الأغلبية الصامتة: تصحو بتغريدة
على الإنترنت هناك من يشتم وهناك من يتطاول وقد يتطور الأمر إلى تسريب الكثير من الخصوصية والأوراق الرسمية، صدقوني تلك أزمة أخلاقية، ولكن ما يحدث هذه الأيام من تدافع الناس وبعض مؤسسات الدولة وراء أشياء متحركة داخل إطار ضيق أصبح أمراً خطيراً بعد أن أصبحت الدولة تصحو بتغريدة وتنام على مقطع.
عندما تكون في الأعلى تبدو لك الأشياء في الأسفل صغيرة، الأعلى في الحياة العادية التي نعرفها يعني التغاضي عن توافه الأمور والتجاوز عن الأخطاء الصغيرة والكبيرة إذا لزم الأمر، ولكن ما الحل بعدما أصبحت حياتنا معقدة حتى بالنسبة لأكثر المتساهلين في حياتهم؟ ذلك الجهاز الذي بين أيدينا والشهرة السهلة التي يوفرها أفقدا الكثيرين عقولهم، ولأن التغاضي أصبح نادراً فقد صار الطريق إلى المحاكم هو الأقصر في دوامة لا تنتهي من الفعل ورد الفعل، فما إن تقتلع تفاهةً من جذورها حتى تنبت مكانها عشر تفاهات، وهكذا إلى ما لا نهاية.
التغاضي قد يكون صفة وراثية ولكن لحسن الحظ هي ميزة يمكن اكتسابها بالعلم والتمرين، العلم يضمن تفكيك مفردات الأخبار الكاذبة والتمثيليات التي تكتسح وسائل التواصل الاجتماعي، والتمرين له فوائد كثيرة في تجنب الوقوع في نفس الأخطاء كل مرة، ودعونا ممن يطلب الشهرة بأي ثمن ودعونا من تجار الحفاظ على أخلاق المجتمع، فقط دعونا نركز على القاعدة التي تحتضن كل هذه الأشكال الرقمية ونسأل من يصنع التفاهة ويروج لها؟ ومن ينساق خلفها؟ ومن يدخل طرفاً فيها في بعض الأوقات؟ الجواب أنتم.هنا تكمن العلة، إذا كانت القاعدة تعاني من الخواء الفكري والفراغ الزماني فلن يسود في المجتمع غير النماذج السيئة ولن يكون الأكثر تأثيراً سوى الأكثر إثارة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، ومع تغييب العلم والمعرفة اللذين يوفران المعايير التي تضمن الجودة لأي منتج، أصبح بإمكان أي شيء الحديث في أي شيء. إن مجرد التفكير في ملاحقة ما ينتجه الإنترنت من شخوص ومواد مثيرة أمر شبه مستحيل في زمن الجلوس أمام الكمبيوتر، أما في زمن الكمبيوتر الهاتف أو الهاتف الكمبيوتر فهو ضرب من الجنون، نعم هناك من يشتم وهناك من يتطاول وقد يتطور الأمر إلى تسريب الكثير من الخصوصية والأوراق الرسمية، صدقوني تلك أزمة أخلاقية، ولكن ما يحدث هذه الأيام من تدافع الناس وبعض مؤسسات الدولة وراء أشياء متحركة داخل إطار ضيق أصبح أمراً خطيراً بعد أن أصبحت الدولة تصحو بتغريدة وتنام على مقطع.