هناك مثل، عربي بالطبع، يقول: "زاد الطين بلة"، فقد تبين أن إيران بالإضافة إلى مشاكلها الكثيرة باتت تعاني أزمة مياه غدت تهدد الاكتفاء الذاتي الزراعي، وتلقي بأعباء فعلية على صادراتها في قطاع الطاقة، كل هذا في حين أنها، كما أعلن وزير زراعتها إسماعيل أسفندياري، حافظت، للسنة الثالثة على التوالي، على إنتاجها من القمح الذي تعتبره جزءاً من مقاومتها للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من الولايات المتحدة الأميركية، لكن هذه المقاومة قد تصبح بلا أي جدوى، بسبب التغير المناخي وتراجع المياه التي تدخل السدود الإيرانية بنسبة 33 في المئة. وهذا يشكل، كما جاء في تقرير بهذا الخصوص، تهديداً لإنتاج القمح الذي يأتي في طليعة المحاصيل الزراعية.والمشكلة، كما جاء في هذا التقرير المشار إليه، أن اعتماد الحكومة الإيرانية على زيادة أعداد مصانع تحلية المياه، ونقلها منزوعة الملوحة إلى المناطق الداخلية، عبر أنابيب تمر بمرتفعات جبلية، مكلفان جداً ويتطلبان المزيد من استخدام الغاز الطبيعي، مما سيحد على المدى الطويل من إمكانيات تصديره إلى الدول المجاورة، مثل العراق وتركيا. هذا بالإضافة إلى أن إيران تعتمد في الفترة الحالية على الغاز الطبيعي لإنتاج 45 في المئة من احتياجاتها من الطاقة الكهربائية.
ومشكلة إيران، كما جاء في هذا التقرير، أن تسبب العقوبات الأميركية في انسحاب شركات الطاقة الأجنبية من هذا البلد؛ أدى إلى تباطؤ تطوير حقول الغاز الإيرانية، مما سيزيد الطلب على الإنتاج الزراعي، الأمر الذي يستدعي الاعتماد على تركمانستان في استيراد ما سيحتاجون إليه لهذه الغاية. كل هذا، وقد أدى تراجع وصول المياه النظيفة والكهرباء إلى موجات احتجاجية، وبخاصة في أصفهان، التي عمدت حكومة روحاني إلى إلغاء عمليات تمويلها لجميع المشاريع المائية في هذه المنطقة، في موازنة العام المقبل، مما أدى إلى تقديم نوابها الثمانية عشر استقالاتهم.وعليه، فإن هذه الضغوط السياسية والاجتماعية ستزداد، في حين أن الزلازل الأرضية المتلاحقة وعمليات تصحر الأراضي الزراعية ستؤدي إلى ضغوط إضافية على البنى التحتية المائية في المدن الكبرى، لاسيما في طهران التي تستهلك نحو 20 في المئة من مياه الشرب في إيران، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية لكل هذه التظاهرات الاجتماعية الإيرانية المتصاعدة، التي باتت تتحول إلى الطابع السياسي، بسبب صراعات مراكز القوى الداخلية والتدخلات العسكرية والسياسية المكلفة في العديد من دول المنطقة، وبخاصة العراق وسورية ولبنان وأيضاً في اليمن وبعض الدول الخليجية.ولعل ما تجدر الإشارة إليه، بكل أمانة، أن معد هذا التقرير وصاحبه هو زميل أبحاث في منتدى الشرق في إسطنبول ناصر بدوي، مع بعض الإضافات والتعليقات التي كانت ضرورية لإظهار كمْ أن تدخلات إيران الخارجية وتمددها في عدد من دول هذه المنطقة مكلفان جداً بالنسبة للشعب الإيراني، الذي من الواضح أنه متجه إلى ثورة جديدة، ولكن بدوافع غير دوافع ثورة فبراير عام 1979، التي أوصلت الإيرانيين إلى كل هذه المآزق السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي وصلوا إليها.
أخر كلام
إيران... بانتظار ثورة جديدة!
19-12-2018