«حسن حسني المشخَّصاتي»...
مسيرة فنان ابتعد عن الإعلام بإرادته
«حسن حسني المشخصاتي» عنوان كتاب صدر عن الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي يؤرخ حياة الفنان الكبير حسن حسني بتوقيع الناقد طارق الشناوي. والمفارقة التي يكشفها في مقدمته أن الفنان المصري الذي منح جائزة فاتن حمامة تقديراً لمشواره الفني الطويل لم يُدعَ إلى المهرجان سابقاً، رغم أنه أحد أهم نجوم الكوميديا في السينما خلال آخر عقدين، إذ قدَّم عشرات الأدوار الناجحة. والمفارقة لم تخفِ سعادته في حديثه عن حياته داخل فصول الكتاب المختلفة، هو الذي فضل أن يكون بعيداً عن الإعلام، مبرراً ذلك برغبته في أن يكون الحكم على أعماله الجمهور والنقـاد، فهـو لا يتحدث عن الشخصيات التي يقدمها إلا نادراً.
يقر مؤلف كتاب «حسن حسني المشخصاتي» الناقد طارق الشناوي بالتباين الموجود في مستوى الأعمال الفنية التي شارك فيها حسن حسني، ولكن في الوقت نفسه يثني على تنقله بين أكثر من شخصية في الوقت نفسه، من دون أن يكرِّر الأداء نفسه فيها، لذا كان يأخذ معه أحياناً من خلال مساعده خزانة متحركة تسير على عجلات يضع فيها ملابس الشخصيات المختلفة، وكان يعيش كل شخصية ويمسك تفاصيلها قبل أن يرتدي ملابسها، وهو ما يميزه عن أي ممثل غيره.بدأ حسني حياته في السينما من خلال دور صغير في فيلم «الباب المفتوح» مع فاتن حمامة وصالح سليم، وشارك مع مجموعة من زملائه في دور صغير تحت إدارة المخرج بركات. ورغم أن الفيلم يحمل اسم سيدة الشاشة العربية فإن الممثل لم يلتقها آنذاك، وكان اللقاء الأول بينهما في مسلسل «وجه القمر» عام 2000، ثم نشأت بينهما علاقة صداقة استمرت حتى وفاتها وتوطدت بينهما عندما اتصلت به لتهنئه على دوره في مسلسل «أم كلثوم».معرفة الجمهور بحسني جاءت سينمائية من المقام الأول، فرغم أن الفارق بين «الباب المفتوح» و«عبود على الحدود» يقترب من أربعة عقود، فإنه، بالإضافة إلى «الناظر، واللمبي، واللي بالي بالك»، وثّق علاقته مع الجمهور.
يتذكر في حديثه مواقف عدة خاصة في المسرح مع نجوم الشباك في بدايتهم حيث عملوا معه، فمشهد القرين بمسرحية «حزمني يا» كان من اختراعه، خصوصاً أن محمد هنيدي كان يرغب في مغادرة المسرحية، وتسببت زيادة مساحة دور الأخير في غضب البطلة فيفي عبده التي تقلص دورها بسبب تفاعل الجمهور مع الحوار بينه وبين هنيدي، وحققت المسرحية نجاحاً جماهيرياً.يتحدث حسن حسني عن أبطال مسرح مصر، فيرى أنهم ليسوا أذكياء لأن من ينجح فيهم بدور يُنجِّم نفسه، وهولا يرى موهبة حقيقية سوى في مصطفى خاطر، على العكس من علي ربيع الذي يعتقد أنه أخذ فرصاً كثيرة كبطل ولم يحقق النجاح.يقول حسن حسني إنه لم يشعر بأنه قدم ما يخجل منه. صحيح أن ثمة ما لا يرضى عنه ولكن هو كان وسيظل جزءاً من تاريخه الفني الذي يعتز به، فهو يعيش اليوم وهو يحلم بالغد وبالأدوار المقبلة التي قد يقدمها، ويعترف بأنه أخطأ لأن أي إنسان يخطئ ويصيب، ولكن لديه يقين بأنه لم يتعمد هذا الخطأ يوماً، لذا يخلد إلى النوم وهو مرتاح الذهن.يستعرض الكتاب لمحات من حياة حسن حسني الفنية الزاخرة والمليئة بالمحطات المهمة، من بينها إصرار رامز جلال على أن يشاركه في أولى بطولاته السينمائية، وتمسك محمد سعد بأن يشاركه غالبية أفلامه السينمائية في أدوار مختلفة ونصيحته لسعد بالابتعاد عن استنساخ شخصية اللمبي في الشخصيات الآخرى التي يقدمها.
قالوا عنه
من أبرز الشهادات التي قالها النجوم عن حسن حسني ما صرحت به الفنانة يسرا حيث قالت: «له بصمة مختلفة وصادقة، وشخصية خاصة به. نعم، ثمة ممثلون في مرحلته العمرية نفسها ولكن لدينا حسن حسني واحد، وهو الخال بالنسبة إلينا كفنانين».وبدورها قالت الفنانة إسعاد يونس: «قليلة هي الأعمال الفنية التي جمعتنا ولكني التقيته في أعمال من إنتاجي، وهو بالنسبة إلي «الجوكر»، والبطاقة الرابحة في الألعاب كافة، وهذا النوع من الممثلين عالمي. لو أن أعمالنا تُشاهد في الخارج لكان أصبح نجماً عالمياً. إنه السهل الممتنع. بسيط جداً ولكنه عصارة سنين الخبرة المتراكمة التي أدى فيها جميع الأدوار. يراه البعض كوميدياناً كبيراً، وهذا حقيقي طبعاً ولكن الحقيقي أيضاً أنه موهبة بلا شاطئ».ومن جانبها تستذكر الفنانة هند صبري ما يرسخ بذاكرتها وتقول: «عملت معه مرة في «آلة الأوقات». لديه علاقة بالجمهور تتحدى حدود الدور. كشخص الناس تحب رؤيته، وكممثل تشعر بالأمان عندما تعمل معه، أما الجمهور فيراه كأحد أفراد الأسرة. ولا يزال لديه الكثير في الأعماق».أما زوجته السيدة ماجدة فتقول: «جاء زواجنا مصادفة عام 1995 في مسلسل. كنت أنا في الانتاج وهو كان ممثلاً. كانت أحلى مصادفة في حياتي. جمعتنا سمات مشتركة وهوايات واحدة. عرض علي الزواج فقبلت. عشنا معاً حياة مستقرة وجميلة لأنة مثال الزوج الصالح الذي لا يعرف في حياته إلا بيته وعمله ولا توجد لديه أي حياة آخرى.مرّ بأصعب وقت وأقصى حزن عند وفاة ابنتنا رشا، كذلك عند وفاة علاء ولي الدين. لم أره حزيناً طوال حياتنا معاً إلا في هاتين الأزمتين».