شهدت القاعة المستديرة في مركز جابر الأحمد الثقافي، أمس الأول، فعالية "حديث الاثنين"، ضمن الموسم الثقافي للمركز، وتمت استضافة الروائي البرتغالي أفونسو كروش، الذي ألقى مجموعة من النصوص من كتابه "كتاب السنة"، بحضور جمع غفير من الأدباء والمهتمين.

في البداية، قالت بثينة العيسى خلال تقديمها للأمسية: "ليس في كلّ يومٍ ينتظم العالم في قصيدة، يقول والاس ستيفنسن، لكننا نحاولُ في كلّ يومٍ، أن نجعل من بعض القصائد عالمًا، وعلى الرّغم من كل جهود الرّدع، فإن التراجع عن فعلِ ذلك ليس خيارًا بشريًا بالمرّة".

Ad

ويقول كروش إن العالم ليس سوى استعارة، والكتابة، وفق كروش، هي إعادة جذبِ الأشياء إلى منطق الشعر، ومحاولة لخلق الالتباسِ، بين ما هو حقيقي، وما هو متخيّل.

الشعرُ، دائمًا، هو بطلُ رواياته. ليس فقط بصفته التجلي الجمالي لفكرةٍ ما، بل بصفته مشروع مقاومة لمادية العالم. يقول: "الأشياء الأهم في الحياة ليست نفعيةً بالضرورة؛ فنحنُ نحتقرُ من يقوم بحركة من أجل الربح، أو الفائدة، وليس الحركة في حدّ ذاتها، بسبب صداقة أو حب".

وتابعت العيسى "في رواياته التي اكتشفها القارئ العربي أخيرا؛ "هيا نشتر شاعرًا"، "الرسام تحت المجلي"، و"الكتب التي التهمت والدي"، و"دمية كوكوشكا"، نجد أصداء جديدة لفكرة قديمة يعود إليها كروش في كل عمل من أعماله، بما يشبه العود الأبدي إلى قطب مغناطيسي يهيمن على لغته وأدواته.

فكرة واحدة في غايةِ البراءة تقول؛ الحياة بلا مخيّلة ستكون جحيما. يكتب كروش الشعر بصفته طفولة الوعي. إنه المكان الذي ينتظمُ فيه العالم في المعنى. وهو يفجّر الشعرَ في الواقع لمجرد كسر منطقه السائد. فهو يكسر ساعة رملية لكي يتحرر الزمن. وتؤمن شخصياته بأن الموسيقى تعيد الأشياء إلى حالتها الطبيعية. والرسوم غير المنتهية تمتد بلا نهاية، ولا توجد الميتافيزيقيا إلا في الصراخ والليلُ، يحدث فقط، لأن البشر ينامون".

الفصول الأربعة

ثم قرأ كروش مجموعة من نصوص "كتاب السنة" وهو عبارة يوميات ترويها طفلة خلال أيام محددة من فصول السنة الأربعة، مشيرا إلى أن الكتاب يحمل معنيين: الأول أنه كتاب ليوميات السنة، والثاني أنه أفضل كتاب في العام. وتحدث كروش عن زيارته للكويت، وقال إنها المرة الأولى التي أزور فيها هذه المنطقة من العالم، رغم أنني أعشق الترحال، كل الأموال التي كسبتها من الكتابة أنفقتها على السفر، أسافر 6 أشهر في العام خارج البرتغال، زرت 80 دولة من قبل، والكويت رقم 81، لذا أنا سعيد بزيارة الكويت".

الكوميديا الهزلية

وعن بدايات رحلته مع الكتابة، قال كروش: لم أفكر قط بأن أكون كاتبا، كنت أحب الرسم والكوميديا الهزلية، وفي سن المراهقة غيرت طريقي إلى الفلسفة، لكنني عدت إلى الفنون، وعملت في الرسوم المتحركة ووكالة للإعلانات لأكسب دخلا، ثم بسبب وقت الفراغ الطويل قررت كتابة قصة بسبب الحكومة السيئة في البرتغال، ولم ير أحد هذه القصة، ثم كتبت موسوعة خيالية في كل شيء حتى مصادرها كانت من اختراعي تضم الكثير من المعلومات التي اخترعتها، وحتى الشعر بها كان باسم شخص آخر، رغم أنه شعري، بعد شهور حولتها إلى كتاب ودفعت بها إلى دار نشر، وكان من حسن حظي أنه كان كتابي الأول. وتابع حديثه أنه لم يتوقع أبدا هذه النجاح والجوائز التي حصل عليها، وعلّق قائلا: "لا أعير ذلك أي اهتمام، في كل مرة أصدر كتابا لا أفكر في استقبال القراء أو النقاد له، المهم عندي أن أفكر في العمل القادم".