أبعدَ هذا العُمر يذكرني قومي؟
«أبعدَ هذا العُمر يذكرني قومي»... لا أخفي سراً أنني أدرك جيداً لماذا جالت بخاطري هذه العبارة التي وردت على لسان إحدى الشخصيات في عمل أدبي، كي أتخذها عنواناً لمقالي هذا، كان ذلك وأنا أتابع وقائع المؤتمر الثالث للمشروع الوطني للمتقاعدين (خبرات) والذي عقد في ديسمبر الجاري تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك، الذي دأب دوماً على تسجيل مزيد من البصمات القوية في صفحة سجل حكومته منذ توليه. وربما كان مصدر تقديري الشديد لهذا الاهتمام بالمتقاعدين أنه في الوقت الذي تُبذل فيه الجهود لتوفير فرص عمل لشبابنا وإبعادهم عن شبح البطالة، لاسيما بعد أن أصدر ديوان الخدمة المدنية القرار رقم (11) لسنة 2017، بشأن قواعد وإجراءات تكويت الوظائف الحكومية، وإلزام الجهات الحكومية بتخفيض عدد الموظفين غير الكويتيين العاملين لديها سنويا، تقوم الحكومة أيضاً في المقابل ببذل نفس الجهود لتفعيل دور المتقاعدين والاستفادة من مخزون خبراتهم وطاقاتهم وتشجيعهم على مواصلة العطاء.
ويبدو أن التعامل مع ملف المتقاعدين مرشح لمزيد من الاهتمام، لاسيما مع الخطوات التي تجرى لتعديل بعض الأحكام والقرارات الإدارية وتحديثها بما يخدم هذه الشريحة المهمة ويحفظ حقوقها، ولا أدل على ذلك من قيام الحرس الوطني بتوقيع مذكرة تفاهم للاستفادة وتوظيف هذه الخبرات الوطنية في هذا القطاع المهم والحساس للدولة.في نفس السياق، أرى جهوداً تستحق التقدير للجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات التابع لرئاسة الوزارء بتبنيه عمل أرشيف للصحافة الكويتية منذ 1976 للحفاظ على هذه الذاكرة الوطنية من الطمس أو الضياع. كل هذه الوجوه من العمل الدؤوب والقدرة على العمل نحو تحقيق أهداف القيادة السياسية تصبح محل تقدير وثناء، فكما يقول أحدهم: "الكفاءات توقظ في النفوس الإيمان بالماضي، والعمل للحاضر، والأمل في الغد"، وعليه فمن غير المستغرب إذاً بعد حديثي عن المتقاعدين، لإعادة دمجهم في منظومة العمل والإنتاج في كل المواقع ذات الصالح العام للدولة وضرورة استثمار خبراتهم التي ربما تفوق نظراءهم من الإخوة والزملاء من دول أخرى بمواقع وظيفية تستحقها تلك الكفاءات الوطنية، خصوصا في ظل زيادة أعدادهم وتنوع مجالاتهم، وحديثي أيضاً عن جهود حفظ التراث الصحافي كذاكرة وطنية للكويت، أن أنهي مقالي بنفس الجملة التي اخترتها عنواناً "أبعد هذا العمر يذكرني قومي"، حيث الإجابة تقول إن القوم لم ولن ينسوا مادام فيهم قادة يشعرون بقيمة الإنسان ويحرصون على الماضي، ويعملون للحاضر، ويتطلعون لمستقبل يتسع للجميع.