ميانمار تسرّع تقدّم مبادرة «الحزام والطريق» الصينية
نظراً إلى تردي علاقة ميانمار مع الغرب بسبب أزمة ولاية راخين، فضلاً عن حاجتها إلى الاستثمارات الكبيرة لإبقاء الاقتصاد عائماً، يبدو الممر الاقتصادي بين الصين وميانمار جذاباً للحكومة في نايبيداو، ولكن هل تغرق ميانمار أم تنجح في السباحة مع تيار مبادرة "الحزام والطريق"؟
في أواخر شهر نوفمبر، زار مينغ جيزهي، نائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح الصينية، ميانمار والتقى مستشارة الدولة أون سان سو تشي ووزير التخطيط والتمويل، فضلاً عن عدد من الوزراء الآخرين، وبعد أسبوع اجتمعت لجنة توجيه تطبيق الممر الاقتصادي بين الصين وميانمار برئاسة أون سان سو تشي. وهكذا بعد سنوات من إطلاق الصين مبادرة الحزام والطريق، تتقدّم ميانمار أخيراً بسرعة لتتبنى مشروع الرئيس شي جين بينغ.حقق "الممر الاقتصادي بين الصين وميانمار" خطوة جريئة، خطوة ستجعل الصين وميانمار أقرب من أي وقت مضى في تاريخ علاقتهما، التي ستتخطى تنمية التجارة والبنى التحتية، وقد تشكل هذه الورقة الرابحة التي ستتيح لنايبيداو تجاوز عقبات هذا البلد في عملية السلام وتحفيز الاستثمارات الأجنبية. بغية الانتقال من الكلام عن الممر إلى تطبيقه، من الضروري الحفاظ على الهدوء والاستقرار في المنطقة الحدودية بين ميانمار والصين. أطلقت بكين ونظمت سلسلة من المفاوضات بين التحالف الشمالي (وهي مجموعة لم تحظَ بالتمثيل في وقف إطلاق النار الوطني في ميانمار) وممثلين من نايبيداو. صحيح أن مناوشات ما زالت تُسجّل على الأرض يومياً، ولكن يتوقع المحللون تحقيق تقدّم إيجابي خلال الأشهر المقبلة، كذلك من الممكن اعتبار زيارة أمين سر الحزب الشيوعي في مقاطعة يونان، وتشين هاو، وميانمار ولقائه أون سان سو تشي ولجنة ميانمار للسلام فجر الأمل بانتهاء الصراع على طول الحدود بين ميانمار والصين. صحيح أن عملية السلام تواجه اضطرابات كثيرة، إلا أن التوصل إلى اتفاق إيجابي مع التحالف الشمالي يُعتبر خطوة أساسية لتعزز نايبيداو الثقة بمحادثات السلام.في دلتا أيياروادي على بعد آلاف الكيلومترات عن الحدود بين ميانمار والصين، بدأ الممر الاقتصادي بين هاتين الدولتين يأخذ شكلاً واضحاً، فقد وقّعت مدينة باثين الصناعية، التي تُعتبر جزءاً من الممر الاقتصادي هذا، صفقة مع شبكة مدينة النسيج الصينية بهدف بناء مصانع ألبسة في باثين، وتشير التقارير إلى أن هذا أحد أكبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة في منطقة دلتا أيياروادي منذ عقود. في الوقت عينه أُعطيت نايبيداو الضوء الأخضر لمراقبة سكة حديد تشاوبيو-كونمينغ السريعة، ومن الممكن اعتبار رزمة القروض الصينية لتطوير عربات سكة الحديد هذه أحد أكبر مشاريع التنمية في إطار الممر الاقتصادي بين الصين وميانمار، ومع أن مشروع مدينة يانغون الجديدة ما زال قيد المناقشة، ستُحسم مسألة عقد إنشاء طريق يانغون السريع المرتفع خلال الأشهر المقبل. ومن بين المتعاقدين العشرة الذين نجحوا في تخطي عملية الاختيار الأولى ست شركات صينية، كذلك من المرجح أن يموَّل هذا المشروع كجزء من الممر الاقتصادي بين الصين وميانمار. وبالحديث عن التمويل، ما زال هذا سؤالاً مهماً في عملية تطبيق الممر الاقتصادي بين الصين وميانمار، قد تشكل موافقة المصارف الأجنبية على الإقراض أخيراً حلاً ممكناً، لكن التغييرات لن تُطبق في الحال، فقد تُضطر ميانمار إلى الاعتماد على التمويل الصيني في المراحل الأولية على الأقل.
نظراً إلى تردي علاقة ميانمار مع الغرب بسبب أزمة ولاية راخين، فضلاً عن حاجتها إلى الاستثمارات الكبيرة لإبقاء الاقتصاد عائماً، يبدو الممر الاقتصادي بين الصين وميانمار جذاباً للحكومة في نايبيداو، ولكن هل تغرق ميانمار أم تنجح في السباحة مع تيار مبادرة "الحزام والطريق"؟ يعتمد الجواب على قدرة لجنة التطبيق الجديدة على الحفاظ على توازنها وهي تركب هذه الموجة.* أمارا ثيها* «ذي دبلومات»