أقيمت مساء أمس الأول بمسرح الدسمة الندوة الفكرية المواكبة لمهرجان الكويت المسرحي الـ19، التي جاءت بعنوان "العلاقة التكاملية بين المبدع والناقد"، شارك فيها كل من يوسف الحمدان المتحدث الرئيس، والمعقّبون من الكتّاب والمخرجين إنعام سعود وفهد الحارثي وتغريد الداود وسامي بلال، وأدار الندوة د. فيصل القحطاني.

بداية، تحدّث المسرحي والناقد يوسف الحمدان قائلا: "في هذا المحور الإشكالي تتعدد أوجه العلاقة بين الناقد والمؤلف، فهناك المؤلف الناقد والعكس، وهناك الناقد للمؤلف من خارج دائرة المؤلف الناقد أو العكس، وهناك المؤلف المخرج الذي يكتب نصه على فضاء عرضه المسرحي، وهناك المؤلف الناقد الذي يرتجل نصه وفق الموقف اللحظي، وتتعدد أوجه العلاقات حد الالتباس بين الناقد والمؤلف.

Ad

تقول الكاتبة المسرحية إنعام سعود إن الناقد يمكن الاستغناء عنه، في حين أن المؤلف المبدع لا، فماذا يفعل الناقد إن لم يكن هناك إبداع؟ لافتة الى أن النقد الصحافي يكسر المجاديف من باب العادات والتقاليد، لكن صاحب الموهبة يتحدى نفسه ويقدّم نصوصه.

الناقد شريك

وفي ورقته البحثية يقول المخرج والكاتب السعودي فهد الحارثي: منذ وجد الإبداع كان الناقد شريكا في استنطاق العمل الإبداعي يقرأ ويحلل ويفكك ويعيد ترتيب الأدوات، ويستلهم نبضه من نبض المبدع، ثم يضيف له ولنصه إبداعا على إبداع، موضحا أن العلاقة بين المؤلف والناقد علاقة متشابكة تذهب نحو الأدبي في حال كونها نصا مكتوبا، ونحو الفني في حال كونها نصا منفذا، ثم إنها تتشابك في طبيعة تلقي الناقد نص المؤلف، وتلقي المؤلف نص الناقد.

وتقول الكاتبة المسرحية تغريد الداود: الإشكالية التي تواجهنا في كثير من الأحيان هي اكتفاء الناقد بتناول ما يطلق عليه "نص العرض"، وهو ما يجب أن يعرف بأنه تفسير المخرج للنص من خلال رؤيته، الأمر الذي قد لا يتضمن نقدا سليما للنص الأصلي الذي كتبه المؤلف، لما قد يتعرض له من تغييرات، وهذا ليس تنصلا من العرض الذي يقدمه المخرج، لكنه رغبة في أن يأخذ النص المكتوب حقه من التحليل، ومن ثم تتم مقارنته مع ما تم عرضه على المسرح.

ويقول المؤلف والمخرج سامي بلال: "هناك فجوة بين المبدع والناقد، تكمن في نزعة الناقد إلى التأطير، ونزعة المبدع إلى التغيير، فالناقد يسعى إلى تأطير العملية الإبداعية الحالية من خلال مخزون معرفي لتاريخ الفنون وتقاليدها، وفي المقابل يكون الفنان، وهو كائن متمرد بطبعه على واقعه وبيئته، وبالتبعية على الأعراف والتقاليد الفنية التي يعتبرها تقييدا مرفوضا لحريته، وبيكاسو يقول: تعلّم القواعد كمحترف لتكسرها كفنان.

مصلحة مشتركة

بينما شهد المحور الثاني من الندوة مشاركة كل من د. محمد زعيمة (مؤطر)، والمخرج الإماراتي حسن رجب، وفيصل العميري، ونصار النصار، ويوسف الحشاش (معقّبين)، وحضرها حشد كبير من الجمهور وضيوف المهرجان ومحبي المسرح، وكان في مقدمتهم مدير إدارة المسرح بالمعهد العالي للفنون المسرحية أحمد التتان.

استهل الحديث د. زعيمة قائلا إن هناك 3 جماعات ذات مصلحة مشتركة في الوصول إلى مستوى أفضل، سواء كان ذلك عن وعي أو غير وعي، وهي جماعات الفنانين والنقاد ومعهم الفلاسفة والمنظّرون والعلماء، من أجل تحقيق الخبرة الجمالية، لأن الفن حرية والنقد تنظير، ومن المفترض أن التنظير يأتي لاحقا.

أما المخرج الإماراتي حسن رجب فقد أكد أن المخرج صاحب تفسير وتحويل النص إلى صورة، سواء كانت ناقصة أو متكاملة، وغالبية النقد هو نقد انطباعي وعلى الهوى، بل وفيه تعالٍ أحيا، وأصبحنا نجد بعض النقاد يتحدثون عن المطبخ والرياضة، مشيرا إلى أن بعضهم يتحدث عن نقاط بعيدة عن العمل، ويطرح أسئلة فلسفية القصد منها عدم إضعافه.

بينما دافع المخرج والفنان فيصل العميري عن أهمية الناقد ودوره، وقال إن المخرج الواعي والقوي هو من يخلق الناقد الجيد، لأن الكلام حينها سيكون قليلا، مشددا على أهمية أن يكون هناك ناقد واع، لأن فن المسرح فن مباشر لحظي.

تعلّم من الرواد

ولفت إلى أن الناقد يضيف بآرائه الإبداع والجمال في العرض، ولا ينتقد فقط لمجرد الانتقاد، مبينا أن النص له أساليب وأسس موضوعية.

المخرج نصار النصار أكد أنه تعلّم من الرواد في المسرح أمثال المخرج عبدالله عبدالرسول، وكثيرا ما يحصل على النقد قبل بداية العرض، وقال إن فكرة وجود الناقد قبل العرض تفيد كثيرا المخرج والعمل بشكل عام، لاسيما أن الناقد متذوق ويملك أدوات، ومن شأنه أن يقدم رأيا صحيحا، متسائلا عن عدم وجود المتخصصين في النقد أو الذين يريدون أن يكون لهم موطئ قدم في النقد بالقاعة، مثل طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية وغيرهم.

بينما قال المخرج يوسف الحشاش إن المخرج يحتاج إلى أن يكون على علاقة دائما مع الناقد، لكن بداخله دائما أن هذا الناقد سيتحدث عن أشياء سلبية، لافتا إلى أن النقد بعد العرض مهم جدا، لكن علاقة المخرج والناقد فيها مشكلة.