ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي في دورته الـ19 نظم المركز الإعلامي جلسة وفاء للفنان الراحل صقر الرشود بعنوان «صقر الرشود الغائب الحاضر»، حضره رفيق درب الرشود الكاتب والمخرج عبدالعزيز السريع والفنان القدير محمد جابر، ولفيف من ضيوف المهرجان من المسرحيين الخليجيين والعرب، بينما أدار اللقاء الزميل مفرح الشمري، الذي استهل مستعرضا نبذة عن حياة الفنان الراحل.من جانبه، قال الكاتب والمخرج عبدالعزيز السريع إن الرشود كان ظاهرة مسرحية، لافتا إلى أن حضور زكي طليمات الى الكويت ساهم كثيرا في بلورة الحالة المسرحية ودفعها للإمام، لاسيما أنه كان يحظى باحترام الجميع، لكونه صاحب خبرة كبيرة. واستطرد: «سمعت شخصيا من طليمات يقول إنه تمنى لو كان الرشود ضمن مجموعته المسرحية لموهبته الكبيرة».
وأضاف السريع: «صقر بدأ محاولاته قبل مجيء طليمات الى الكويت، لأنه كان محبا للمسرح وشكسبيري الهوى، مارس الرشود التأليف والإخراج والتمثيل، وكان صانع عرض مسرحي متكامل، الى جانب ذلك كانت لديه ثقافة وحس نقدي خاص، يراقب الظواهر ويتعلق بها ويتوقف عندها ويحللها، ربما تكون مسائل بسيطة، لكنه لا يتجاوزها، وإنما يمعن النظر بها ويقيّم أبعادها، كان الرشود يضع علامات استفهام ويسعى إلى إيجاد أجوبة لها، ودائما ما يفرّغ غضبه في المجهود البدني، وكان يردد عليّ باستمرار أنه لن يكمل الـ40 من عمره، خصوصا أنني كنت ألومه على إرهاق نفسه في العمل.وتوقف الكاتب المخضرم عند محطة مهمة من حياة صقر الرشود، لاسيما أول نص كتبه الراحل، وقال: «عندما كتب زكي طليمات تقريره عام 58 عن تطوير المسرح الكويتي، كان من أهم ملاحظاته غياب النص المسرحي المؤلف مسبقا، خصوصا أن فرقة المسرح الشعبي حينها كانت تعتمد على الأعمال الارتجالية التي يضع الراحل محمد النشمي خطوطها العريضة، في ذلك الوقت بادر الرشود الى كتابة أول نص مسرحي بعنوان «تقاليد»، وكلف من قبل النشمي بإخراج العمل، لكن بعد فترة من البروفات بدأ الممثلون في التذمر، مطالبين بالعودة الى الأسلوب التقليدي الذي يعتمد على حد كبير على الارتجال، حينها طلب النشمي من الرشود أن يكتفي بتجسيد شخصية البطل، على أن يتكفل هو بالإخراج، وبعد وقت قليل سحب من الرشود دور البطولة، وأسند إليه شخصية فرعية، ورغم ذلك ارتضى في سبيل أن يرى العمل النور.
تجربة فاشلة
واستطرد السريع: بعد عرض «تقاليد» سعى الرشود الى تأسيس المسرح الوطني، وقدم مسرحية «فتحنا»، وكان يعتبرها تجربة فاشلة، من ثم شرعنا في تأسيس فرقة مسرح الخليج، وشاهد حلمه وهو يتجسد على أرض الواقع، ولاسيما أننا كنا مجموعة متجانسة، اشتغلنا على مجموعة من الأنشطة والندوات، وحررنا مجلة «الكلمة»، وسلك صقر دربا آخر، ورفع شعار التنويع، وقدّم عدة أعمال ناجحة منها «حفلة على الخازوق»، و«على جناح التبريزي»، ثم انتقل إلى الإمارات ليساعد في نهضة المسرح، وبالفعل بدأ تدريب مجموعة من الشباب الإماراتيين، وقدم أعمالا خلدت في ذاكرة الفن الإماراتي ومازالت باقية إلى الآن، وخلال جولته تعرّض لحادث مرور، فكان رحيله فاجعة كبيرة للجميع، وأتذكر أنني كنت أسير الى جانب الفنان عبدالعزيز المفرج في جنازة الرشود، حينها قال لي المفرج: «أتمنى لو عاد صقر إلى الحياة لثوان ليشاهد حب الناس وتقديرهم له».واختتم الكاتب القدير عبدالعزيز السريع: «صقر كان عنده بصر وراءه بصيرة، صنع الفارق بما قدّم من أعمال، وكان على أتم الاستعداد للتنازل عن أجره في سبيل تقديم عمل جاد يحترم عقلية الجمهور.صاحب رؤية
من جانبه، قال الفنان القدير محمد جابر: «تعاونت مع الراحل صقر الرشود في عدة مسلسلات بالإمارات، كان رحمة الله عليه فنانا لا مثيل له، ومخرجا صاحب رؤية وملاحظات دقيقة»، مستذكرا أنه كان يتولى مهمة تسجيل المسرحيات عندما كان في الـ16 من عمره، ليستمع اليها الفنانون بعد ذلك، ويطوروا النص، ولافتا إلى أن الأجواء في الساحة المسرحية في ذلك الوقت كان يطغى عليها طابع الود والأخوة. وأضاف: «كنا كفرق مسرحية نتبادل الزيارات، ونشاهد بروفات بعضنا البعض، ونستمع الى جميع الملاحظات ونقبلها برحابة صدر.وهج الرشود
الناقد المسرحي البحريني يوسف الحمدان قال: «درست في الكويت عام 1976، وكان وهج صقر الرشود في كل الخليج، صدى أعماله وتجربته وصلا إلى البحرين، واحتفظ بصداقات كثيرة هناك، لاسيما مع د. إبراهيم غلوم، عندما حضرت الى الكويت للدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية، عرفت أن بالكويت مدرسة فنية أخرى لصقر الرشود الذي شكّل رؤية جديدة للمسرح الخليجي، كان الراحل صاحب فكر مسرحي مستقل، واطلعت على تجربته وأعماله المهمة، وكانت أعماله لها تأثير كبير على مسرح أوال في البحرين.وأكد الإعلامي ظافر جلود أنه عاصر الراحل من خلال ما كتب عنه فقط، واستذكر عندما عرض الرشود مسرحية «حفلة على الخازوق» في بغداد عام 1976 والأثر الكبير الذي تركته في نفوس المسرحيين العراقيين حينها.فرقة مسرح الخليج
قال أمين سر فرقة مسرح الخليج العربي الفنان عبدالله العتيبي: «فخور بأنني أنتمي إلى فرقة روادها الرشود والسريع والعديد من نجوم الساحة الفنية بالكويت والخليج، كانت للرشود هيبة كبيرة، فهو مخرج يملك أدواته ويفرض شخصيته على أي عمل.من جانبه، قال الفنان جمال اللهو إن فرقة مسرح الخليج كانت تملك توجها خاصا بإقامة الندوات واللقاءات وإصدار الدوريات المسرحية في تلك الحقبة، مما ساهم في تعزيز مكانتها تحت قيادة رائديها الرشود والسريع.وألقى د. سيد علي الضوء على ما كتب عن الرشود في وقت لاحق لوفاته، مشيرا الى أن أغلب الكتابات كانت بدافع عاطفي، مما تسبب في سوء فهم وإساءة الى بعض مواقف الراحل، مسلطا الضوء على ما ذكره في مؤلفاته بهذا الشأن.الفنان العماني طالب البلوشي قال إن تأثير الراحل صقر الرشود كان واضحا على المسرح العماني، لافتا الى أن الفنان يوسف العلوي كان يقدم اسكتشات من أبرز أعمال الرشود، ويدرب الفنانين عليها في ذلك الوقت.وقال المخرج سامي بلال إن علاقته بأعمال الراحل كانت من خلال ما شهده من مسرحيات عبر الشاشة الصغيرة، لافتا الى أن تلك الأعمال ساهمت في الارتقاء بذائقة الجمهور.