المنتدى الثقافي اللبناني في فرنسا يكرِّم الإبداعين اللبناني والعربي

• جميل ملاعب متميِّز في الرسم والنحت ومحمد بنيس في الحداثة الشعرية

نشر في 07-01-2019
آخر تحديث 07-01-2019 | 00:03
عام 1991، اجتمع مثقفون لبنانيون مقيمون في باريس، بعدما هجّرتهم الحرب التي عصفت بلبنان على مدى سنوات طويلة، وأسسوا «المنتدى الثقافي اللبناني في فرنسا» بهدف الاستمرار في رسالة الثقافة اللبنانية القائمة على التواصل بين الشرق والغرب، ولهذه الغاية أنشأ المنتدى جائزتين: جائزة الإبداع اللبناني وجائزة الإبداع العربي وهو يمنحهما سنوياً منذ ذلك التاريخ. هذا العام منح جائزة الإبداع اللبناني إلى الرسام التشكيلي جميل ملاعب، وجائزة الإبداع العربي إلى الأديب المغربي محمد بنيس.
منح «المنتدى الثقافي اللبناني في فرنسا» جائزته لهذا العام إلى الفنان التشكيلي جميل ملاعب لمسيرته الطويلة وإبداعه المتميز في عالمي الرسم والنحت، بحسب رئيس المنتدى نبيل أبو شقرا، موضحاً أن جميل ملاعب فنان مخضرم عايش جيل الكبار ونقل إلى جيل الشباب تجربته المستوحاة من مصادر مختلفة ومتغايرة، تعكس حرصه على التنوع.

أضاف: «انطلق من بيئته الخاصة التي أيقظت في أعماقه مشاعر الحب ودفعته إلى البحث عن معنى الآخر، في إطار تجاوز معه المكان والزمان».

تابع: «شارك جميل ملاعب في معارض كثيرة وتناول في أعماله موضوعات متباينة تعكس تأثره واقترابه من مدارس فنية متباينة ومتعارضة، فكان مزيجاً من انسجام التناقضات. تغرق أعماله في تصوير المعاش الحميم والقريب، والأشياء المبعثرة في عالم أو عوالم لا تنتهي. بهذا المعنى تعبر لوحاته عن تعددية الوجود، لهذا تتغير الألوان والأشكال والمفاهيم لديه مع تغير الأزمنة والأمكنة، كذلك تغير المفاهيم وسبل كنهها».

اعتبر نبيل أبو شقرا أن جميل ملاعب سبق الكثير من أبناء جيله، إذ نجح في بناء متحف خاص به ضمّ لوحاته ومنحوتاته، ما منحها ديمومة من جهة، وكشف ادعاءات وقصور المؤسسة الرسمية اللبنانية التي تهمل النخب الثقافية والفنية، من جهة أخرى، كما هي حال مؤسسات شرقنا العربي الذي ينحدر نحو الظلامية، لولا استثناءات قليلة.

تكريم الإبداع

كان المنتدى منح جائزته للإبداع اللبناني، خلال السنوات السابقة، إلى كتّاب وأدباء ومؤلفين موسيقين ومخرجين وتشكيليين وباحثين من بينهم: الكاتب سمير قصير، والشاعر أدونيس، والروائية نجوى بركات، والكاتب أحمد بيضون، والشاعر وديع سعادة، والكاتب حسن داود، والباحثة منى فياض، والكاتب جيرار خوري، والفنان مارسيل خليفة، والشاعر عيسى مخلوف، والشاعر عباس بيضون، والفنان عبد الرحمن الباشا، والمخرج المسرحي نبيل الأظن، والفنان التشكيلي أسادور، وعالم الاجتماع نبيل بيهم، والمؤلف الموسيقي زاد ملتقى، والكاتب والمفكر علي حرب، والشاعرة والكاتبة فينوس خوري غاتا، والشاعر حمزة عبود، والكاتب والروائي رشيد الضعيف، والباحثة والكاتبة فهمية شرف الدين...

جائزة الإبداع العربي

إلى جانب جائزة الإبداع اللبناني منح «المنتدى الثقافي اللبناني في فرنسا» جائزة الإبداع العربي للشاعر المغربي محمد بنيس، أحد كبار شعراء العربية ولأنه يضيف إلى الجائزة قيمة جديدة، كما وصفه رئيس المنتدى نبيل أبو شقرا، مؤكداً أن «أهم ما يميزه ليس شغفه بالشعر بل ولعه بالحداثة الشعرية، التي تنطلق من تجربة إنسانية تستشرف المستقبل وتسعى إليه باستمرار في سياق مسيرة معرفية تتمسك بالانفتاح وبمفهوم الحرية، الحرية التي تشكل توقه الدائم إلى تعريف معنى الحياة».

شمولية وتنوع

كان المنتدى الثقافي اللبناني منح جائزة الإبداع العربي خلال السنوات الماضية على النحو التالي: جائزة أدونيس للشاعرة مرام المصري والشاعر عبد المنعم رمضان، وجائزة نجيب محفوظ للشاعر قاسم حداد، وجائزة محمود درويش للكاتب سليم بركات، وجائزة محمد أركون للكاتب أحمد أبو دهمان، وجائزة صلاح ستيتيه لبيت الشعر في رام الله، وجائزة عبد العزيز المقالح للشاعرة أمل الجبوري، وجائزة شفيق عبود للفنان التشكيلي مروان قصاب باشي، وجائزة غسان تويني للفنان التشكيلي يوسف عبدلكي، وجائزة محمد الماغوط للشاعر أمجد ناصر، وجائزة خالدة سعيد للروائية رجاء عالم، وجائزة صليبا الدويهي للفنانة التشكيلية لبنى الأمين، وجائزة الطيب صالح للفنان التشكيلي يوسف أحمد، وجائزة «الحرية والتقدم» للناشط الثوري وائل غنيم، وجائزة الديمقراطية والتقدم للكاتبة والروائية سمر يزبك، وجائزة ثورة الياسمين للباحثة والمحللة النفسية رجاء بن سلامة...

في العام الماضي أطلق «المنتدى الثقافي اللبناني في فرنسا» اسم «الحرية والسلام»، على جائزة الإبداع العربي التي منحها إلى الناشطة الفلسطينية عهد التميمي.

سيرتان ومسيرتان

درس جميل ملاعب الفن في المعهد الوطني للفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، وتتلمذ على أساتذة الفن التشكيلي الكبار مثل بول غيراغوسيان وشفيق عبو. تابع دراسته في معاهد الفنون والجامعات في الجزائر والولايات المتحدة، حيث نال دبلوم دراسات عليا في الفنون الجميلة من معهد برات في نيويورك، ودكتوراه في جامعة أوهايو.

درّس الفن التشكيلي في الجامعة اللبنانية وفي الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت، وشغل منصب أمين عام نقابة الفنانين اللبنانيين (1992-1991). أسس عام 2015 متحفاً فنياً في بلدته بيصور، ضم لوحاته الفنية ومنحوتاته.

أما الشاعر محمد بنيس فيعتبر أحد أهم شعراء الحداثة في العالم العربي. حائز دكتوراه دولة في موضوع «الشعر العربي الحديث، بنياته وإبدالاته» (1988). نشر قصائده الأولى سنة 1968 في جريدة العلم في الرباط، وفي مجلة مواقف في بيروت عام 1969 وفي العام نفسه نشر ديوانه الأول «ما قبل الكلام». درّس الشعر العربي الحديث في كلية الآداب بالرباط، جامعة محمد الخامس بين 1980 و2016، من ثم تفرّغ للكتابة.

نشر محمد بنيس أكثر من خمسة وثلاثين كتاباً، من بينها: ستة عشر ديواناً، الأعمال الشعرية (العشرة الأولى منها جمعت في مجلدين وصدرا في 2002)، دراستان جامعيتان عن الشعر المغربي والشعر العربي الحديث (صدرت طبعتهما الثالثة سنة 2014)، مقالات ونصوص (جمعت الأعمال النثرية في خمسة مجلدات وصدرت سنة 2016)... ترجم بعض أعماله الشعرية والنثرية في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا ومقدونيا وتركيا وألمانيا.

نبيل أبو شقرا اعتبر أن ملاعب سبق الكثير من أبناء جيله إذ نجح في بناء متحف خاص به

شعر محمد بنيس ينطلق من تجربة إنسانية تستشرف المستقبل وتسعى إليه باستمرار
back to top