العراق يسعى لدور أكبر بسورية وترامب لإبطاء سحب القوات
• أنقرة تواصل الحشد
• منبج تحبس أنفاسها وتستعد لفوضى
• دمشق تسلك طريق كسر عزلتها
مع استمرار تركيا في حشد قواتها عند الحدود، يتجه العراق للقيام بدور أكبر في سورية بضوء أخضر من النظام، في وقت أبدت الإدارة الأميركية استعدادها لإبطاء سحب قواتها والتزامها بدحر تنظيم داعش.
بعد يوم واحد من تأكيد رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي أن مسؤولين أمنيين كباراً من بغداد التقوا الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، وتلميحه إلى دور عراقي كبير بعد انسحاب القوات الأميركية، أعلنت قيادة العمليات المشتركة توجيه طائرات F16 ضربة جوية موجعة داخل الأراضي السورية.ووفق القيادة العراقية، فإنه "بناء على معلومات استخباراتية دقيقة" استهدف سلاح الجو منزلاً من طابقين يحتضن اجتماعاً لنحو 30 قيادياً في تنظيم داعش بمنطقة سوسة السورية، وتم تدميره كاملاً.وقبل ساعات، أوضح عبدالمهدي، في تصريح صحافي أمس الأول، أن العراق سعى إلى اتخاذ خطوة أخرى أوسع في إطار ترتيباته الحالية مع سورية، مبيناً أنه إذا حدثت أي تطورات سلبية في سورية، فإن "ذلك سيؤثر على العراق، لأن هناك حدوداً بين الدولتين تمتد 600 كلم".
واعتبر الإعلان المفاجئ للرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قواته من سورية فيه "الكثير من التعقيدات"، مشيراً إلى أن "داعش لا يزال موجودا هناك".وقبل ساعات، كشف مصدر حكومي عراقي عن تخويل الأسد سلاح الجو العراقي قصف مواقع "داعش" دون الرجوع إليه، موضحاً أنه "صار بإمكانه إبلاغ السلطات السورية والدخول لأراضيها وقصف مواقع التنظيم، دون انتظار موافقتها".
الانسحاب الأميركي
إلى ذلك، أبدى ترامب استعداده "لإبطاء" عمليّة سحب الجنود الأميركيّين من سورية والتزامه بهزيمة "داعش" بشكل نهائي، بحسب السناتور الجمهوري ليندسي غراهام.وغراهام، الذي عبّر في وقت سابق صباح أمس الأول عن قلقه حيال قرار ترامب، خرج "مطمئناً" بعد غداء جمعه مع الملياردير الجمهوري. وقال للصحافيّين لدى خروجه من البيت الأبيض إنّ "الرئيس مصمّم على ضمان أن يكون التنظيم قد هُزم بالكامل عندما نُغادر سورية".وبعدما توّجه غراهام لترامب بقوله: "لا تدع سورية للإيرانيين. هذا كابوس لإسرائيل"، أكد بعد اللقاء أن "الرئيس يُدرك أنّنا في حاجة إلى إنهاء المهمّة. سنُبطئ الأمور بطريقة ذكيّة".وقال غراهام، وهو معارض سابق لترامب أصبح أحد المقرّبين منه، لشبكة "سي إن إن": "الرئيس محبط وأنا أفهمه. لسنا شرطيي العالم. (لكننا) نخوض حربًا والتنظيم لم يُهزم في سورية، وأطالبه بأن يكون لدينا رجال هناك لحمايتنا".حشد تركي
ووسط ترقب لإطلاق عملية عسكرية ضد الأكراد المتمركزين شمال سورية، تواصل تركيا تعزيز وجودها العسكري على الحدود، حيث وصلت تعزيزات عسكرية جديدة إلى ولايات شانلي أورفة وغازي عنتاب وماردين التركية.وذكرت وكالة "الأناضول" أن رتلا عسكريا يضم مدافع، انطلق من ولاية هطاي متوجها إلى ولاية غازي عنتاب، مشيرة إلى أن التعزيزات سيتم نشرها في الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود.وفي ولاية شانلي أوروفة، وصل رتل يضم مدرعات عسكرية إلى الولاية قادماً من ولاية وان، ليجري نشرها لاحقا في الشريط الحدودي.وفي وقت سابق، وصلت تعزيزات عسكرية أمس الأول على متن طائرة انطلقت من محطة "عارفية" بولاية صقاريا، إلى محطة "باش بينار" في غازي عنتاب.منبج والفوضى
إلى ذلك، شهدت مدينة منبج عمليات انتقال للسيطرة ثلاث مرات، إذ انتزعها مسلحو الجيش الحر من القوات الحكومية في وقت مبكر من الصراع، ثم سقطت في أيدي تنظيم داعش، وأعلنها جزءاً من "خلافته"، قبل أن تتمكن قوات سورية الديمقراطية (قسد) بدعم أميركي من طرده منها عام 2016. ومع استعداد القوات الأميركية، التي تحافظ على الاستقرار في منبج، للرحيل يخشى السكان من اندفاع أطراف أخرى لملء الفراغ، مما يسبب مزيداً من الاضطرابات. فبينما نشر الجيش السوري قواته يوم الجمعة للمرة الأولى على مقربة، تهدد تركيا بشن هجوم على المدينة.وعلى بعد 30 كيلومترا من الحدود التركية تحتل المدينة موقعاً حساساً على خريطة الصراع السوري، إذ تقع قرب نقطة التقاء ثلاث مناطق منفصلة تمثل مجالاً للنفوذ الروسي والتركي، وحتى الآن، الأميركي.دوريات وإرهاب
وشوهدت طائرات أميركية وطائرات الهليكوبتر الهجومية في سماء منبج يوم السبت. وواصل مسلحو مجلس منبج العسكري المتحالف مع قوات سورية الديمقراطية (قسد) بدوريات اعتيادية وهم يحملون بنادق الكلاشينكوف.وتحشد فصائل المعارضة بدعم تركيا قواتها لشن هجوم على منبج في مناطق قريبة تخضع لسيطرة أنقرة منذ توغل الجيش التركي عام 2016، في إطار محاولته لطرد وحدات حماية الشعب الكردية.في هذه الأثناء، حذر الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، أمس الأول، من "تأجّج الإرهاب" إذا ما تمّ استهداف الأكراد بهجوم تركي جديد.وفي بيان أعقب لقاءه ممثّل منطقة الإدارة الكرديّة (روج أفا) في باريس خالد عيسى، قال هولاند إنّ الأكراد أدّوا "دوراً كبيراً" في القتال ضدّ "داعش" بدعم من التحالف وبالتالي من فرنسا.كسر العزلة
ومع دعوتها من الأكراد إلى منبج، تقترب دمشق من توسيع نفوذها ميدانياً، وهي التي لطالما كررت عزمها على استعادة كل الأراضي الخارجة عن سيطرتها "بالقوة" أو عبر التفاوض.وبعد نحو ثماني سنوات من نزاع مدمر، تقترب دمشق اليوم أكثر من أي وقت مضى من إحكام قبضتها على الصعيد الميداني مع بدء تعاونها مع الأكراد شمالاً، ومن كسر جليد عزلتها مع عودة السفارات العربية إليها تباعاً.20 ألف قتيل في 2018 في أدنى حصيلة سنوية
سجل لعام 2018 أدنى حصيلة لقتلى النزاع في سورية منذ اندلاعه قبل نحو ثماني سنوات بمقتل نحو 20 ألف شخص.ووثق المرصد السوري أمس، مقتل 19 ألفاً و666 شخصاً عام 2018، بينهم 6349 مدنياً، وضمن هؤلاء 1437 طفلاً. وقال مديره رامي عبدالرحمن "إنها أدنى حصيلة سنوية للقتلى منذ بداية الأحداث في سورية" منتصف مارس عام 2011.بغداد حاكمت 600 «داعشي» أجنبي
أعلنت السلطات القضائية العراقية أمس أن عدد المقاتلين الأجانب المتهمين بالانتماء إلى تنظيم "داعش" الذين حوكموا خلال عام 2018 بلغ أكثر من 600 من الجنسين، فيما لا تزال قضايا نحو مئة آخرين قيد التحقيق.وقال المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى القاضي عبدالستار بيرقدار في بيان إن "المحاكم المختصة بقضايا الإرهاب أصدرت إحصاء مفصلا لعام 2018 عن عدد المتهمين الأجانب بالانتماء لتنظيم داعش الإرهابي خلال فترتي احتلال وتحرير محافظة نينوى".وأضاف أن عدد المتهمين بلغ "616 متهماً من الذكور والإناث، بمن فيهم الأحداث، تمت محاكمتهم" بعد ثبوت إدانتهم بالانتماء الى التنظيم المتطرف، لافتا إلى أن "99 متهماً لا تزال قضاياهم قيد التحقيق والمحاكمة".