ذكر تقرير "الشال" الاقتصادي الأسبوعي أنه وفي رصد لعمليات بيع وشراء الأسهم في البورصة الكويتية وفقاً لهوية وجنسية المتداولين ومصدر المعلومة شركة "المقاصة الكويتية" وتنشرها على أساس شهري، سوف نعرض لبعض خواصها، بدءاً من عام 2009، وهو العام اللاحق لأزمة عام 2008، ومن الرصد نلاحظ أن هناك متغيرين مؤثرين في سلوك هويات وجنسيات المتداولين.

المتغير الأول، هو الارتفاع أو الانخفاض في سيولة البورصة، والثاني هو عمليات التطوير التي طالت نظامها أخيرا، مما أدى إلى تحسّن كبير في حوكمتها وأنظمة تداولها ونوعية المعلومات عن الشركات المدرجة في أسواقها.

Ad

سنوات الرصد 11 سنة للمعلومات الفعلية ما عدا سيولة شهر ديسمبر 2018 التي قمنا بتقديرها، خلال تلك السنوات، كان تذبذب السيولة حادا، لكنها كانت في هبوط متصل، فبعد سيولة قياسية لعام 2009 بلغت حدود 21.8 مليار دينار، فقدت في عام 2010 نحو -42.6 في المئة من مستوى تلك السيولة، واستمرت نسب الهبوط إلى نحو -51.6 بالمئة في عام 2011.

سنوات الانتكاسة

ومع الارتفاع الكبير في أسعار النفط في عام 2012 و2013، اكتسبت سيولة البورصة نحو 18.9 في المئة، ثم 55.2 في المئة للسنتين على التوالي، ولكنها فقدت -45.3 و-35.2 و-27.5 في المئة من سيولتها في السنوات الثلاث التالية 2014-2016 وهي سنوات انتكاسة سوق النفط.

ويوحي أثر حركة السيولة أن مساهمة المستثمر المحلي في التداول ترتفع بزيادة سيولة السوق وتنخفض بانخفاضها، فقد بلغت مساهمته في السيولة أقصاها عند 92.6 في المئة في عام 2009، ثم انخفضت قليلاً مع انخفاض سيولة البورصة خلال السنوات 2010 و2011، ثم ارتفعت في عام 2013 مع ارتفاع سيولة البورصة بمستوى لافت، وانخفضت في السنوات الثلاث التالية مع انخفاض سيولة البورصة، وحافظت على مستواها في عام 2017 مع ارتفاع سيولة البورصة، ثم انخفضت بشدة من 86.6 في المئة في عام 2017 إلى 75.6 بالمئة في عام 2018 بسبب انخفاض سيولة البورصة بنحو -32.1 في المئة من جانب، وبسبب تطوير البورصة الذي رفع مساهمة الأجانب النسبية بشكل كبير من جانب آخر.

ولعل مساهمة مواطني دول مجلس التعاون الخليجي ليس لها اتجاه محدد، فهي ضئيلة، وراوحت بين 2.1 و4.2 في المئة، لكنها تخطت تلك الحدود إلى 5.3 في المئة في العام الحالي ربما بسبب التطوير الذي طال أنظمة البورصة.

مساهمة معاكسة

المفارقة التي تحتاج إلى متابعة وبعض العمق في التحليل، خصوصاً بعد انفتاح البورصة على المؤشرات العالمية، هي أن مساهمة الأجانب تتحرك معاكسة لحركة السيولة في البورصة.

فمساهمتهم ظلت بين 4.6 و6.7 في المئة من سيولة البورصة للسنوات 2009-2013، ثم ارتفعت إلى أعلى من 10 بالمئة في السنوات الثلاث التي انخفضت فيها سيولة البورصة 2014-2016، ثم انخفضت قليلاً إلى 9.2 في المئة عندما تضاعفت سيولة البورصة في عام 2017، ثم تضاعفت إلى 19.1 بالمئة في عام 2018، وهي سنة انخفضت فيها السيولة.

ولتلك المفارقة تفسير، فمع انخفاض سيولة البورصة، تبقى مساهمتهم في السيولة ثابتة أو شبه ثابتة، لأنهم لا يصابون بالهلع أسوة بالمستثمر المحلي، لذلك ترتفع مساهمتهم النسبية بعد انخفاض مساهمة المستثمر المحلي. بينما ارتفاعها الكبير في عام 2018، يعزى جزئيا إلى انخفاض سيولة البورصة، ومعها انخفاض المساهمة النسبية للمستثمر المحلي، ولكن، معظم الزيادة ناتج عن التنظيمات الجديدة وانفتاح البورصة على المؤشرات العالمية.

تحول إيجابي

الملاحظة الثانية في عملية رصد حركة التداول في البورصة توحي أيضا ببعض التحول الإيجابي في هوية المتداولين، فبعد أن كان السبق لمساهمة الأفراد في سيولة البورصة، يبدو أن هناك تحولا باتجاه غلبة التداولات المؤسسية.

فبعد أن كانت مساهمة الأفراد في سيولتها بحدود 45.6 بالمئة في عام 2009، ارتفعت تدريجيا إلى 57.1 بالمئة في عام 2013، انخفضت في عام 2018 وبعد عمليات التطوير إلى 36.7 في المئة، بما يعنيه ذلك من ارتفاع نصيب المؤسسات والشركات في عام 2018 إلى 34.1 في المئة، بعد أن كان 19 بالمئة في عام 2013، وارتفع نصيب المحافظ من 18.6 بالمئة في عام 2013 إلى 20.9 في المئة للعام الحالي، وارتفع نصيب الصناديق الاستثمارية لنفس الفترة من 5.3 إلى 8.3 في المئة.

في خلاصة، تضاعفت مساهمة الأجانب النسبية في سيولة البورصة في عام 2018، وهو أمر محمود ودليل نجاعة إجراءات تطويرها، ولكنه يظل استثمارا غير مباشر أي أموال ساخنة منافعها محدودة، وإن زاد عن حد معيّن يتحول إلى خطر محتمل حال انسحابه في زمن أزمة بما يعمّق من آثارها.

ورغم أن سيولة البورصة لاتزال ضعيفة، فإن أسهم غالبية شركاتها تباع رخيصة وبخصم على قيمها العادلة، واتجاه التغير في هوية المتداولين فيها ينزع إلى غلبة الجهات المؤسسية مثل الشركات والمؤسسات والمحافظ والصناديق على حساب الأفراد، وذلك ما يخفض من مخاطرها ويعتبر مؤشرا على نجاح إجراءات تطويرها.