تواصلت مشاورات السلام اليمنية بين حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي وجماعة "أنصار الله" الحوثية، التي تستضيفها السويد، لليوم الخامس على التوالي، أمس، وكشفت تقارير عن تقدم الأمم المتحدة، التي ترعى المشاورات، باقتراح سلام يبدأ بوقف الحرب في مدينة الحديدة، وانسحاب المتمردين منها، مقابل وقف القوات الحكومية هجومها، ثم تشكيل لجنة أمنية وعسكرية مشتركة.وبحسب نص المبادرة، فإن الأمم المتحدة تعرض نشر عدد من مراقبيها في ميناء الحديدة وموانئ أخرى بالمحافظة التي تحمل الاسم ذاته، للمساعدة على تطبيق الاتفاق الذي تهدف من ورائه إلى حماية "شريان حياة" لنحو 14 مليون يمني يواجهون خطر المجاعة.
وتنص المبادرة على "وقف شامل للعمليات العسكرية في مدينة ومحافظة الحديدة، على أن يشمل ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة والضربات الجوية"، وأن تلتزم الأطراف بـ"عدم استقدام تعزيزات عسكرية"، وتدعو إلى "انسحاب متزامن لكل الوحدات والميليشيات والمجموعات المسلحة لخارج مدينة الحديدة" ومن مينائها الاستراتيجي، في إشارة خصوصاً إلى المتمردين.وبعد وقف العمليات العسكرية، وانسحاب المتمردين، يتم تشكيل "لجنة أمنية وعسكرية مشتركة ومتفق عليها للحديدة من الطرفين، بمشاركة الأمم المتحدة، للإشراف على تنفيذ الترتيبات الامنية" الخاصة بالمدينة.
أمن وتفويض
وتطالب المبادرة بأن يتولى الأمن في المدينة "قوات أمن محلية"، بإشراف من اللجنة المشتركة، وأن تلتزم الأطراف بإنهاء المظاهر المسلحة وتسليم خرائط الألغام للمدينة.وبالنسبة إلى ميناء الحديدة، فإن المبادرة تنص على أن يخضع إداريا للمسؤولين المعينين قبل سيطرة المتمردين على المدينة، بينما تقوم الأمم المتحدة بـ"دور قيادي" في الإشراف على عمليات التشغيل والتفتيش في الميناء والموانئ الأخرى بالمحافظة الساحلية.وستنشر الأمم المتحدة "عددا من مراقبي آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش" في الموانئ، وفق تفويض من قبل مجلس الأمن الدولي، أما إيرادات الموانئ فتقترح تحويلها إلى فرع للمصرف المركزي اليمني في الحديدة لدفع رواتب الموظفين.تحفظ ورفض
في غضون ذلك، أعرب وزير الخارجية اليمني رئيس وفد التفاوض بالسويد خالد اليماني عن تحفظه، مؤكدا أن الحكومة المعترف بها دوليا لا تقبل بمهمة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في مدينة الحديدة.وقال اليماني، في أول تعليق على المبادرة الأممية، إن "الحديدة ينبغي أن تكون تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا"، مضيفا ان الحكومة مستعدة لقبول دور للأمم المتحدة في الإشراف على الميناء، متابعا: "الحكومة مستعدة لقبول بقاء عائدات ميناء الحديدة في فرع البنك المركزي بالمدينة".في موازاة ذلك، شدد عضو الوفد الحكومي مروان دماج على أن الحكومة متمسكة بدورها السيادي على ميناء ومحافظة الحديدة.وتطالب الحكومة اليمنية، التي تشن هجومها باتجاه الميناء منذ أشهر، بانسحاب الحوثيين بشكل كامل من المدينة لوقف حملتها العسكرية، وهو ما يرفضه المتمردون.وفي وقت سابق، أعلن "التحالف العربي"، الذي تقوده السعودية دعما لحكومة هادي، إصدار 17 تصريحا لسفن متوجهة لموانئ اليمن، وعلى متنها مواد غذائية ومشتقات نفطية.إيجابية ولجان
وأكد أعضاء الوفد الحكومي أن رد الحكومة على المقترح الأممي سيكون إيجابيا مع الجوانب الإنسانية وما يخدم المواطنين، وفي الوقت ذاته عدم التفريط في السيادة، أو الانتقاص منها.وأضافت مصادر حكومية أن هناك مؤشرات إيجابية بشأن رفع الحصار الذي تفرضه الميليشيات الحوثية على تعز.وفيما يتعلق بملف الأسرى تم تشكيل 3 لجان رئيسية، الأولى تتولى تبادل جثامين قتلى الطرفين، والثانية ترتب لتبادل الأسرى، حيث تم الاتفاق على تجميع أسرى ومعتقلي الحكومة لدى الميليشيات في صنعاء، ونقلهم جوا إلى مطار سيئون في حضرموت، وكذلك تجميع أسرى الميليشيات في سيئون ونقلهم جوا إلى صنعاء، بإشراف ومشاركة أممية ومن الصليب الأحمر الدولي.أما اللجنة الثالثة فستبدأ العمل لاحقا للتحقيق في ملفات المفقودين، ومن ثم الإفراج عن أي عناصر معتقلة عند أي من الطرفين، لم تُقدم أسماؤهم في الكشوفات التي جرى تبادلها.أما بخصوص تعز فالمناقشات تتركز على رفع الحصار بشكل نهائي وانسحاب الميليشيات من المداخل الرئيسية الغربية والشرقية للمدينة، في حين يطرح الجانب الحوثي إمكانية فتح ممرات فقط.وتوقعت مصادر في المفاوضات أن يتم خلال الـ48 ساعة القادمة تبادل الإفراج عن 200 أسير من كل طرف دفعة أولى كبادرة حسن نية.جاء ذلك في وقت أفادت مصادر أممية، مساء أمس الأول، بأن مشاورات السويد ستنتهي الخميس أو الجمعة، وليس اليوم، مبينة أن جولة مشاورات ثانية ستعقد في يناير المقبل بالكويت.ضحايا واحتجاجات
في غضون ذلك، أظهرت بيانات لمنظمة الصحة العالمية أن حرب اليمن، التي اندلعت في 2015، أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 70 ألف شخص، بينهم 9200 طفل.من جهة ثانية، أفاد نشطاء بأن قائد قوات الأمن المركزي، التابع للحوثيين، اللواء الركن عبدالرزاق المرني، قدم أمس استقالته لمهدي المشاط، رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي" في صنعاء، الخاضعة لسيطرة المتمردين.في سياق قريب، تناقلت تقارير أمس عن مصادر أن الشيخ القبلي جبران أحمد هرمس، عضو المجلس المحلي بمديرية المغربة، انشق عن الحوثيين، وتمكن من الهرب إلى منطقة خاضعة لسيطرة الحكومة في حجة.على صعيد منفصل، خرج العشرات بعدن في تظاهرة احتجاجية للمطالبة بمحاسبة "قتلة الدعاة والمشايخ الذين استهدفوا في السنوات الماضية في المدينة" ومنهم الشيخ سمحان الراوي.وردد المشاركون في التظاهرة هتافات غاضبة ضد نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك، كما رفعوا شعارات ولافتات تطالب بمحاكمته.