بعد فشل البيت الأبيض في التوصل الى اتفاق مع الكونغرس على رفع سقف الموازنة الفيدرالية، وبعد إرجاء الكونغرس مداولاته بشأن مشروع قانون الاتفاق وتلبية طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحصول على أموال لبناء جدار على الحدود، أغلق العديد من الإدارات الفدرالية في الولايات المتحدة، امس.

ولم يتّضح بعد إلى متى سيستمر هذا الإغلاق لكنّ المؤشّرات بدت غير مطمئنة، ما ينذر باحتمال أن يمضي الأميركيون عطلتي الميلاد ورأس السنة محرومين من خدمات حكومية رئيسية.

Ad

وبسبب هذا الإغلاق الجزئي للحكومة، يمكن أن يصبح مئات الآلاف من الموظفين في حالة "بطالة تقنية"، أي أنهم يضطرون لأخذ إجازة غير مدفوعة الأجر، أو يجبرون على العمل بلا أجر فوري عشية عيد الميلاد.

وللحؤول دون هذا "الإغلاق" كان يفترض أن يتوصل مجلسا النواب والشيوخ إلى اتفاق مع البيت الأبيض قبل منتصف ليل الجمعة - السبت لرفع سقف الموازنة الفدرالية.

لكنّ المفاوضات التي استمرت حتى اللحظات الأخيرة باءت بالفشل بسبب رفض المشرّعين الديمقراطيين الموافقة على تمويل بناء جدار على الحدود مع المكسيك يريد الرئيس دونالد ترامب تشييده لوقف الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتّحدة.

وبسبب بلوغ عشرات الإدارات الفدرالية سقف الموازنة المحدّد لها وعدم إقرار قانون يرفع هذا السقف فإنّ هذه الإدارات لم تتمكّن من فتح أبوابها امس.

وحتى الآن يواجه ترامب صعوبة في مجلس الشيوخ حيث لا تتجاوز الغالبية الجمهورية الـ51 مقعدا من أصل مئة. وهو يصطدم بعقبة الحصول على غالبية ستين صوتا ضرورية لتبني الميزانية.

وقال أعضاء في مجلس الشيوخ للصحافيين مساء أمس الأول، إن مسؤولي الحزبين في الكونغرس تفاوضوا في الكواليس مع البيت الأبيض وخصوصا مع نائب الرئيس مايك بنس وجاريد كوشنير صهر الرئيس ومستشاره وكذلك مع كبير موظفي البيت الأبيض بالوكالة مايك مولفاني.

وقال السناتور الجمهوري جون كورنين، إنهم تفاوضوا عل تسوية تنص على تخصيص 1.6 مليار دولار لمكافحة الهجرة غير القانونية.

يذكر أن الأميركيين معتادون على هذه المواجهة المرتبطة بالموازنة التي تؤدي إلى إغلاق الخدمات التي تعتبر "غير أساسية" في الحكومة الفدرالية، وتحرم بذلك من التمويل والرؤية. وبقدر ما تطول فترة الإغلاق، تكون النتائج قاسية.

ويعود آخر "إغلاق" لإدارات فدرالية في الولايات المتحدة إلى يناير 2018 وكان الأول في عهد ترامب. واستمر ثلاثة أيام. قبل ذلك أغلقت الإدارات غير الأساسية في أكتوبر 2013 وكانت الفترة الأطول إذ استمرت 16 يوما، وإن كانت لا تقاس بالإغلاق الذي استمر 21 يوما في 1995-1996.

ولدى 75 بالمئة من الإدارات الفدرالية موازنة تمت الموافقة عليها منذ أشهر ولن تتأثر بالإغلاق، لكن العكس ينطبق على عدد من الوزارات المهمة مثل الأمن الداخلي والعدل والتجارة والنقل والسكن والخزانة، وكذلك وزارة الداخلية التي تدير المحميات الوطنية التي يتوجه إليها عدد كبير من الزوار خلال فترة الأعياد.

وقدر البرلمانيون الديمقراطيون بأكثر من 800 ألف موظف فدرالي عدد الذين سيتأثرون بهذا "الإغلاق" من أصل 2.1 مليون موظف.

وسيصبح نحو 380 ألف شخص في بطالة تقنية بينهم 95 بالمئة من موظفي وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ووزارة السكن، و52 ألف موظف من إدارات الضرائب.

ويفترض أن يواصل نحو 420 ألف موظف آخرين في الإدارات التي تعتبر أساسية، العمل من دون أن يتلقوا أجورا فورا حسب الديمقراطيين. وبين هؤلاء، 150 ألف موظف في وزارة الأمن الداخلي التي تشرف على شرطة الحدود والنقل، وأكثر من أربعين ألف موظف في مكتب التحقيقات الفدرالي FBI ووكالة مكافحة المخدرات وإدارة السجون.

وأعرب ترامب في فيديو نشره على "تويتر"، عن أمله في ألا يستمر الإغلاق الجزئي لبعض مؤسسات الحكومة فترة طويلة، ودعا الديمقراطيين للموافقة على تمويل الجدار العازل مع المكسيك.

على صعيد آخر، قال مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية دان كوتس إن "قوى خارجية، تشمل روسيا والصين وإيران، سعت للتأثير على انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في 2018 لكن لا توجد أدلة على اختراق أنظمة الانتخابات الأميركية".

وعلقت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على كوتس بالقول: "تسبب أصحاب مثل هذه القرارات بجعل الشعب الأميركي موضعا لسخرية العالم. وبهذه الأساليب لن تصبح الولايات المتحدة عظيمة من جديد، لأن هذا السلوك لا يمكن أن يثير إلا الازدراء والاشمئزاز".