مانشيت الوزير
إن كان هناك موظف يتقاضى راتباً من أجل صياغة البيانات لوزير الإعلام فإن أول ما يجب عمله هو أن يقال من منصبه أو على الأقل ينقل إلى وظيفة أخرى لا علاقة لها بصياغة البيانات، من قريب أو بعيد، أما إن كان السيد وزير الإعلام هو من صاغ بيانه بنفسه فإن هذا الأمر لن يكون مستغرباً فهو ينسجم مع توجهه إن وُجِد.
![علي محمود خاجه](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1587579369153174500/1587579386000/1280x960.jpg)
لنقدم هذا المانشيت عملياً ونتابع نتائجه سوياً، فلو فرضنا أن الإعلام العربي توحد على الارتقاء بالسينما مثلاً من خلال منهج واحد يرتكز على غرس الأفكار الإيجابية في الأفلام والابتعاد عن كل قضية سلبية أياً كانت وتضافرت الجهود لتنفيذ هذا الأمر الموحد والمتفق عليه، فما هي النتيجة المتوقعة إن تمت الأمور بكمال تام؟ سينما أحادية وقالب واحد يستهوي فئة محددة من الناس ويقنع جماعة محددة فقط دون البقية التي قد يكون لها مدخل آخر لاستقطابها وتشكيل آرائها، وقيود جمة على صناع السينما المؤطرين في قالب واحد يمنعهم من استكشاف سبل واتجاهات أخرى قد تكون أفضل وأكثر جودة، بمعنى أنه لا الجمهور سيتغير ولا الأفكار ستتطور ولا الصناعة السينمائية ستبدع وتقدم الجديد، وهو ما يعني زوال الثقافة المستنيرة في ظل هذا الخط الموحد.إن هذا المانشيت الذي جاء على لسان السيد وزير الإعلام الكويتي، وإن كان عن قناعة منه، يعكس إلى أين سنصل في ظل هذه القناعة القائمة على الرأي الموحد بدلاً من التنوع للارتقاء، ويفسر الحال الذي نحن فيه اليوم، فلا شيء مسموحاً إلا وفق رأيه الموحد، ولا كتاب يدخل إن تعارض مع الخط الموحد الذي يريد، ولا فن مختلفاً ولا تطويراً إعلامياً ولا نقداً مباحاً، فقط رأي موحد يقتل أجمل ما في البشر وهو التنوع والاختلاف والتعلم من التجارب والاستفادة من المختلف كما كان عهد الكويت منذ النشأة.فإن كانت هناك رغبة حقيقية في الارتقاء، فالبداية تكون بإزاحة كل مسؤول يتبنى تعاسة هذا المانشيت.