إنه القدر الغامض، واللعنة الخفية، التي ستقود بطلة رواية «البوابة رقم 5» إلى اكتشاف الحقائق- الألغاز في ما وراء ذلك الحلم الذي يؤرق حياتها، وإنما يتعدى ذلك إلى سربلة المرئيات في فضائها بغلالة من الحدوس واللمع، لتعيش حياتها بين «الحقيقة» و«الخيال»، حياة نابعة من عمق التماهي مع «الذات» وإبدالها وتجلياتها المنزاحة حولها: «... هكذا أخبرني حدسي.. وصوت أنفاسه.. كان الظلام يحيط بنا من كل جانب.. يأتيني صوته ولا أراه، قال معاتباً: لم تسألي عني! قلت مَن أنت! – أنا أصلكِ، وأنتِ فرعي. أنا منك وأنتِ مني. – لا أعرفك! – لأنك لم تسألي عني. أضاء شمعة وقرّبها من وجهه فرأيت ملامحه.. انتفض جسدي وتسمّرتُ مكاني، إنه وجهي!...».

Ad

نص إبداعي

من هذا المفتتح المفاجئ الذي يُخالف أفق انتظار المتلقي تبدأ الكاتبة إيمان ماضي تأسيس نصها الإبداعي، في محاولة لتشكيل معنى مفارق، ومستقل، ومضاف؛ لا يتصل بتقاليد السرد العتيقة؛ بقدر ما يعمل على استثمارها والبناء عليها وغيرها من أدوات وتقنيات حديثة باعتبارها حيلاً وحبالاً سيميائية تسعى إلى الإيقاع بالمتلقي، عبرَ إثارة انتباهه وجذبه إلى عالم هذا النص بالغ الجدل والمولّد لأفكار بالغة الدلالة لمعنى الوجود والغاية من الحياة برمتها.

في تظهير الحكاية، بطلة الرواية مهندسة عاشت حياتها غير ما كانت تُخطط وتسعى، أرهقها تقمص دور المبدعة هادئة الأعصاب، ودور الأم المثالية، والزوجة المهتمة، وقبل ذلك كله دور الابنة المطيعة الممتنة، تزوجت وانتظرت أن يأتي الحب بعد الزواج ولكنه لم يأتِ، وأنجبت من دون أن تسأل نفسها عما تريد فعلاً، وشعور يجتاحها بأنها أمضت سنوات عمرها وهي تتخلى عن نفسها جزءاً تلو الآخر، حتى أصبحت شخصاً لا تعرفه، ولا تريد أن تكونه... تتابع حياتها في محاولة للبحث عن ذاتها المفقودة حتى يأتي ذلك اليوم الذي تَعرفُ خلاله أنها أصيبت بمرض السرطان، فترفض العلاج التقليدي، وتتجه بمساعدة صديقة إلى أساليب التشافي الذاتي؛ ولإتمام العلاج تنتقل للعيش في بيت جدّها وصوت مجهول بداخلها يهمس لها طالباً منها البحث عن كنزٍ ما أو حكاية ما فقدت!

وبانتظار الخبيرة التي ستشرف على علاجها، بحماسة وتفاؤل شديدين... جلست تحت شجرة التينة الكبيرة بصمت، تتأمل حياتها منذ الطفولة حتى لحظتها الحاضرة، وبينما هي كذلك تصطدم بشيء صلب، وبين التراب ستقع على ذلك المفتاح الصغير (الكنز) الذي نُقش عليه اسم جدّها.. وليتبين لاحقاً أنه مفتاح لصندوق يخص عائلتها، ستعثر بداخله على أسرار ستسهم في تغيير شخصيتها ونظرتها إلى الحياة والناس... صار بإمكانها البدء من جديد.. عرفت أخيراً من أية بوابة ستدخل.

من أجواء الرواية

«كان هناك عدة بوابات لكل واحدة رقم وقفتُ حائرة، التفتُ إليها، فأشارتْ نحو البوابة رقم خمسة وقالت: هذه بوابتك التي ستدخلين منها، ومنها سوف تخرجين.

تقدمتُ مضطربة، ترتعشُ فرائضي، سألني الحارس عن سبب مروري في وجهتي فأعلمته، مال برأسه تحيةً ثم فتح لي وأشار إلى بيتٍ صغيرٍ أزرق اللون له حديقة مزهرة وقال: تقدمي نحو هذا البيت، إنه بيته...».