نبّهت تركيا أمس، إلى أن «لا طائل» من احتفاظ فرنسا بوجودها العسكري في سورية لـ «حماية» وحدات الشعب الكردية المنخرطة في الصفوف الأولى من المعارك الدائرة منذ أكثر من 7 سنوات بدعم من واشنطن، محذرة من أن بقاء قواتها لن يعود بالفائدة عليها أو على حلفائها.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، خلال اجتماع لتقييم سياسته للعام الحالي، «لا يخفى على أحد أن فرنسا تدعم وحدات حماية الشعب الكردية. وقد اجتمع رئيسها إيمانويل ماكرون بممثلين عنهم»، مضيفاً: «لا معلومات لدينا حول إيفاد المزيد من الجنود (الفرنسيين)، لكنهم يحافظون على وجودهم الحالي. وإن كانوا يبقون لبناء مستقبل سورية، فهم مشكورون. لكن إن كانوا يبقون لحماية الوحدات الكردية، فلا طائل من ذلك لأحد ولن يفيدها أو يفيد التنظيم».وتشارك فرنسا، التي أسفت بشدة لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من سورية وأكدت عزمها البقاء في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وأوفدت طيّارين حربيين، وعسكريين «مدفعية» يتولّون عمليات القصف، كما نشرت عناصر من القوات الخاصة في الأراضي السورية، بشكل غير رسمي.
الفرات ومنبج
وإذ شدد جاويش أوغلو على أن «تركيا تتحلّى بما بكفي من القوّة للقضاء على تنظيم داعش بمفردها»، أوضح أنها عازمة على العبور إلى شرقي نهر الفرات في أقرب وقت ممكن، إضافة إلى أنها اتفقت مع الولايات المتحدة على استكمال بنود خريطة الطريق المتعلقة بمدينة منبج قبل انسحاب قواتها من سورية واسترجاع الأسلحة الثقيلة التي زودت بها الوحدات الكردية.ووسط أنباء عن دخول الجيش السوري مع وحدات روسية بلدة العريمة غرب منبج، وكشف وزير الدفاع التركي خلوصي أكار عن إعداده الخطط العسكرية الكاملة لعملية منطقة شرق نهر الفرات المرتقبة، مؤكداً أن «الأمور تسير وفقا للزمن المحدد للعملية، وأن لقاء سيجمع المسؤولين العسكريين الأتراك مع نظرائهم الأميركيين لبحث خريطة طريق منبج».وبعد اتفاقهما على التنسيق لتفادي فراغ في السلطة، حاول الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مكافأة نظيره الأميركي ضمنياً بدعوته لزيارة تركيا عام 2019.ومع تعزيزه العلاقات مع ترامب، أعلن إردوغان أنه سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الأرجح لبحث الانسحاب الأميركي من سورية، المقرر أن يناقشه أيضاً وفد عسكري من واشنطن «هذا الأسبوع» في أنقرة، بحسب الرئاسة التركية.عرض روسي
في المقابل، نقل موقع «العربية. نت» عن مصادر دبلوماسية روسية أن «وفدين كرديين أحدهما من مجلس سورية الديمقراطية المدعومة أميركياً، وصلا إلى موسكو للاجتماع بمسؤوليها.ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن محور الجولة الثاني لأكراد بعد باريس، تشمل التباحث حول مستقبل منطقة شرق نهر الفرات، موضحاً أن الجانب الروسي قدّم عرضاً يضمن انتشار قوات حرس حدودٍ تتبع دمشق على طول الحدود مع تركيا.وفي حين رفض المتحدث الرسمي باسم لجنة العلاقات الدبلوماسية في الإدارة الذاتية كمال عاكف التعليق حول تفاصيل هذه الزيارة، أكد وجود وفد من مجلس سورية الديمقراطية في موسكو وأن «كلا الطرفين، لم يصلا بعد إلى اتفاق».وفي أول تعليق من دمشق، اعتبرت المستشارة الإعلامية والسياسية لرئيس السوري بثينة شعبان، في مقال بعنوان «الهروب» نشره موقع «الميادين»، أن القوات الأميركية هربت ولم تنسحب، مؤكدة أنه «بغض النظر عن تاريخ وطريقة وضمانات انسحابهم، فمن دون شك ستعود هذه الأرض لأصحابها وأهليها».وأضافت شعبان: «تفاسير الانسحاب التي تحاول أن تمنح الهارب عناصر القوة لاتخاذ هذا الموقف، معتقدين أنه نابع من قوة وليس من ضعف، هي تفاسير مستلبة وغير قادرة على أن تقنع ذاتها بأن أصحاب الحقوق قد غيروا التاريخ وأجبروا المعتدين على الهروب».إعمار سورية
وفي خضم الجدل على قراره المثير، وجه الرئيس الأميركي، أمس الأول، الشكر للسعودية لموافقتها على طلبه تقديم الأموال الضرورية للمساعدة في إعادة إعمار سورية.وكتب ترامب، في تغريدة على «تويتر»، «السعودية وافقت الآن على إنفاق المال الضروري للمساعدة في إعادة إعمار سورية بدلاً من الولايات المتحدة، أرأيتم؟ أليس من اللطيف أن تساعد الدول الأكثر ثراء في إعادة إعمار جيرانها بدلاً من دولة عظمى، هي الولايات المتحدة، تبعد عن سورية 5000 ميل. شكراً للسعودية».وقدمت السعودية في منتصف أغسطس الماضي مساهمة بمبلغ 100 مليون دولار لمصلحة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للتصدي لمخططات «داعش» شمال شرقي سورية.ورغم أن القرار الأميركي شمل وقف الغارات الجوية، أفادت وسائل إعلام محلية بأن مقاتلات التحالف الدولي استهدف جسر حلبية وزلبية، الرابط بين ضفتي الفرات عند منطقة الكبر في ريف دير الزور الغربي خلال ترميم قوات النظام والميليشيات الموالية له، موضحة أن الهجوم طال حراقات للنفط في الجهة المقابلة لمنطقة الكبر.