في ديسمبر 1973، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يسري بموجبه "إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدَّمته السعودية"، وبناءً على ذلك، تم لاحقاً اختيار 18 ديسمبر ليكون يوماً للغة العربية.مؤكد أن اللغة العربية كانت حاضرة قبل عام 1973، لكن دلالة القرار الأهم، أن هذه اللغة، ومنذ ذلك التاريخ، أضحت حاضرة في مجتمعات العالم الرسمية، وأصبحت جزءاً من وصل العرب والعربية مع الآخر عبر الترجمة، أياً كان، وحيثما كان هذا الآخر.
وهناك إحصائيات كثيرة ومتنوعة حول عدد المتحدثين بأي لغة حول العالم * كلغة أم، إضافة إلى المتحدثين بها كلغة ثانية. وتشير هذه الإحصائية إلى أن ترتيب أول عشر لغات في العالم، كما يلي: في المرتبة العاشرة اللغة الألمانية، المرتبة التاسعة اللغة الفرنسية، المرتبة الثامنة اللغة البنغالية، المرتبة السابعة اللغة البرتغالية، المرتبة السادسة اللغة الروسية، المرتبة الخامسة اللغة الإسبانية، المرتبة الرابعة اللغة العربية، المرتبة الثالثة اللغة الهندية، المرتبة الثانية لغة الماندرين (الصينية)، المرتبة الأولى اللغة الإنكليزية.إن ما يهم في الإحصائية أعلاه، ليس ترتيب اللغة العربية، وفي كونها في المرتبة الرابعة أو الخامسة أو الثالثة، لكن ما يجب الوقوف عنده، هو ما يمكن أن تقدمه الدول العربية، عبر الهيئات الرسمية والأهلية والأفراد، لإضفاء العصرية على اللغة العربية، وبما يعني تجديد روح اللغة، بإضافة كل ما هو جديد ومناسب وملائم لقواميسها، وتقديمها للدارسين بها؛ عربا كانوا أو أجانب، بحلة عصرية، وبطرق تدريس تجاري روح العصر.تعاني الأسر العربية في مختلف أقطار الوطن العربي نزوحا جماعيا من الأطفال والناشئة من أرض وضفاف اللغة العربية إلى شواطئ اللغات الأخرى، وتحديداً اللغة الإنكليزية واللغة الفرنسية، وغدا أمراً مألوفاً أن تلتقي أسرة عربية وتكتشف أن أبناءها لا يعرفون التحدث بالعربية، فرغم أنهم عرب ويعيشون في دولة عربية وحينما تتكلم معهم بالعربية يردون عليك باللغة الإنكليزية. وربما أحد الأسباب الرئيسة وراء هذه الظاهرة البائسة، هو إدخال الأطفال المدارس الأجنبية، التي صارت تنافس المدرسة الحكومية في طول وعرض الوطن العربي.جميل أن يتعلم الطفل لغة ثانية، وهناك دراسات كثيرة تشير إلى أن الطفل حينما يتعلم أكثر من لغة، فإن ذلك يساعده على أن تكون له أكثر من طريقة للتفكير، باعتبار أن اللغة نظام تفكير. لذا، فأنا لستُ ضد تسجيل الأطفال في مدارس أجنبية، لكني أشدد على حرص الأسرة؛ الأم والأب، على تعليم أبنائهم اللغة العربية، كما هي في المقررات أولاً، وما هو أهم من ذلك، هو التحدث إليهم طوال الوقت باللغة العربية. فالخطأ الفادح الذي تقع فيه الأسر العربية، وتحديداً الأسر الشبابية، هو أنها ترسل أبناءها إلى المدارس الأجنبية، وعليه فهم يتحدثون طوال الوقت في المدرسة باللغة الأجنبية، من خلال المناهج والأساتذة، وحين عودتهم إلى البيت يقابلون الأم والأب والشغالة، والجميع يتحدث معهم باللغة الأجنبية، وهذا يوضح، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الخطأ ليس خطأ الأطفال، لكنه خطأ الأم والأب. وهناك الكثير من النماذج الساطعة لأسر عربية أدخلت أبناءها المدارس الأجنبية، ومع ذلك، فإن الأبناء يجيدون ويبرزون في الحديث والكتابة باللغة العربية مثلما يجيدون الحديث والكتابة باللغة الأجنبية.العربية تعاني إهمالاً من قبل كثير من الآباء والأمهات، وهي بالتالي تقابل بالجفوة من أبنائها الأطفال والناشئة، وهي للأسف لا تحظى بما تستحق من عناية لدى المؤسسات العربية الرسمية والأهلية، وتحديداً المؤسسات ذات الصلة الوطيدة بتطويرها. فما زال أبناؤنا يدرسون في "مختار الصحاح"، و"لسان العرب"، ويتعبون في الوصول إلى معنى كلمة ما زالت تنظر للعالم عبر منظار قرون انقضت وولَّت.* #/ترتيب-لغات-العالم-الانتشارhttps://arabic.rt.com/news/786982-
توابل - ثقافات
إهمال اللغة العربية!
19-12-2018