الجامعي بالشويخ، ومشاركة العم "بو عبدالعزيز" في الحديث حول هذا الموضوع لا شك أنها إثراء كبير ليس لرمزية الرجل ومصداقيته الوطنية فقط، بل يضاف إلى ذلك مواكبته التاريخية لمسار قانون الجنسية والتعديلات عليه، وما يتمتع به من قاعدة بيانات، عادة ما يستخدمها "بو عبدالعزيز" كحجة ودليل، مستمدة من الأرقام والتقارير الحكومية الرسمية.قضية البدون، وما تحمل من آلام ومظالم، انحسرت نتيجة للظروف السياسية التي عاشتها الكويت خلال السنوات الماضية، وبسبب أدوات الضغط والملاحقة القانونية التي لجأت إليها الحكومة في إسكات أي صوت معارض، وشمل ذلك أيضاً الشباب من هذه الفئة المحرومة، كما هدأت إزاء هذه القضية أيضاً المبادرات النيابية وتحرك مؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى الشخصيات السياسية والاجتماعية التي ساهمت بشكل فعال على مدى عقدين من الزمن في الانتصار، ولو جزئياً، للكثير من متطلبات حل المشاكل التي تحيط بآلاف العوائل صغاراً وشيبة ورجالاً ونساءً.
أمام هذا التراجع استفردت الحكومة بمؤسساتها، وفي مقدمتها الجهاز المركزي، بالتعامل مع هذا الملف، وكانت النظرة الأمنية هي أساس ومحور التعاطي مع القضية، لتعود أجواء الاضطهاد والحرمان وصولاً إلى ما شهدناه في الأيام الأخيرة من تلفيق تهم الإرهاب، ولصق صفة الداعشية لأناس أبرياء باتوا لا يملكون سوى اللجوء إلى الدعاء، ولكن أريد إخماد حتى صوت الدعاء والتوسل إلى الله.يتوهم من يعتقد أن قضية البدون سوف يطويها الزمن، ومخطئ من يفكر أن أساليب الضغط والتهديد والتجويع سوف تغلق هذا الملف، وجاهل من ينظر إلى البدون من منظور أمني في زمن الانفتاح والعولمة والاستثمار في المورد البشري، وقصير النظر من يحاول اختزال قضة البدون في التجنيس دون مراعاة مبادئ حقوق الإنسان والكرامة والتشريعات المدنية التي كفلها رب العباد، وأقرتها أخلاقياً جميع الملل والنحل على وجه الأرض.نأمل أن يعيد المخلصون من أبناء هذا البلد من رموز سياسية وشخصيات إعلامية ورجال الإعلام ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، ومؤسسات المجتمع المدني، إحياء هذا الملف، ويجب أن نقولها بكل وضوح وجرأة نعم للموضوعية ونعم لإنصاف المستحقين ونصرة المظلومين من هذه الشريحة، ولكن نجاح الموضوعية يتطلب صوتاً عالياً مسموعاً ومهاباً حتى لا يشعر المستفردون بالقرار بأنهم محصنون عن النقد والمساءلة.أما المحاولة اليائسة عبر التباكي على النسيج الاجتماعي ومحاولة إثارة العاطفة والتهييج لدى الكويتيين، فلم تعد مجدية، بل تحولت إلى مسرحية، خصوصاً بعد أن توّجت قصص نهب المال العام بفضائح أكبر وزارة سيادية وعلى يد من يفترض أنهم حماة الوطن مما يسمى بـ"عيال بطنها!".