عبدالله نجيب الملا وصُناع الدراما السياسية
"العَمَل المتقن يُخَلِّد صاحبه"، لذا تكمن صّعوبة تقييم تلك الأعمال "المتقنة"، سواء كانت كتباً أو مؤلفات أو موسوعات أو حتى أعمالاً مرئية أو مسموعة في أمرين، الأول مجال العمل وفرعه الذي ينتمي إليه، والثاني المعايير التي ينتهجها من يقوم بعملية التقييم، لكن المثير للانتباه أن هذه الأعمال (المتقنة) تتفق جميعها في أن معظمها تٌسَيِّجُه فضاءات التنوير وتدفق المعلومة الصحيحة.أكتب ذلك بعد ساعات قليلة من حضوري فعاليات ندوة «كتاب الشهر» التي استضافتها مكتبة الكويت الوطنية، والتي ناقش وعرض فيه عبدالله نجيب الملا الجزء الأول من كتابه "الموسوعة الدستورية". وللإنصاف هناك الكثير من المؤلفات التي تناولت ولا تزال تاريخ الحياة البرلمانية ومسار تطور الحركة الدستورية في الكويت بكل ما فيها من أزمات وإخفاقات ونجاحات وتجاذبات منذ صدور الدستور في 11 نوفمبر 1962م، ولا تزال حاضرة حتى كتابة سطور هذا المقال، لكن برأيي أن كتاب "الموسوعة الدستورية" تَفَوَّق بما حواه من مادة مرصودة لعدة اعتبارات أولها قدرة صاحبه على رصد التفاصيل الدقيقة، لاسيما تلك التي تتعلق بأحداث مفصلية كالنشأة وطبيعة القوانين والتشريعات الأصيلة أو المكملة، إضافة إلى التعرض الموسع للأشخاص القائمين على تلك الأحداث والمشاركين فيها، وكذلك الحرص على لقاء شخصيات سياسية ومجتمعية (صُنَّاع الدراما السياسية) كما أسميهم، والذين شاركوا ومارسوا العمل السياسي تحت سقف قاعة عبدالله السالم الصباح (أبو الدستور كما كان يلقب).
لقد كنت بالفعل أشعر بفخر وأنا أسترجع مع الحضور الكريم أثناء تقديم وعرض الكتاب والحديث عنه من قبل مؤلفه، حيث العودة لعقود مضت وإرث تاريخي متجدد صنعه لنا رجال عظام سجلوا وسطروا أروع التجارب الديمقراطية التي أنتجها الكويتيون منذ نشأة وتأسيس الإمارة على يد آل صباح الكرام.ولا يفوتني أن أحيي الباحث نفسه الذي أشار إلى أن مؤلفه يعد امتداداً لمؤلفات وإصدارات تتعلق بذات الموضوع بل وحرصه على تأكيد أن أصحاب هذه الإصدارات لهم كامل التقدير والاحترام. أخيراً يبقى قول أن هذا النوع من المؤلفات الموسوعية يظل بمثابة النافذة على ذاكرة وتراث الوطن وإرثه التاريخي وحفظها من الضياع تحت ثرى النسيان.