Ad

منارة ثقافية

أحد الأمور المبهجة في عام 2018 والذي حقَّق تفاعلاً كبيراً محلياً وإقليمياً، افتتاح سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في الخامس من فبراير الماضي، مركز عبدالله السالم الثقافي الواقع في منطقة الشعب البحري، بحضور ولي العهد وكبار الشيوخ وحشد من المسؤولين، وعُرض خلال الاحتفال فيلم وثائقي عن مرافق مركز الشيخ عبدالله السالم الثقافي المختلفة، بيَّن أن الافتتاح يأتي ضمن الرؤية الأميرية السامية الرامية إلى المزيد من الانفتاح على الثقافات العالمية والتطورات التكنولوجية، وخلق حالة من الحوار الثقافي والترفيهي والتعليمي، بما يؤدي إلى تطوير القدرات والمفاهيم الحضارية لإثراء الثقافة والتعليم في تنمية الفكر الإنساني لبناء المجتمعات وتقدمها.

وكشف الفيلم أن مركز عبدالله السالم الثقافي يُعد تحفة معمارية وإضافة تاريخية واستمراراً لتدفق العطاء الثقافي الكويتي المستنير وريادته، وأن افتتاحه تزامناً مع احتفالات الكويت بأعيادها الوطنية يؤكد مدى التطور الثقافي الذي آلت إليه الدولة، إيماناً من قيادتها بدور الثقافة في دعم الحضارات والدفع بعجلة التنمية الكويتية إلى الأمام، بفضل الرؤى السامية لسمو أمير البلاد، ولتكون الكويت منبراً ثقافياً وتعليمياً عالمياً.

ويُعد المركز منارة ثقافية ومركزاً إبداعياً حضارياً في المنطقة، ويضمّ ثمانية مبان تحوي نماذج واختراعات في مختلف المجالات. ويشمل ستة متاحف من بينها متحف للتاريخ الطبيعي وعلوم الفضاء والعلوم الإسلامية العربية، ومتحف العلوم ومبنى للوثائق، وقاعة مؤتمرات تتضمن مسرحاً يتسع لـ 300 شخص، ومبنى للخدمات العامة ومركزاً للمعلومات ومبنى لمواقف، إضافة إلى معروضات المنطقة العامة التي تتوزع بين المتاحف.

ونظراً إلى تميز تصميم المركز، فإنه فاز بجائزة مؤسسة المباني العالمية كأفضل مشروع هندسي عن فئة المرافق العامة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2018، والتي تعد إحدى أكثر الجوائز المرموقة في عالم العمارة.

واستضاف المركز بعض الفنانين المرموقين، كالفنان الهولندي إريك بروغ، وهو مؤلف ومصمم وفنان هولندي كرَّس مهاراته لإظهار جمال الفن الإسلامي المعاصر، والفنان نجا مهداوي المعروف بأعماله الفنية المعاصرة ومهارته في الخط العربي.

جسور ثقافية

ضمن اتجاه التميّز ذاته، استمرّ مركز جابر الأحمد الثقافي بتقديم فعاليات فنية وثقافية أسهمت في انتعاش المشهد المحلي، وشهد عام 2018 الجزء الثاني من الموسم الثقافي الأول ثم الموسم الثقافي تحت عنوان «جسور ثقافية»، واستقطب نجوماً من العيار الثقيل في أمسياته من بينهم المطربة مي فاروق، وإيمان عبدالغني، وفدوى المالكي، والفنانة أحلام. كذلك غنى في المركز الفنانون محمد البلوشي، وحمد المانع، ومساعد البلوشي، وماجد المخيني، فيما قدَّمت فرقة المركز أمسية لأغاني الشاعر والأديب الراحل أحمد مشاري العدواني، صاحب الإسهامات في نهضة الكويت الثقافية، وهو شاعر النشيد الوطني، فضلاً عن أمسية لاستحضار بعض أعمال الفنان الكبير الراحل أبوبكر سالم بلفقيه، والاستعراض الغنائي «أبيض وأسود» الذي احتفى بفترة فنية زاخرة أسرَت الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، فأعادنا إلى تلك الحقبة الحالمة من السينما المصرية، وشارك فيه كل من الفنانة عبير نعمة والفنان طارق بشير، بمصاحبة فرقة مركز جابر الموسيقية، وبقيادة د. محمد باقر، والعمل من إخراج هشام جابر وإنتاج طلال المهنا.

ومن النجوم الأجانب الذين استضافهم المركز، فرقة أوليفيا هايمييه وفابيو زانون، والفنان الإيراني بيحان مرتضوي وفرقة أرمينية قدمت أوبرا «الناي السحري»، وأوركسترا بوخارست فلهارمونيكا، بقيادة المايسترو البروفسور د. هوريا أندريسو، وفريق «كاتابولت»، الذي تأهل لنهائيات برنامج «أميركا غوت تالنت» للموسم الثامن، وعرض الظلال المتحركة الساحر للأطفال والكبار، وأوركسترا بوخارست، وفرقة غوكسيل التركية. واستضاف المركز الأسطورة العالمية هيربي هانكوك. كذلك احتضن فرقاً موسيقية ومجموعة من المطربين المعروفين.

بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، عرضت أكاديمية لوياك للفنون الأدائية «لابا» مسرحية «كلمتين وبس» على خشبة مسرح الدراما في مركز جابر الأحمد الثقافي.

تهدف المسرحية إلى تخليد ذكرى الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا كشخصية كويتية أثرت الحركة المسرحية في منطقة الخليج كلها. وفي شهر مارس ذاته، استضاف المركز الأوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية التي قدمت 15 مقطوعة موسيقية في حفلة استثنائية كان عنوانها التنوع في الاختيارات بين الأنغام الغربية والألحان الشرقية، بقيادة المايسترو نيكولاي مولدوفينو.

مناسبة وطنية

وفي مجال السينما، عُرض الفيلم السينمائي «سرب الحمام» في قاعة السينما بالمركز، ويركز الفيلم على بطولات الصامدين الذين خلدهم التاريخ، فكان بيت القرين شاهداً على تضحياتهم، لأن كل فرد فيهم كان كالصقر يعيش شامخاً وقوياً، ويأبى أن يقبع في الأسر، ويدافع عن حياض الوطن ببسالة حتى آخر لحظة في حياته. جاء ذلك تزامناً مع ذكرى عيدي الاستقلال والتحرير، وبرعاية وحضور رئيس ومؤسس شركة دار اللؤلؤة للإنتاج الفني والفرقة السينمائية الأولى الشيخة انتصار سالم العلي الصباح.

كذلك ضمّت أجندة الموسم حفلة غنائية بعنوان «من أعمال الفنان راشد الحملي»، وعرض «أين تذهب هذا المساء؟ الثمانينيات» من إخراج جاسم القامس.

وفي «حديث الاثنين» استضاف المركز مجموعة من نجوم الأدب والثقافة، من بينهم الروائي الشاعر إبراهيم نصرالله، والروائي إسماعيل فهد إسماعيل، والفنان داود حسين، والإعلامية استقلال أحمد... في جلسة بعنوان «عبدالحسين عبدالرضا فارس سيفه الفن». كذلك أقام المركز أمسية موسيقية بعنوان «القصيدة بين الإرث والمعاصرة»، للباحث في الموسيقى الفنان مصطفى سعيد، بمعية مجموعة «أصيل».

ونظَّم «حديث الاثنين» أمسية حوارية عن الفنان الراحل أبوبكر سالم، في القاعة المستديرة، والروائي البرتغالي أفونسو كروش، والفنان فاضل عواد، والروائي واسيني الأعرج، والفنان سعد الفرج، وكان للروائيين الشباب نصيب إذ استضاف المركز الروائي سعود السنعوسي والروائي عبدالله البصيص.

دار الآثار الإسلامية

في فبراير الماضي، احتفلت دار الآثار الإسلامية بمرور 35 عاماً على تأسيسها، إذ أثبتت الدار دورها في نشر الوعي الآثاري والثقافي ليس في الكويت فحسب، بل في دول الخليج والوطن العربي والعالم الغربي كذلك، فكانت شريكاً فاعلاً في تعزيز دور الثقافة في العالم.

ثلاثة عقود ونيف أمضتها دار الآثار الإسلامية في خدمة الثقافة والإبداع في الساحة العربية، إذ احتفلت بمرور 35 عاماً على إنشائها كمؤسسة تُعنى برعاية مجموعة آثارية تضم آثاراً وتحفاً فنية ثمينة ونادرة يمتلكها الشيخ ناصر صباح الأحمد (النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع) وقرينته المشرفة على الدار، الشيخة حصة صباح السالم.

ولم يقتصر تطور الدار على الدور المنوط بها في تقديم «مجموعة الصباح»، إذ تواصل تطورها وتقديم مختلف الآثار والتحف الفنية من مخطوطات رائعة وآلات علمية وسجاد وجواهر وخزف ومشغولات معدنية وخشبية وزجاج، بلغ عددها حتى الآن أكثر من 30 ألف تحفة فنية أنتجت على امتداد العالم الإسلامي جغرافياً من إسبانيا إلى الصين، وزمنياً بين القرن الثاني والقرن الثالث عشر الهجري.

رحيل وتكريم

وشهد عام 2018 رحيل الروائي إسماعيل الفهد عن عمر يناهز 78 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً أدبياً كبيراً بعد مسيرة حافلة بالإنجازات المحلية والعربية، واشتهر الراحل بالجرأة في الموضوعات التي يتناولها في أعماله، وكان يعتبر نفسه مشاكساً للمكان والزمان، وكان يهدف إلى فرض هوية إنسانية شاملة لنفسه، فكلما أراد الكتابة عن مكان ما حاول الابتعاد عنه، ليخلق لنفسه ذهناً صافياً محايداً وحاجزاً شفافاً يمكنه من اختبار مشاعره الحقيقية تجاه الذي يكتبه. اتسمت تجربته بالثراء والتنوع، لا سيما أنه أقام في أكثر من دولة، في الكويت والعراق والفلبين، وكان يردد أنه «كائن كوني، متجاوز لحدود الجغرافيا، والوثائق الرسمية والتصنيفات»، وتمكن من غرس جذور رواياته في مصر ولبنان وفلسطين والعراق والكويت، وحرصت مؤسسات ثقافية متنوعة وجهات فنية كثيرة على تأبين الراحل. كذلك فقدت الساحة الأدبية الأكاديمي والأستاذ الدكتور عبدالله المهنا.

وسام الجمهورية

في مجال العرفان بدور المثقفين، منحت جمهورية البرتغال الشاعر عبدالعزيز البابطين وسام الجمهورية تقديراً لدوره في نشر ثقافة السلام وجهوده في تحقيق التواصل بين الشعوب، في حين واصلت مؤسسة البابطين تنظيم فعالياتها داخل الكويت وخارجها.

وفي السياق ذاته، أعلنت مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية نتائج مسابقتها الشعرية، التي تقام بالتعاون مع إذاعة صوت العرب في القاهرة بموسمها الخامس 2018 أسماء الفائزين بهذا الموسم. حلّ الشاعر خالد عبدالرحمن حسن من العراق في المركز الأول عن قصيدته «قمر الصعيد»، في حين فازت بالمركز الثاني الشاعرة إباء مصطفى الخطيب من سورية عن قصيدتها «الخنساء أخيراً ترثي أولادها الأربعة... ربما الأربعين وربما...»، وفازت بالمركز الثالث الشاعرة سليني غنية من الجزائر عن قصيدتها «الرصيف الأخير»، وحل الشاعر ياس جياد زويد الفهداوي من العراق بالمركز الرابع عن قصيدته «ذكرى العناقيد».

جوائز فنية وأدبية

وفي مجال الجوائز، حصل الفنان التشكيلي ناجي الحاي على جائزة التميز الإبداعي في معرض «قوة الفن» الذي أقيم في العاصمة الإيطالية روما في شهر أغسطس الماضي. وشارك الكثير من الأدباء ومجموعة من الروائيين في مسابقات محلية وعربية. ففاز العراقي ضياء جبيلي بجائزة «الملتقى» للقصة القصيرة التي تمنحها سنوياً الجامعة الأميركية في الكويت بالتعاون مع «الملتقى الثقافي»، وذلك عن مجموعته القصصية «لا طواحين هواء في البصرة».

وفي 24 نوفمبر الماضي، اكتشف علماء الآثار «مدينة المعبد» التي يعود تاريخها إلى7500 عام وذلك في موقع «بحره 1» على الساحل الشمالي لخليج الكويت، وتناقلت وسائل الإعلام الأجنبية هذا الاكتشاف نظراً إلى أهميته.

مجلة العربي

واحتفلت السفارة الكويتية في مصر بمناسبة الذكرى الـ 60 لإصدار مجلة العربي بعنوان «مصر بعيون مجلة العربي» بحضور مدير تحرير المجلة إبراهيم المليفي. وقال وزير الإعلام محمد الجبري إن «العربي» كانت على مدار 60 عاماً منبراً ثقافياً عربياً مهماً تنهل من معينه الأجيال، مؤكداً أنها تظل إحدى أهم ركائز التواصل بين أبناء اللغة الواحدة.

وأكد الجبري أن المجلة تلقى الدعم والرعاية من الكويت، مضيفاً: «ندرك أهمية التواصل الفكري والثقافي في رسم وتشكيل الفكر والهوية العربية القادرة على مواجهة التحديات الفكرية والثقافية الخارجية».

معرض... واعتراض على التعسف الرقابي

على صعيد الرقابة، لم يطرأ جديد فاستمرت الاعتصامات وبموازاتها تصريحات المسؤولين ضمن اتجاه تخفيف الضغط، إضافة إلى صدور أحكام قضائية تعد سابقة في المشهد المحلي، إذ ألغت المحكمة الإدارية، قرار وزارة الإعلام الذي ينص بمنع رواية «فئران أمي حصة» للكاتب سعود السنعوسي، وسمحت بتداولها في الكويت، وذلك لعدم سلامة القرار.

جاء في تفاصيل الحكم أن «الرواية تحمل معاني هادفة مفادها الدعوة إلى التوحد والتمسك بالقيم الأصيلة والعريقة والتراث الخالد ومقت الطائفية ونبذها، وأتت صياغتها سليمة وأفكارها منسقة متراصة في سرد قصصي متناغم يشير إلى إبداع متمسك بالثمين من الأفكار والمعاني. وخلصت المحكمة إلى أنها بعد قراءتها الرواية وتبيان ما حوته من أفكار وعبارات لا تجد فيها خروجاً عن الأصول الثابتة في الشرع الحنيف ومعتقداته وما طوته الشرائع السماوية قاطبة، ولا خدشاً للحياء والآداب العامة، ويضحي من ثم جديراً القضاء بإلغاء قرار الجهة الإدارية المطعون عليه بمنع نشرها، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها السماح بنشر وتداول رواية «فئران أمي حصة».

وضمن إطار الاعتراض على الرقابة، اعتصم عدد من المثقفين الكويتيين، في أمكنة متفرقة وعلى فترات زمنية متسلسلة وشددوا على ضرورة تعطيل مقص الرقابة، وعدم فرض الوصاية عليهم، رافضين انتهاك حقهم في الاختيار، وسلبهم حريتهم.

وشدد المعتصمون على أهمية إلغاء الجهات الرقابية وإزاحة الوصاية التي يئن تحت وطأتها الكتاب والمؤلفون، رافعين شعارات تدعو إلى منحهم حق اختيار ما يرغبون في قراءته، لا سيما في عصر الإنترنت.

وتعبيراً عن احتجاجه على التعسف الرقابي، ابتكر الفنان التشكيلي محمد شرف فكرة معبّرة، تتكئ على الخيال الجميل وقدرته على التوظيف بين مدلولات الكلمات والرؤية الفنية، فأقام معرضاً فنياً في موقع الحدث، وهو معرض الكتاب الذي يئن من وطأة الرقيب الذي يعيث مقصه تشذيباً في ما يحلو له من الإصدارات، فيمنع هذا ويتحفظ عن ذاك، مستنداً إلى التعسف في تطبيق القوانين، أو محاباة جهات معينة. وفي منتج تشكيلي مفعم بالترميز، شيّد الفنان مقبرة بشواهد الكتب الممنوعة، وكل شاهد يدل على العنوان الممنوع رقابياً، نظم هذا المعرض في موقع الحدث بالقرب من قاعة 5، مكان معرض الكتاب.