انسحاب ترامب من سورية جريء وشجاع
يشكّل قرار ترامب بإخراج الجنود من المستنقع السوري أكثر قرار اتخذه رئيس أميركي بشأن الشرق الأوسط، شجاعة وتعقلاً، منذ أمر أيزنهاور بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بالانسحاب من السويس في مصر، إذ يتمركز الجنود الأميركيون في سورية بطريقة غير مشروعة ولا يدافعون عن مصالح أميركية إستراتيجية.
![سبكتاتور](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1583170914035257300/1583170921000/1280x960.jpg)
بالنسبة إلى مَن يعيش منا في العالم الواقعي، يشكّل قرار ترامب بإخراج الجنود من المستنقع السوري أكثر قرار اتخذه رئيس أميركي بشأن الشرق الأوسط، شجاعة وتعقلاً، منذ أمر أيزنهاور بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بالانسحاب من السويس في مصر، إذ يتمركز الجنود الأميركيون في سورية بطريقة غير مشروعة ولا يدافعون عن مصالح أميركية إستراتيجية، بل الأسوأ من ذلك أنهم كانوا يحاربون تنظيم داعش مسلحين جزئياً من إدارة أوباما التي دعمت بتهور مجموعات في محاولة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد. أشار ترامب خلال الحملة الانتخابية إلى كل هذه الوقائع ببلاغة لافتة، وكذلك كان الوحيد الذي شدد على العواقب الكارثية التي رافقت التدخلات العسكرية السابقة في أفغانستان، والعراق، وليبيا، إذاً، تشكّل هذه إحدى اللحظات التي يستطيع فيها مَن لا يحبون منا القتل والدمار الاحتفال مرة أخرى بأن هيلاري كلينتون، التي أيدت حملة ليبيا، سخرت بخبث من مقتل القذافي، ودعمت تغيير النظام في سورية، لم تصل إلى البيت الأبيض. في تناقض حاد، يستند ترامب في قرار سحبه الجنود الأميركيين من سورية إلى تقييم منطقي وإنساني يُظهر أن التدخل العسكري الغربي في الشرق الأوسط ينتهي دوماً بكارثة، لذلك من الضروري أن نتفاداه قدر المستطاع. ولكن ما لا يقل أهمية واقع أن بقاء الأسد يعني أيضاً أن هجوماً أميركياً أو إسرائيلياً على إيران صار أقل احتمالاً، فلطالما أوضح ترامب، رغم خطابه العدائي، أنه مستعد للقاء القادة الإيرانيين بغية إعادة التفاوض بشأن الصفقة النووية، لنأمل أن يتحدّى مرة أخرى مستشاريه من الصقور، الذين أحاط نفسه بهم، محققاً ذلك النصر الدبلوماسي أيضاً.*(جون برادلي)