دولة العراق والشام الإسلامية (داعش) اسم ظهر منذ ثلاث سنوات وشغل العرب والعالم، وقام بعمليات مثل خطف واغتصاب وتعذيب في العراق وسورية ودول أخرى، وإلى اليوم لا أحد يعرف حقيقة هذا التنظيم ومَن وراءه؟ ومن هي قيادته؟ وما أهدافه؟ ومن أين له هذه القوة والمقومات؟ تنظيم اتخذ الإرهاب أسلوباً لنشر أفكاره وسياسته، واستغلته قوى داخلية وخارجية، غامض مقنّع منقّب، تثار حوله أسئلة كثيرة. قيل إن أساس تكوينه حزب البعث العراقي بعد سقوط نظامه، وقيل إنه تنظيم تدعمه المخابرات الأميركية، وقيل إنه خلاصة التعصب والتطرف يمران بمرحلة الإرهاب عربياً ودولياً, وتثار الأسئلة: لماذا لم يقم تنظيم داعش بعمليات إرهابية انتحارية في إيران وإسرائيل؟! وكيف ولماذا يقاتل في صفوفه أوروبيون؟! أو كيف ولماذا يصنفه الجميع على أنه إرهابي؟! ومن أين له هذه الإمكانيات الهائلة مالياً وسياسياً؟! لقد تابعنا من خلال تخصصنا في تاريخ العرب المعاصر تنظيمات التطرف الديني، لكننا أمام واقع وتنظيم وفعاليات تكاد تشكل لغزاً محيراً اسمه داعش، فهل هو صناعة استخباراتية دولية لها أهداف سياسية مثل أسلحة الدمار الشامل، أو تنظيمات صناعة أجنبية لأهداف سياسية؟ أو فعلاً إنه يمثل تياراً إسلامياً سياسياً تفريخاً من تنظيمات سادت ثم بادت؟!
إن دروس التاريخ علمتنا أن الإرهاب يفرض الأمر الواقع، وأن فرداً كصدام حسين استطاع لأكثر من ثلاثة عقود أن يفرض إرهاباً على شعب كامل، فكيف لا يفعل تنظيم ذلك الإرهاب، ويجعل الناس يعيشون في هلع وخوف ليفرض الأمر الواقع؟ وقد يكون تاريخ الأمة مليئاً بتجارب مماثلة، وإن دراسة حالات الحروب التي عاشتها الدول الإسلامية العربية، والتي سميت بالحضارة من الأمويين حتى نهاية العثمانيين وقبل وبعد ذلك، تبين أن ذلك كان نهجها كي تسود وتحكم وتسيطر... فما هي قصة اللغز داعش؟! ندعو الباحثين إلى التنقيب عن هذا السر علّنا نعثر على جواب، فهناك أسئلة تاريخية تكون الإجابة عنها صعبة في الحاضر، لكنها قد لا تكون كذلك في المستقبل. لا يمكن أن يكون ذلك التنظيم إسلامياً بأفعاله التي ارتكبها بحق المسلمين وغيرهم، ولا يمكن أن يكون إنسانياً بأفعاله، إذاً ما هو؟ وما حقيقة الشماعة التي تعلق عليها المخابرات الأجنبية سياساتها لتحقيق مصالحها في صراعاتها، فهل هي بضاعة جديدة، أم قديمة بوصفة جديدة؟!
مقالات
اللغز «داعش»!
26-12-2018