هل لدينا انتخابات نيابية؟ نعم لدينا، هل لدينا مجلس الأمة؟ نعم لدينا، هل جميع الأعضاء فاسدون متربحون لا يعنيهم الوطن وقضاياه؟ بالطبع لا؛ ولكن هل لدينا بعد كل ذلك ديمقراطية حقيقية؟ بالطبع لا. فجسد الديمقراطية لا قيمة له، ولا يستطيع أن يقوم بشيء إن لم ينبض بروح المساواة والعدالة الاجتماعية التي تكفل لأفراد الشعب نصيباً عادلاً من الفرص والحقوق والخدمات؛ ولكن أنَّى لنا الروح؟ والإصلاحيون الذين لا يخلو منهم البرلمان، ليس لديهم خبرة كافية تمكنهم من توجيه البوصلة تجاه الدرب الصحيح، وإن قلت لي إنهم غداً يكتسبون الخبرة والقدرة، فدوري أن أذكرك بأن الأرض جُرَّفَت من الخبرات بإقصاء النخب السياسية الفاعلة التي تمتعت بخبرات واسعة تشكلت عبر ممارسات سياسية وعمل برلماني دام سنوات طويلة لم تكن الأرض مفروشة خلالها أمامهم بالورد، بل تجاوزوا عثرات و»عسرات» مست عيشهم وحرياتهم، حتى وصلوا إلى هذه الدرجة من النضج السياسي؛ ولا أدلَّ على ذلك من خطاب مسلم البراك الثاني بعد خروجه من السجن الذي تجلَّت فيه العقلانية والاتزان والحرص العميق على الوطن فلم تأخذه العزة بالإثم ولم يكابر، واعترف بشجاعة بالأخطاء السابقة للمعارضة، واختتم خطابه متجاوزاً النظرات الضيقة والشخصية المضيعة للمصالح العليا للوطن، ومدَّ يد التعاون مع السلطة بهدف حل القضايا العالقة؛ وهذا ما نفذه بالفعل على أرض الواقع النائب الحربش، عندما قاد المعارضة في اتجاه التهدئة المشروطة لذات الهدف.يتضح جلياً مما تقدم أننا أمام معارضة مخضرمة عاقلة تعلي مصلحة البلاد وتدهس تحت أقدام وطنيتها الشخصنة والانتصار للذات، ولنا هنا أن نتساءل: ما الضمانة بعد إقصاء هؤلاء العقلاء من أن يخرج لنا شباب متحمسون يقودون البلاد إلى مربع التأزيم؟ بالطبع لا ضمانة؛ وهنا الكل خاسر فتتعطل مشاريعنا الحيوية، ولا سيما رؤية 2035 الواعدة التي ينظر إليها الكويتيون على أنها الفرصة الأخيرة.
ولا يخفى على أحد أن جرح الفساد نازف ولا يتحمل مزيداً من السهام، فالحكومة أصلاً لا تسير وفق مضامين تلك الرؤية التي أفردت بعداً كبيراً للمشاركة الشعبية وبناء الإنسان الكويتي، وعثرات الحكومة في هذا الاتجاه يكاد الرضيع أن يعيها، وهو ما من شأنه ضياع حلم كويت 2035.ختاماً: النهوض طريقه واضح لا يخطئه مريد، الإيمان بالديمقراطية، والكويت للجميع قبل كل شيء، ثم تكاتف الجهود، الذي يتطلب شعور المواطن بالمساواة والعدالة الاجتماعية ؛ فهذا وحده كفيل بأن يخرج من داخل المواطنين أفضل ما فيهم من قيم، وأشد ما لديهم من جهد، فالمواطن إن آمن بأن بلاده له، يتمتع فيها بنصيب عادل من الثروة والمشاركة في الحكم؛ لا أبالغ إن قلت تستطيع به أن تشق الجبال وتقتحم عالم الفضاء، وما عليك إلا متابعة سير المجتمعات التي لديها ديمقراطية حقيقية، أين كانت؟ وكيف أصبحت؟! ودمتم بخير
مقالات - اضافات
High Light: الفرصة الأخيرة
29-12-2018