في خضم الانهماك الداخلي بالأزمة الحكومية المتمادية وانعكاساتها البالغة السلبية على القطاعات كافة، وخصوصا الاقتصادية والمالية، قدم نحو 400 مواطن أميركي مطلع الاسبوع دعوى مشتركة أمام المحكمة المدنية الفدرالية في نيويورك على عشرة مصارف لبنانية، كما على بنك «صادرات إيران»، زاعمين أن هذه المصارف تقدم خدمات مالية إلى «حزب الله» وتدخله إلى النظام المصرفي الأميركي، مع علمها أنه منظمة إرهابية وفق تصنيف الولايات المتحدة. واتخذ المدّعون صفة متضررين أو مصابين أو ورثة ضحايا لأعمال إرهابية اتهموا «حزب الله» بارتكابها بين 2004-2011، بالتعاون مع «الحرس الثوري الإيراني» في أنحاء العراق وسواه من الدول، كما في حرب يوليو 2006 بين «حزب الله» وإسرائيل، وطلبوا تعويضات مالية من المصارف المدعى عليها، تاركين للمحكمة تحديد حجمها.

وجاء في الدعوى أن المصارف اللبنانية المدعى عليها تعاملت عن تصور وتصميم مع منظمة إرهابية ارتكبت أعمال عنف وتشكل خطراً على حياة البشر، وأمّنت لها مساعدات مادية وخدمات مصرفية ومالية تتضمن إدخالها النظام المصرفي الأميركي من خلال المصارف المراسلة في نيويورك، والتهرب من العقوبات المفروضة على الحزب.

Ad

كذلك ساعدت المصارف اللبنانية المدعى عليها، وفق الدعوى، في فتح حسابات شخصية تابعة للحزب في نيويورك مع معرفتها السابقة بأعماله، ولم تبلغ الحكومات المعنية أو السلطات الأميركية والمصارف الأميركية المراسلة بمعلوماتها عن أعمال الحزب غير الشرعية في تبييض الأموال وشحن فعلي للأموال والاتجار بالمخدرات وتمويل شراء أسلحة وتمويل أعمال إرهابية، الأمر الذي أدى إلى إيقاع الأذى بالمدعين أو أنسباء لهم. واللافت أن 8 من المصارف الـ10 المشمولة بالدعوى المشتركة تُصنف من بين أقوى عشرة مصارف لبنانية.

وفي حين سارعت جمعية مصارف لبنان الى تأكيد عدم صحة وجدية دعاوى مماثلة، معتبرةً في بيان، مساء أمس الأول، أن «لا اساس واقعيا وقانونيا لها وأن محاميها سيتابعون القضية»، قالت مصادر متابعة إن «حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيجتمع قريبا الى اعضاء الجمعية وهيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي لمتابعة الموضوع». وقد أكد سلامة في إطلالته التلفزيونية، الخميس الماضي، أن «هناك أسباباً سياسية وراء تقديم الدعوى من قبل محام وبيوت استثمارية، لمحاولة كسب التعويضات لمصلحة إسرائيل، وهذا لا علاقة له بملف العقوبات الأميركية»، موضحاً أن «مكتب محاماة اعتبر أن في إمكانه تحصيل أموال من المصارف اللبنانية للتعويض على إسرائيل بعد الحروب، واستطاع أن ينضمّ إليه مواطنون إسرائيليون، ولهذا تقدّم بدعوى للقول إن المصارف اللبنانية تخدم قضايا عدائيّة ضد إسرائيل».

في السياق، أكد السفير اللبناني في واشنطن، غابي عيسى أن «لا حرب أميركية مالية على لبنان»، مشددا على ان «الدعوى المرفوعة لم تُقدم من جانب الإدارة الأميركية، وبالتالي لا يمكن الربط بين العقوبات التي تصدرها الإدارة والقضايا القانونية التي يقوم المحامون عادة برفعها».

ولفت عيسى، في حديث أمس، إلى «وجود خلفية سياسية بطبيعة الحال، وخلفية مالية، فمكاتب المحاماة تبغى الربح بكل تأكيد»، مشيرا إلى ان «معظم الاعمال التي تحدثوا عنها حصلت مع حركة حماس في غزة، وفي العراق».

وأضاف: «بإمكان القاضي الذي سينظر بهذه الدعوى رفضها منذ البداية، أو ستأخذ المحكمة سنوات عديدة قبل بتّها، ولكن ينبغي التذكير مجدداً ان لا علاقة مطلقة بين هذه الدعوى والعقوبات».