خاص

القراوي لـ الجريدة•: أمطار نوفمبر الماضي فاقت ضعف ما تساقط بـ «الهدامة الثالثة»

«كمياتها وصلت إلى 261 ملم بينما سجلت 114 في عام 1997»

نشر في 02-01-2019
آخر تحديث 02-01-2019 | 00:12
مراقب التنبؤات الجوية بإدارة الأرصاد الجوية عبدالعزيز القراوي
مراقب التنبؤات الجوية بإدارة الأرصاد الجوية عبدالعزيز القراوي
كشف مراقب التنبؤات الجوية بإدارة الأرصاد الجوية عبدالعزيز القراوي أن الأمطار التي شهدتها الكويت في شهر نوفمبر الماضي، فاقت ضعف ما تساقط على البلاد سنة «الغرقة» 1997، التي تعرف بـ «الهدامة الثالثة»، موضحاً أن كمية المتساقطات وصلت إلى 261 ملم، بينما كانت عام 1997 نحو 114 ملم.
وأكد القراوي، في لقاء مع «الجريدة»، أن كميات المياه في الحالات المطرية الأخيرة زادت بنسبة 60 في المئة على المعدلات الطبيعية، مشدداً على أن تعاون أجهزة الدولة في هذه الأحداث جنب البلاد خسائر فادحة.
وأوضح أن إدارة الأرصاد تمتلك نحو 27 محطة أوتوماتيكية موزعة على جميع مناطق الكويت، بواقع 14 محطة برية، و10 محطات زراعية، و3 بحرية، كاشفاً أن بعض هذه المحطات متوقفة عن العمل لعدم تجديد عقود الصيانة.
وذكر أن الأحداث الأخيرة كشفت أهمية الأرصاد الجوية غير أن هذا القطاع بحاجة إلى تحديث أجهزته وأنظمته، لافتاً إلى أن «الطيران المدني» وعدت بتطوير قطاع الملاحة بالكامل العام الحالي... وفيما يلي تفاصيل اللقاء:


• في البداية أخبرنا عن الامطار الغزيرة التي شهدتها البلاد وهل هي مفاجئة ام كنتم تتوقعونها؟

- الأمطار الأخيرة التي تأثرت بها الكويت يمكننا تقسيمها إلى 3 حالات مطرية شديدة الغزارة، وحالة رابعة كانت أمطاراً غزيرة عادية، وفي شهر سبتمبر الماضي قامت إدارة الأرصاد الجوية ممثلة في مراقبة المناخ بعمل توقعات موسمية لشهري نوفمبر وديسمبر باستخدام النماذج العددية الموسمية، وهي عبارة عن خرائط سطحية تبين حركات الكتل الهوائية، وكذلك الأنظمة الجوية بحسبة فيزيائية رياضية، وهي طريقة مستخدمة في ادارة الارصاد الجوية للتنبؤ بالطقس القادم، وقد أظهرت هذه التوقعات زيادة معدل الأمطار في شهري نوفمبر وديسمبر 60 في المئة على المعدل، وبالفعل عرضنا هذه البيانات والتوقعات على الجهات المعنية، علما بأن المطر أتى في وقت مبكر نوعا ما، إذ يبدأ موسم الوسم عموما في 15 أكتوبر من كل عام، وجاء المطر في 17 أكتوبر ثم تكرر مرة ثانية في 23 من الشهر نفسه وكانت أمطارا عادية، ولكن ابتداء من تاريخ 4 و5 و6 نوفمبر الماضي جاءت الأمطار بقوة، ومن تاريخ 3 نوفمبر أصدرنا تقريرا جويا قبل هطول الامطار الغزيرة بـ 72 ساعة، وذكرنا في التقرير أن البلاد ستتعرض لنظام جوي ممطر، على أن تبدأ الحالة الجوية للأمطار من متوسطة إلى خفيفة وتتعمق خلال الـ 72 ساعة المقبلة، لتصل إلى أمطار غزيرة وشديدة الغزارة، كما أرسلنا تقارير وتحذيرات جوية إلى جميع وسائل الإعلام الرسمية في الدولة وكذلك أجهزة الدولة الحكومية ولجنة الدفاع المدني، وكنا متوقعين هذه الحالة ومتابعين لها تقريبا قبل 72 ساعة، وفعلنا التحذيرات كما ينص بروتوكول التحذيرات الدولي الموحد المتبع لدينا في الإدارة، إذ أصدرنا تنويها جويا قبل المطر بـ 24 ساعة ثم طورنا هذا التنويه إلى تحذير جوي قبل الحالة المطرية بـ 12 ساعة.

وقد سجلت الأمطار كميات كبيرة جدا في الحالة المطرية الأولى، وذلك في فجر يوم الثلاثاء، إذ تجاوزت 40 و50 و60 ملم في بعض مناطق البلاد، وخصوصا الجنوبية، كما سجلت بعض محطات الهواة المعتمدين لدى إدارة الأرصاد الجوية لقياس الأمطار نحو 100 ملم، أما الحالة المطرية الثانية التي جاءت أيام الجمعة والسبت والأحد 8 و9 و10 نوفمبر الماضي فكانت متوقعة أيضا، وفعلنا قبلها التقارير والتحذيرات الجوية، وفي مثل هذه الحالات يتم تحديث التقارير كل 6 ساعات وإرسالها إلى القيادة العليا لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وكذلك للجنة الدفاع المدني والجهات الحكومية المعنية ووسائل الإعلام لإعلام المواطنين والمقيمين، أما الأيام العادية فلا نكتب خلالها تقارير جوية، ولكن مجرد تحذيرات وتنويهات جوية.

ومن المعلوم أن الحالة المطرية الأولى شهدت كميات كبيرة من المياه، ولم تتمكن الأرض من تصريفها، ومن هنا صارت هناك تجمعات للمياه سواء في المناطق السكنية أو الصحراوية، وعندما جاءت الحالة المطرية الثانية تراكمت المياه ولم يكن من السهل تصريفها أو ابتلاعها، ومن هنا تكونت السيول، علما بأن هذه المياه كانت بكميات غزيرة نوعا ما وتسببت في أضرار، سواء من حيث غرق البيوت أو الشوارع أو حتى السيارات.

وقد فاقت كمية الامطار الاخيرة اكثر من ضعف كمية الامطار التي سقطت سنة 1997، والتي بلغت 114 ملم، إذ سجلت أمطار نوفمبر الماضي نحو 261 ملم، وهي كميات غير مسبوقة في البلاد.

التحذيرات والتنبيهات

• وما دوركم في هذه الحالات؟

- دورنا في الادارة إصدار التحذيرات والتنبيهات والرسائل الإرشادية والتعاون مع جميع وزارات الدولة مثل الأشغال والبلدية والدفاع والحرس الوطني، إذ كانت تطلب منا كل نصف ساعة معلومات عن كميات الأمطار وأماكن تجمع المياه والمناطق المتأثرة، وكنا نتتبع ذلك بالرادار، وكنا في لجنة الدفاع المدني، وكنا نداوم يوميا ونتابع حركة الطقس وحركة السحب الممطرة ونباشر بها أصحاب القرار في الدفاع والإطفاء والحرس الذين كانوا موجودين في الشارع لحظة الأحداث، وكانت الاستجابة سريعة ومستوى التعاون كبيرا.

أما الحالة المطرية الثالثة، التي جاءت يوم الأربعاء 21 نوفمبر الماضي، فسبقتها اجتماع الأرصاد الجوية مع مجلس الوزراء ومجلس الأمة، وبالفعل حضرنا جلستين في المجلس وبينا للنواب كميات الامطار المتوقعة في هذه الحالة، كما عقد مجلس الوزراء مؤتمرا صحافيا لشرح الأوضاع للناس وتوضيح كميات الامطار المرجح هطولها على البلاد.

• كم مرصدا لدى الإدارة؟ وما طبيعة الأجهزة المستخدمة لرصد هذه التنبؤات؟

- لدينا في ادارة الأرصاد الجوية 27 محطة أوتوماتيكية موزعة على جميع مناطق الكويت، بواقع 14 محطة برية و10 محطات زراعية و3 محطات بحرية، وجميع هذه المحطات بما فيها محطة مطار الكويت الرسمية والدولية (الرصد الجوي عند مدرج المطار) تحتوي على عدة أجهزة تقيس معظم عناصر الطقس، مثل جهاز قياس درجة الحرارة وأجهزة قياس الرطوبة النسبية وأجهزة قياس سرعة الرياح وأخرى لقياس الضغط الجوي ودرجات الحرارة على أعماق متفاوتة بالنسبة إلى المحطات الزراعية، إضافة إلى أجهزة لدراسة الإشعاع الشمسي وأشعة جاما، كما ان هناك 3 انواع من الأجهزة لقياس كميات المطر، وكذلك تبخر الماء، وهناك أيضا الأجهزة البحرية التي تقيس ملوحة الماء والتيارات المائية التي تصل إلى مستويات 9 أمتار.

وتفيدنا هذه المحطات بمتابعة تغيرات الطقس في دولة الكويت، كما لدينا أنظمة أخرى وهي النماذج العددية، وكذلك رادار الطقس وصور الأقمار الصناعية في نظام كامل يسمى MDB، وهو نظام معالجة بيانات الطقس، إذ يجمع لنا كل البيانات الصادرة من المحطات والأقمار الصناعية والرادار والخرائط الجوية ويعرضها أمامنا في شاشات، وبناء على هذه المعلومات نتنبأ ونتوقع الطقس القادم.

رسميا نحن نعلن حالة الطقس لأربعة أو خمسة أيام قادمة، ونقوم بتحليل خرائط الطقس من سطح الأرض إلى طبقات الجو العليا، وهو ما نسميه عمود الهواء، ويكون ذلك على مستويات مختلفة تحلل هذا العناصر ويتنبأ المتنبئ الجوي بالطقس القادم، والأنظمة بشكل عام قديمة نسبيا ونحن بصدد تطويرها حاليا بالاتفاق مع الإدارة العليا. أما النماذج العددية فهي عبارة عن خرائط جوية تعتمد على معادلات فيزيائية ورياضية تقوم بحسبة تحرك الكتل الهوائية والضغط الجوي والحالات الجوية، وكذلك خصائص الغلاف الجوي، وهي نماذج أوتوماتيكية تعطي تحليلا للأيام القادمة، وبناء عليها يقوم المتنبئ الجوي بدراسة هذه البيانات ويتوقع على إثرها حالة الطقس.

مواكبة التكنولوجيا

• كيف تقيمون أجهزة الرصد لديكم مقارنة بالدول الخليجية والعربية حتى العالمية من ناحية مواكبة التكنولوجيا الحديثة؟

- للأمانة، أجهزتنا قديمة والانظمة لدينا كذلك قديمة، إذ إن آخر نظام لمعالجة بيانات الأرصاد الجوية منشأ من عام 2006، أي مضى عليه نحو أكثر من 12 عاما، وهو ما لا يتناسب مع علم الأرصاد المتطور سنة عن أخرى.

وبشكل عام الدول العربية والخليجية متأخرة في تطوير أنظمة وأجهزة الأرصاد الجوية، وأكثر الأجهزة الفعالة هو رادار الطقس الذي هو الآخر بحاجة إلى تحديث "السوفت وير" الخاص به.

وللأسف المحطات البحرية الأوتوماتيكية متوقفة عن العمل لعدم تجديد عقود الصيانة، فتلك المحطات تحتاج إلى غواصين لمعايرة وتنظيف وصيانة أجهزتها، كما لدينا بعض المحطات التي لم توقع عقود صيانتها، ونحن بصدد توقيعها راهنا، وعموما نحن بحاجة إلى تطوير هذه المحطات، فكثير من دول الخليج تسبقنا في الانظمة المتعلقة بالأرصاد الجوية، وقد قمنا في هذا الصدد بمخاطبة الإدارة العليا للطيران المدني وللأمانة هم متعاونون ووعدونا بالتطوير الكامل لقطاع الملاحة بشكل عام، خلال السنة الحالية عبر مشاريع كبيرة.

وقد لاحظ الكويتيون مدى أهمية الأرصاد خلال الأحداث الأخيرة، ولذلك لابد من العمل لتطوير هذا القطاع، فالكوارث الطبيعية لها تأثير مباشر على الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة، وسوف نخاطب شركات دولية لتطوير اجهزة الرصد لدينا.

مطربة... أعلى مناطق العالم حرارة

قال القراوي إن منطقة مطربة الصحراوية سجلت في العام الماضي درجة حراة وصلت إلى 54.4 درجة مئوية، وهي الأعلى في العالم، ونشرت في موقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، التي خاطبتنا لإرسال فريق للتأكد من صحة الرصد والتسجيل ومعايرة الاجهزة لدينا، فأرسلنا إليها تلك الأجهزة وتمت معايرتها، وأفادت المنظمة بسلامتها وصحة رصدها ودقتها.

4 كويتيين فقط

كشف القراوي أن إدارة الأرصاد الجوية تعاني نقصا شديدا في الكوادر الكويتية، إذ لا يوجد بها سوى أربعة من المواطنين، ثلاثة في وظائف إشرافية والرابع حديث التخرج.

وأوضح أن الإدارة تضم 150 موظفاً بين متخصصين في الأرصاد وفنيين ومهندسين وإحصائيين، ولكن عملها قائم على الاختصاصيين في الأساس ثم مهندسي الإلكترونيات والاتصالات بحكم الاجهزة التي نستخدمها، ثم الاحصائيين بخصوص الداتا والبيانات.

back to top