السعودية ترفض موقف «الكونغرس» من قضيتَي خاشقجي واليمن
• «الخارجية»: تدخُّل سافر وزجّ للعلاقات بالجدل الداخلي
• «الشورى»: أبناء المملكة يرفضون التعرض لقيادتهم
نددت وزارة الخارجية السعودية بخطوة رمزية، تمثلت في قرارين صادرين عن مجلس الشيوخ الأميركي، بشأن قضيتي مقتل الصحافي جمال خاشقجي ودعم الحرب في اليمن، في حين حذر مجلس «الشورى» السعودي من استهداف قادة المملكة من جانب المجلس الأميركي، بما يؤثر على العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين.
بعد خطوة أميركية رمزية، من غير المرجح أن تتحول إلى قانون نافذ، نددت السعودية، أمس، بقرارين صادرين عن مجلس الشيوخ الأميركي يدعو أحدهما لإنهاء الدعم العسكري الأميركي للتحالف العربي في اليمن، ويلقي الآخر بمسؤولية قتل الصحافي جمال خاشقجي على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقالت المملكة إن الموقف بُني على "ادعاءات واتهامات لا أساس لها من الصحة".واستنكر مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية، مساء أمس الأول، "الموقف الذي صدر من مجلس الشيوخ، والذي تضمن تدخلاً سافراً في شؤون المملكة الداخلية، وطال دور المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي".وذكرت وزارة الخارجية، في بيان، نقلا عن المصدر المسؤول أن المملكة "إذ تؤكد حرصها على استمرار وتطوير العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، فإنها تبدي استغرابها من مثل هذا الموقف الصادر من أعضاء في مؤسسة معتبرة، في دولة حليفة وصديقة تكنّ لها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده كل الاحترام، وتربط المملكة بها روابط استراتيجية سياسية واقتصادية وأمنية عميقة بنيت على مدى عشرات السنين، لخدمة مصالح البلدين والشعبين".
وأكد البيان "رفض الرياض التام لأي تدخل في شؤونها الداخلية أو التعرض لقيادتها ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، بأي شكل من الأشكال، أو المساس بسيادتها أو النيل من مكانتها".وشدد على أن المملكة تؤكد أن "مثل هذا الموقف لن يؤثر على دورها القيادي في محيطها الإقليمي، وفي العالمين العربي والإسلامي وعلى الصعيد الدولي، وأنها كانت ومازالت تلعب دوراً ريادياً في العالمين العربي والإسلامي، ولها مكانة خاصة في قلوب كل المسلمين، مما جعلها ركيزة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وحجر الزاوية في الجهود الرامية لإحلال الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي".
اليمن وخاشقجي
وتناول البيان مواصلة المملكة بذل الجهود، لكي تتوصل الأطراف اليمنية إلى حل سياسي للأزمة اليمنية يقوم على قرار مجلس الأمن رقم 2216 والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل، بما في ذلك الجهود التي يقوم بها المبعوث الأممي مارتن غريفيث، والتي قادت بدعم السعودية إلى الاتفاقات، التي تم الإعلان عنها أخيراً بين طرفي النزاع اليمني في السويد.وتطرق المسؤول إلى اهتمام المملكة بالوضع الإنساني في اليمن، وما يقوم به "مركز الملك سلمان" للإغاثة والأعمال الإنسانية من تقديم مساعدات كبيرة للشعب اليمني في كل المناطق اليمنية، وما تقوم به الرياض من تعاون مع المنظمات والهيئات الدولية ذات الصلة لإيصال المساعدات للمحتاجين.وفي شأن حادث مقتل خاشقجي، جدّد المصدر تأكيد الرياض أن ما حدث للمواطن السعودي "جريمة مرفوضة لا تعبر عن سياسة المملكة ولا نهج مؤسساتها"، مشدداً في الوقت ذاته رفض بلاده لأي محاولة للخروج بالقضية عن مسار العدالة في المملكة.وأوضح المسؤول أن بلاده تحرص على الحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة، وتعمل على تطويرها في كل المجالات، وتثمن موقف الحكومة الأميركية ومؤسساتها المتعقل حيال التطورات الأخيرة.وعبر عن اعتقاد بلاده بأن موقف مجلس الشيوخ يرسل رسائل خاطئة لكل من يريد إحداث شرخ في العلاقات السعودية - الأميركية. وأعرب عن أمل المملكة ألا يتم الزج بها في الجدل السياسي الداخلي في الولايات المتحدة، منعاً لحدوث تداعيات في العلاقات بين البلدين يكون لها آثار سلبية كبيرة على العلاقة الاستراتيجية المهمة بينهما.استقرار وتوازن
وأشار البيان إلى دور المملكة القيادي في استقرار الاقتصاد الدولي، من خلال الحفاظ على توازن أسواق الطاقة، على نحو يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء.ولفت إلى إسهام الرياض في قيادة الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب في الميادين العسكرية والأمنية والمالية والفكرية، مما كان له الأثر البالغ في دحض التنظيمات الإرهابية مثل "داعش" و"القاعدة" وغيرهما، وحماية أرواح العديد من الأبرياء حول العالم، وذلك عبر تأسيسها وقيادتها للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، ومشاركتها الفاعلة في التحالف الدولي لمحاربة "داعش" بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. وفي هذا السياق تتخذ المملكة موقفاً حازماً إلى جانب واشنطن في مواجهة النشاطات الإيرانية السلبية عبر حلفائها ووكلائها التي تهدف لزعزعة استقرار المنطقة.وكان خاشقجي مقرباً من العائلة الحاكمة، ثم تحول لانتقاد الأمير محمد، وكان يكتب في صحيفة "واشنطن بوست" بعد أن انتقل للإقامة في الولايات المتحدة العام الماضي. وقُتل خاشقجي في الثاني من أكتوبر.«الشورى» و«الشيوخ»
في موازاة ذلك، استنكر مجلس الشورى السعودي موقف مجلس الشيوخ الأميركي، مؤكداً، في بيان بمستهل جلسة عقدها أمس بقيادة رئيس المجلس عبدالله محمد آل الشيخ، أن "أبناء المملكة يرفضون بشكل قاطع التعرض لقيادتهم المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أو النيل من سيادة المملكة أو التعرض لمكانتها".وأكد "الشورى" أن "دور المملكة في كبح شرور الإرهاب يعد من أهم الأعمال التي ساعدت العالم في التقليل من آثار هذه الآفة".ورأى "أن موقف مجلس الشيوخ الأميركي لا يعبر عن الدور المناط بالمجالس البرلمانية، في تعزيز علاقات الصداقة بين الدول، سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي"، مشدداً على "أن تجاذبات السياسة الأميركية الداخلية لا يمكن أن تكون مجالاً للزج بدولة بحجم المملكة العربية السعودية في أتونها، بما يؤثر على العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين الصديقين".وعززت هيئة كبار العلماء استنكار المملكة لموقف "الشيوخ الأميركي"، أمس، ببيان أعربت فيه عن رفضها خطوة المجلس الذي "تبنى ادعاءات واتهامات لا أساس لها من الصحة".
«هيئة كبار العلماء» تعزز رفض المملكة تبني «ادعاءات لا أساس لها من الصحة»