القيادة الجديدة للقطاع النفطي أمام تحدي تجاوز إخفاقات الماضي
الترضيات السياسية سبب مباشر لتراجع دور مؤسسة البترول
تحديات كثيرة متعددة الأبعاد تواجه القيادة النفطية الجديدة في البلاد ينبغي معها العمل بشكل مكثف لتجاوزها، خصوصاً أن هذا القطاع يعجّ بمشكلات متراكمة منذ سنوات، وسط متغيرات مرتبطة به مباشرة ، ومنها عوامل خارجية وجيوسياسية، تتعلق بدور الدول الأعضاء في «أوبك» والمنتجين المستقلين في تحديد سقوف الإنتاج والأسعار، في موازاة علاقة هذا القطاع بالترضيات السياسية المحلية، إن صح التعبير.
تنتظر القيادات النفطية الجديدة في البلاد تحديات كثيرة سواء محلياً أو إقليمياً أو دولياً لاتقتصر على ما يتعلق بالجوانب الفنية المتخصصة فحسب، بل تتعداها إلى الاستراتيجيات ومنها العوامل الجيوسياسية، ومدى توافق ذلك مع دور منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» والمنتجين المستقلين في تحديد الأسعار وسقوف الإنتاج، وإزاء مجمل ذلك لايمكن للقيادات النفطية الركون إلى الطريقة التقليدية في قيادة هذا القطاع الرئيسي والحيوي في البلاد.وركزت آراء متخصصين استطلعت «الجريدة» آراءهم على أن القطاع النفطي يحتاج إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في مشروعاته التنموية، علاوة على ضرورة تأهيل الكوادر الشابة ومنحها الفرصة لقيادة القطاع، ووجوب القيام بمراجعة استراتيجية للقطاع النفطي ومشاريعه المدرجة، فضلاً عن ضرورة اعتماد رؤى جديدة تعبر بالقطاع إلى بر الأمان. في البداية، قال أستاذ التمويل في الجامعة العربية المفتوحة د. عواد النصافي، إن القيادات النفطية الجديدة تواجهها تحديات داخلية تتمثل في مشكلات إدارية متراكمة منذ سنوات، علاوة على تدخلات سياسية من النخب السياسية، أما التحديات الخارجية فتتمثل في استدامة القدرة التسويقية والبيعية أمام تحديات المنافسة العالمية؛ كما أن هناك تحديات في توسيع قاعدة العملاء والمنتجات، وهذا يتطلب استثماراً مالياً وبشرياً كبيرين ومهنية إدارية عالية.
وأضاف النصافي، أن أسعار النفط ومايرتبط بها من تحديات جيوسياسية تتطلب قيادات نفطية فاعلة واستراتيجية لمواجهتها والعمل على تجاوزها، وحلولاً جذرية للمشكلات الإدارية المتراكمة في القطاع، وإبعاد التدخلات السياسية والترضيات السياسية في التعيينات النفطية، إذ لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تخلق قطاعاً حيوياً وتنافسياً بل على العكس من ذلك، سوف يؤثر ذلك على كفاءة الأداء والتخلف الإداري، مما يؤثر بالتالي على دور القطاع التنموي سواء محلياً أو عالمياً، فالقطاع النفطي يعتبر العنصر الأساسي للدخل في الدولة، وضعف هذا القطاع وسوء أدائه سوف ينعكس سلباً على الدولة ككل، ويزيد من المشكلات التي تواجهها الحكومة حالياً مثل خلق الفرص الوظيفية وتمويل الموازنة العامة.وأوضح أن القطاع النفطي يحتاج أيضاً إلى استراتيجية جديدة تراعي الواقع المحلي من خلال تعزيز مشاركة القطاع الخاص في المشروعات التنموية، وزيادة كفاءته وتنافسيته على المستوى العالمي، مما يسهم في خلق فرص عمل لمخرجات التعليم وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، ويجب على القيادات النفطية الجديدة استقطاب العمالة الفنية المتخصصة من خلال إيجاد برامج تدريب لها بالتعاون مع المؤسسات التعليمية المحلية أو العالمية، وسوف يساعد ذلك على تخفيف الضغط عن الحكومة في التوظيف، وإبراز دور القطاع من خلال المسؤولية الاجتماعية.
تأخر المشاريع
من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية المفتوحة د. عبدالمحسن المطيري، إن التحديات أمام وزير النفط القادم كثيرة وتتمثل في تأخر المشاريع الحيوية مثل مشروع الوقود البيئي ومصفاة الزور وتطوير المصافي الكويتية.وأضاف د. المطيري، «أن الكويت بعد سبعين عاماً من إنتاجها للنفط تستورد احتياجاتها من مشتقات نفطية مختلفة مثل البنزين، على سبيل المثال، وهذا يمثل تحدياً وأيضاً فيه مخاطر كثيرة بالنسبة للاقتصاد الكويتي، لأننا نتكلم عن مشتقات نفطية مهمة وحيوية لأي بلد.وأوضح «أننا إذا نظرنا إلى الوضع الإقليمي ووضع المنطقة غير المستقر، فإن هذا يمثل تهديداً للإمدادات، التي يتم استيرادها من خارج البلاد، وأيضاً هناك تحدّ مهم جداً وهو عدم التمديد لمن تخطوا السن القانونية في القطاع النفطي، خصوصاً القياديين، إذ كان ضرورياً تأهيل كوادر شابة وتدريبهم وإعطاؤهم الفرصة لقيادة القطاع بشركاته المختلفة. وأشار إلى أن القيادة الجديدة القادمة للقطاع النفطي عليها الاستفادة من بعض الأخطاء السابقة في بعض الاستثمارات والمشاريع، مثل مصفاة فيتنام، التي تأخرت عن موعد تشغيلها، إذ لا يعني أن تشغيل تلك المصفاة بشكل تجريبي أن المشروع قد اكتمل إذ يؤثر التأخر على العوائد المادية للبلاد من خلال الخسارة المترتبة عنه.وأكد ضرورة الاستفادة من الأخطاء كذلك في تنفيذ مشروع مصفاة الدقم بعمان وبناء على ذلك، يجب على المعنيين في القطاع البحث عن طرق مبتكرة لتمويل مشاريع القطاع وخصوصاً الاستثمارية منها بعيداً عن الاقتراض من البنوك إذ يمثل ذلك كلفة عالية على المشاريع، بالتالي يؤثر على جدواها الاقتصادية، لافتاً إلى أن هناك حلولاً كثيرة في هذا الإطار مثل إصدار الصكوك على سبيل المثال لتمويل مثل هذه المشاريع الكبرى.وقال المطيري، إن هناك تحدياً أكبر مما سبق ذكره وهو تحدي أسعار النفط التي تنخفض بين حين وآخر، إذ يؤثر ذلك على توازن الأسواق العالمية، ويجب ألا يفوتنا هنا أن الولايات المتحدة الأميركية برزت في الآونة الأخيرة كأكبر منتج نفطي في العالم وهذا بطبيعة الحال سوف يؤثر بقوة على أسعار الخام. وأشار إلى أن التحدي يجب أن يتمحور حول آلية تنويع الصناعة النفطية وعدم الاعتماد على تصديره كسلعة خام بل يجب الاستفادة القصوى منه والعمل على إيجاد صناعات تحويلية وبتروكيماوية نستطيع الاستفادة منها وتحقق عوائد أفضل.خبرة فنية
بدوره، قال الخبير النفطي أحمد كرم، إنه لثبات القطاع النفطي وعدم زعزعته لابد أن يتحلى بمن يقوده بالخبرة الفنية الكافية في جميع قطاعاته وأموره الإدارية بطبيعة الحال، بالإضافة إلى التحلي بمهارات الإدارة وحسن التصرف، وعليه لابد من اختيار الشخصيات، التي تدرجت من داخل القطاع حتى تكون متمرسة في عملياته. وأضاف كرم أنه على أي حال، التدخل السياسي أصبح واضحاً جداً في هذا القطاع الحيوي للدولة، مما بدأ يؤثر سلباً عليه وعلى مشاريعه المهمة. ويجب أيضاً أن تكون هناك مراجعة مستمرة للاستراتيجية المستقبلية والمشاريع المدرجة ضمنها، هذا إضافة إلى موضوعات الإدارة المهمة كدمج الشركات النفطية أو خصخصة بعضها. وذكر أن القيادات الجديدة عليها ألا تصغي إلى أي ضوضاء قد تؤثر على مسار المشاريع أو تأخيرها، لكنها لابد أن تصغي جيداً إلى الآراء البنّاءة، التي بدورها تطور هذه المشاريع والخطط المستقبلية. ولابد أيضاً من أن تكون أقرب من العاملين والسماع لمتطلباتهم، إن وجدت، فالقطاع النفطي حالياً كأي قطاع آخر، أصبح مكشوفاً لدى الجميع، ويجب الحذر في اتخاذ القرارات غير المدروسة أو السريعة.رؤية جديدة
من ناحيته، أكد رجل الأعمال محمد النقي ضرورة أن تكون هناك رؤية يتم تطبيقها وهذا ما حدث من القيادة النفطية السابقة، مما أوصلنا إلى الوضع الحالي، وعليه يجب أن تكون هناك باستمرار رؤى جديدة حول كافة القضايا وعدم الاعتماد لفترة زمنية طويلة على رؤية واحدة، وهنا يجب ألا نتهم أحداً أنه أخطأ، بل نقول إنه ليس لديه جديد ليطبقه وعليه يجب الاعتماد على آراء جديدة وكوادر مختلفة لنرى رؤية جديدة.وقال النقي، إن هناك أموراً كثيرة تغيرت حولنا، مثل تقرّب روسيا من منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، وإعلان قطر انسحابها من هذه المنظمة، وعليه يجب أن نواكب نحن في الكويت تلك المتغيرات بنظرة جديدة يتم فيها الاعتماد بشكل أو بآخر على مصادر أخرى غير النفط، وهذا يتطلب توحيد الجهود ووضع الخطط لمجابهة تلك المتغيرات الجديدة في أوضاع المنطقة والسوق النفطي عموماً، مما يتطلب معه البحث عن كيفية وضع خريطة طريق لمشروعات عملاقة تعتمد على النفط بدلاً من تصديره كخام فقط.وأشار إلى ضرورة النظر باهتمام إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة في الفترة المقبلة وإعطائها أولوية قصوى، والبدء في العمل على تشغيل المصانع بتلك الطاقة المتجددة، وعدم الاعتماد على النفط في توليد الطاقة، بل تحويل النفط إلى صناعات تحويلية تمثل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.وقال النقي، إذا كنا تأخرنا في مشاريع بعيدة عن تصدير النفط فقط، فإن الوقت قد حان للبدء بأقصى سرعة في ذلك، فالاهتمام بالنفط على مستوى الأسواق بدأ في الهبوط تدريجياً والاتجاه الآن بدأ يظهر نحو إنتاج الغاز الطبيعي.
القطاع النفطي يحتاج إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في مشروعاته التنموية
القطاع النفطي يحتاج إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في مشروعاته التنموية النصافي
من الضروري تأهيل الكوادر الشابة ومنحها الفرصة لقيادة القطاع المطيري
مراجعة استراتيجية للقطاع النفطي ومشاريعه المدرجة مطلب أساسي كرم
يجب أن تكون هناك رؤى جديدة تعبر بالقطاع إلى بر الأمان النقي
القطاع النفطي يحتاج إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في مشروعاته التنموية النصافي
من الضروري تأهيل الكوادر الشابة ومنحها الفرصة لقيادة القطاع المطيري
مراجعة استراتيجية للقطاع النفطي ومشاريعه المدرجة مطلب أساسي كرم
يجب أن تكون هناك رؤى جديدة تعبر بالقطاع إلى بر الأمان النقي