مازالت الليالي المسرحية تجود بالعديد من الإبداعات الشبابية، التي تعرض يوميا على مسرح الدسمة، ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي في دورته الـ19، والذي يحتفي هذا العام بمرور 95 عاما على نشأة المسرح بالكويت.

وكان المتنافسون في هذه الدورة استشعروا مدى أهمية هذا الحدث، فكان الجميع على قدر المسؤولية بما يقدموه من عروض، ومساء أمس الأول التأم شمل عشاق المسرح من داخل الديرة، ومن ضيوف المهرجان، لمتابعة مسرحية «درس» لفرقة مسرح الخليج العربي.

Ad

والمسرحية من تأليف لؤي عيادة، وإخراج إبراهيم الشيخلي، وتمثيل عبدالله البصيري، محمد الأنصاري، عثمان الصفي، فهد رويشد، وأزياء شهد العبيد، وإضاءة عبدالله النصار، وديكور وسينوغرافيا محمد الربيعان، وموسيقى ومؤثرات صوتية عبدالله البصيري، ومساعد المخرج سعاد الحسيني.

اعتدنا خلال السنوات الماضية متابعة الفنان إبراهيم الشيخلي ممثلا ذا طابع كوميدي، ربما لامه البعض على تكرار البقاء في هذه المنطقة دون الإقدام على اكتشاف جوانب أخرى في شخصيته، بينما ما زلت على قناعة بأنه اختار الوجه الأصعب، لاسيما أنه يملك مقومات الكوميديان، لكن الشيخلي هذا العام تخلى عن دور الممثل وآثر الجلوس في الكواليس ليدير اللعبة فماذا سيقدم؟

سؤال شغلني طويلا، ما لبث أن جاءت إجابته بعد أن انتهت مغامرة إبراهيم الذي راهن على صديقه الفنان العائد بعد غياب عن المسرح ناصر الدوب وكسب رهانه، خصوصا أن الأخير اتسم اداؤه بالرشاقة وسرعة الانتقال من حالة لأخرى.

مباراة في الأداء تجلى خلالها اهتمام المخرج بعناصر التمثيل وتوظيفهم في الأماكن السليمة، فكانت الثنائيات حاضرة بين الدوب وعبدالله البصيري من جهة وبين محمد الأنصاري وعثمان الصفي من جهة أخرى، فضلا عن تحركاتهم الواعية على المسرح وسرعة الانتقال من حالة درامية إلى أخرى، ما يتطلب ممثلا لديه مقومات، ومخرج اشتغل على مواطن القوة في شخصية الفنان.

ومن ناحية السينوغرافيا تابعنا كيف خدم الديكور فكرة العمل، واشتغال المخرج على أكثر من مستوى، وتوظيفه فكرة الشبك الحديدي ورمزية وضع الكرسي أعلى السلم.

وتتطرق المسرحية إلى النفس البشرية، والصراعات الدائمة على الكرسي، والمناصب، وحاول المخرج أن يترجم نص عيادة بصريا، من خلال توظيف العديد من النماذج الإنسانية، مسلطا الضوء على الخلل الذي يكمن في الجهاز الإداري، ما يسبب غياب العدالة.

واعتمد أداء الممثلين على الكوميديا السوداء، وكان الهدف منها السخرية مما يحدث، ووظف الشيخلي خياله واعتمد على الإيقاع السريع في الانتقال من مشهد إلى آخر، فاستطاع أن يقدم فرجة مسرحية مميزة، موظفا جميع عناصر العرض بذكاء، من ممثلين وسينوغرافيا بكل مكوناتها.