الحصاد الثقافي 2018 في لبنان... خطوات رائدة أدبية وتشكيلية

• إعادة افتتاح المكتبة الوطنية وإطلاق مشروع «متحف بيروت التاريخي»

نشر في 30-12-2018
آخر تحديث 30-12-2018 | 00:11
«مشاريع كبرى وإنجازات على الساحة الثقافية اللبنانية»، هكذا يمكن تلخيص سنة 2018 التي شهدت نهضة ثقافية ضخمة تمثلت ليس في كمّ الأحداث الكبرى فحسب، إنما في التظاهرات الشعرية والندوات الأدبية التي أعادت إلى الكتاب المطبوع حضوره على الساحة اللبنانية، وهي ظاهرة برزت في شكل خاص هذا العام فعّلتها المنتديات الأدبية التي تأسست في مناطق لبنانية مختلفة، فضلاً عن المعارض التشكيلية التي توزعت بين فنانين لبنانيين وعرب وأجانب، فأثرت المشهد الفني بتنوع الأساليب والتيارات...
يمكن القول إن وزارة الثقافة في لبنان كان لها دور فاعل في ازدهار الحركة الثقافية إلى جانب النوادي والفاعليات، ولم تقتصر هذه الحركة على بيروت بل شملت طرابلس وصيدا ومدناً لبنانية أخرى، فكان لها أثر إيجابي في تعزيز القطاع الثقافي وتطويره...

إطلاق مشروع بناء وتجهيز المعهد الوطني العالي للموسيقى (الكونسرفتوار) بهبة مقدمة من حكومة الصين الشعبية، أحد أبرز الأحداث الثقافية في 2018، إلى جانب افتتاح المكتبة الوطنية بعدما أغلقت أبوابها سنوات طويلة بسبب الحرب اللبنانية، وذلك بهبة من دولة قطر، وإطلاق مشروع «متحف بيروت التاريخي» في وسط بيروت، الممول بهبة من دولة الكويت.

كذلك من الأحداث البارزة التي لها وقع مهم على الحركة الثقافية في لبنان توقيع وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور غطاس خوري والمدير العام لشركة أوبرا لبنان فريد الراعي مذكرة تعاون لدعم قطاع الأوبرا وتطويره، عبر إعداد فريق بشري متخصص في المجالات الفنية، وذلك في حضور النائبة في البرلمان الإيطالي سيمون دي فارتينو والمدير العام للجمعية السعودية للمحافظة على التراث عبد الرحمن العيدان.

هذه المذكرة هي الأولى التي توقع بين الوزارة والقطاع الخاص، بما يعود على الإنتاج الاوبرالي اللبناني بنهضة فنية، خصوصاً أنه يرتكز على إنتاج أوبرالي باللغة العربية.

محطات مميزة

في خطوة هي الأولى من نوعها في لبنان والمنطقة، احتضن المتحف الوطني في بيروت مشروع «أبواب.. الرجاء اللمس» الذي أطلقته جمعية Red Oak بالاشتراك مع متحف Omero الوطني في إيطاليا وبالتعاون مع المركز الثقافي الإيطالي في لبنان.

يهدف المشروع إلى تطوير مهارات ترمي إلى نشر خدمات تعليمية شاملة عبر جولات اللمس والتوصيفات السمعية وغيرها من تجارب متعددة الحواس مصمَّمة لتلبية حاجات المعوقين بصرياً، إضافة إلى ممرات عبور متعددة الحواس ضمن المتحف ليستخدمها المكفوفون.

كذلك شهدت طرابلس معرضاً للفن المعاصر تحت عنوان «أطوار العمران»، توزع بين قلعة طرابلس ومعرض رشيد كرامي الدولي، من تنظيم جمعية «بيروت متحف الفن»، برعاية وزارة الثقافة ومكتب منظمة الأونيسكو في بيروت. استوحى أعماله من أهمية عجلة الزمن واندثار الحضارات وأطوار العمران في الموقعين.

بدورها أقامت نقابة الفنانين التشكيليين اللبنانيين، احتفالاً تكريمياً في قصر الأونيسكو، في مناسبة اليوم الوطني للفن التشكيلي في لبنان (26 فبراير) برعاية وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري، شدَّد خلاله رئيس النقابة الدكتور نزار ضاهر على أهمية المناسبة كونها تجمع كل الفنانين لما فيه مصلحة لبنان، وتخلل الاحتفال عرض لوحات من أعمال الفنانين التشكيليين اللبنانيين الراحلين (من مجموعة وزارة الثقافة).

معارض الكتب

كعادته في كل عام، نظّم المعهد الفرنسي في لبنان بالتعاون مع نقابة مستوردي الكتب وبدعم من وزارتي الثقافة والتربية ومن بنك البحر المتوسط، «صالون الكتاب الفرنكفوني» في دورته الخامسة والعشرين تحت عنوان «الثقافة الرقمية» (11-3 نوفمبر)، شارك فيه نحو 180 كاتباً من البلدان الفرنكفونية، ودور نشر ومكتبات وجامعات ومعاهد، وتضمن جناحاً لدور نشر عربية تتولى ترجمة مؤلفات من الفرنسية الى العربية ومن العربية إلى الفرنسية، فضلاً عن تقديم خمس جوائز أدبية وأمسيات موسيقية، سينما، محاضرات، طاولات مستديرة، لقاءات ثقافية وسياسية واجتماعية على أنواعها.

بين 6 و17 ديسمبر الجاري احتضنت بيروت «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب» في دورته الثانية والستين، شاركت فيه 240 داراً للنشر، لبنانية وعربية، وثماني دول هي الكويت، ومصر، والسودان، وسلطنة عمان، وفلسطين، وإيران، وأوكرانيا، والدولة اللبنانية ممثلة بوزارتي الثقافة والمالية، إضافة إلى مؤسسات رسمية دولية وعربية.

تنوع البرنامج الثقافي بين المحاضرات والندوات، أبرزها «يوم كمال جنبلاط بعد المئة، ولقاء عروبي جمع بين وزيري الثقافة اللبناني والفلسطيني عنوانه «سبعون عاماً وبعد»، ولقاء في عنوان «الجزائر بين ثورة نوفمبر وتموز الحرية»، ولقاءان مميزان مع أدونيس ومع الروائي إبراهيم نصر الله، إضافة إلى زاوية تشكيلية بعنوان «حوار الألوان» شارك فيها فنانون تشكيليون، فضلاً عن مواكبة أحدث الإصدارات.

غياب

في 2018، غاب أدباء وشعراء لبنانيون أثروا الساحة الأدبية اللبنانية والعربية بمؤلفات قيمة. في 4 مارس توفي الأديب والشاعر والروائي والمترجم اللبناني جواد صيداوي «أبو حيان» عن عمر يناهز 86 عاماً.

صيداوي من مواليد مدينة النبطية، وأول من نال إجازة في الأدب العربي في مدينته في العام 1955. كتب الشعر والرواية والدراسة وترجم روايات عالمية، فيما ترجمت ثلاثيته «أجنحة التيه» إلى الفرنسية والإنكليزية.

في 14 مارس توفيت الأديبة والكاتبة اميلي نصر الله عن عمر ناهز 87 عاماً بعد صراع مع المرض، تاركة إرثاً أدبياً ترجم إلى لغات عدة، ولا تزال رائعتها «طيور أيلول» محفورة في الذاكرة وتشكل صورة وافية عن مجتمع القرية والعادات والتقاليد في النصف الأول من القرن العشرين.

كذلك غاب الأديب والمسرحي اللبناني نبيل الأظن (12 نوفمبر) بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 69 عاماً، وهو أحد أهم الكتاب والمخرجين المسرحيين اللبنانيين الذين عملوا بفن وبراعة لنقل المسرح اللبناني إلى العالمية واستحدث رؤية خاصة وبصمة فارقة للأجيال في لبنان والعالم.

فقد المسرح أيضاً زياد أبو عبسي (18 نوفمبر)، كاتب ومخرج مسرحي وممثل، اشتهر بأدواره في مسرحيات الفنان زياد الرحباني، فضلاً عن كونه أكاديمياً حاضر وعلّم المسرح في الجامعات والمعاهد في لبنان. إلى جانب أعماله المسرحية، كتب مقالات حول مواضيع فلسفية وسياسية واجتماعية.

وقبل أن يطوي 2018 آخر أوراقه خسر الشعر والأدب الشاعر اللبناني موريس عواد (9 ديسمبر) عن عمر ناهز 85 عاماً، وهو أحد أبرز رواد الشعر العامي اللبناني الذي عمل جاهداً لنقل هذا التراث إلى الثقافة العالمية، وقد تجلى ذلك في عدد من أعماله.

الحركة الثقافية في لبنان لم تقتصر على بيروت بل شملت طرابلس وصيدا ومدناً لبنانية أخرى
back to top