هل كتب التنمية تُنمي؟
«أنا ناقد!» هذا ما صرخهُ أبو علي في معرض الكتاب أمام المؤلفين في جلسة نقاشهم الهادئة، ثم أردف قائلا: «أنا لست ناقدا سياسيا أو أدبيا ولكني ناقد حياتي، وكتب التنمية يزعم مؤلفوها أنهم أساتذة مدرسة الحياة!». لقد أبهرني بعفويته وصراحته، ولكن هل هو مجرد شخص يريد تنفيس غضبه وسط المؤلفين لتكون حادثته سالفة تروى؟ أم هل عنده نقاط تستحق أن تروى؟كان أبوعلي في الصفوف الخلفية أمام المسرح الحافل بنخبة مؤلفي كتب التنمية، فكانت هذه فرصته الذهبية التي لن يرضى التفريط بها، لاحظ أحد الكتّاب ملامح أبي علي الجادة فأمر المساعدين بإرسال ميكروفون له، خطف أبوعلي الميكروفون وقال بسرعة: «أسهل طريقة أدخل بها عالم الكتب أن أستخدم ثلاث كلمات «سعادة» و»سر» و»ثراء». حينما غاب الدين عن الغرب تشققت الأسر، وزادت أنانية الفرد بعالمه الرأسمالي، فكلما تحول هو إلى آلة اعتبر نفسه زاد تطوراً، ولكن المشكلة هي أنه إنسان وسيبقى إنسانا، اشتاق لسعادة، وجاع لثراء، فصار يبحث عن الحل، ولضلالته يظن حله هو سر!». أوقف المتحدثون الميكروفون فغضب عليهم الجمهور.
من رأيي الشخصي أن التنمية البشرية هي أكثر مجال نبيل، وكذلك هي أكثر مجال استغله ضعاف النفوس، لعدة أسباب: أولا، على حسب الإحصائيات كتب التنمية هي الأكبر مبيعاً، ثانياً، هي مجال لم يحصره علم أكاديمي حقيقي، فالكل يمكن أن يفتي فيه، ثالثاً، انعدام المحاسبة. فالعديد من الكتب الموجودة حاليا تخلط عقائد من ديانات متضادة، وتجزّئ أفكارا من علوم مختلفة بطريقة غير صحيحة، بل أخطر أمر أن كثيرا منها ما يسبب مشاكل نفسية فضلا عن تضيع وقت المستهلك وماله، فهل سنسمع نقاداً مثل أبي علي، علما أن من في المسرح هم أدنى منه أكاديمياً؟!