قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي إنه لا شك في أن للمتضرر الحق في تعويض عن خسائر لم يكن له يد فيها، معظمها ناتج عن خيانة البنى التحتية له، وذلك ناتج عن قصور كبير في التخطيط والتنفيذ والإدارة، وتلك مسؤولية الجهات المسؤولة عنها، وهي جهات الاختصاص بالحكومة، مثل وزارتي الأشغال والإسكان وهيئة الرعاية السكنية والبلدية والهيئة العامة للطرق والنقل البري، وهي أيضا مسؤولية شركات القطاع الخاص، مثل شركات المقاولات ومكاتب التصميم والإشراف.

وبينما للمتضرر الحق في التعويض السريع، لا يفترض أن تتحمل الخزينة العامة خطايا وفساد تلك الجهات المسؤولة، ويفترض أن تسترد تلك التعويضات لاحقا، ماديا ومعنويا، أي مالا وعقابا، من تلك الجهات المسؤولة.

Ad

وفي تصريح منسوب لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، تذكر أن الفريق الفني انتهى من تحديد مسؤوليات المقاولين والمكاتب الاستشارية وموظفي الحكومة ممن تسببوا في تلك الأضرار. ولا نعرف قيمتها بعد، حيث مازالت في مرحلة الحصر والتدقيق، وإن استحق دفع بعضها وفقا لتصريح الوزيرة، ومن المؤكد أن لدى جهة التحقق تقديرا أدق لها، ومن حق الرأي العام أن يسمع قيمة تلك التقديرات.

وترتكب الحكومة خطأين جوهريين يضاعفان فساد ورداءة الأداء لها، الخطأ الأول هو الهروب من إصلاح عمل وزاراتها بتكليف جهات أخرى القيام بعملها، وحالة قيام الديوان الأميري بمهام وزارة الأشغال مثال، والخطأ الثاني هو إنشاء هيئات ومؤسسات ومجالس ولجان دائمة رديفة لوزاراتها بلغ عددها أكثر من ضعفين ونصف لعدد تلك الوزارات، بينما في وزاراتها فائض ضخم من العمالة المعطلة.

وفي تقرير أخير حول أضرار الأمطار، نشرت تفاصيله جريدة "الجريدة"، حملت اللجنة الفنية المكلفة بالكشف على الطرق السريعة مسؤولية الإخفاق للهيئة العامة للطرق والنقل البري، وهي إحدى تلك الهيئات التي أنشئت منذ سنوات، ولم تكتمل هياكلها، ودخلت حقبة صراع حول سلطتها ومسؤولياتها.

ذلك مثال فقط على بؤس السياسات العامة، فالهيئات تؤسس وفي ذهن أصحاب القرار جائزة المحاصصة في مناصبها القيادية، أو تخطي الدور والحق بالتعيين في وظائفها الأخرى من أجل شراء الولاءات. ولو أضفنا تكاليف إدارة تلك الهيئة منذ إنشائها، إلى تكاليف الإخفاق المنسوب إليها، مثل حادثة أضرار الأمطار فقط، لتضاعفت تكاليف التعويضات عن الأضرار، إلى جانب أضرار تشتت المسؤوليات.

ومن باب الإنصاف، ذلك مثال فقط يتكرر مع كل هيئة تؤسس، وما أكثرها، وينتهي أمرها إلى صراع المحاصصة على الوظائف، وإضافة إلى أضرار تضخم غير مستدام للنفقات العامة، يتردى الأداء وتزداد مستويات الفساد، لذلك نعتقد بضرورة دراسة أزمة الأمطار، ليس فقط بحصرها في دائرة الحدث، وإنما في زاوية فشل نهج إدارة عامة أصبح معها لكل شهر أزمة.