اختتم مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، مساء أمس الأول، سلسلة حفلات فرقة أوركسترا « زغرب الفيلهارموني» التي امتدت ثلاث ليال، نهل خلالها عشاق الفنون التي تسمو بها الروح درراً من الموسيقى الكلاسيكية ومقطوعات كويتية صدح بها أعضاء الأوركسترا في قاعة الشيخ جابر العلي الصباح.

وعلى مدار 90 دقيقة أبحرت أوركسترا «زغرب الفيلهارموني» بالحضور إلى أفق من الإبداع، حيث لا صوت يعلو فوق الموسيقى، إذ خيم الصمت على الجميع وتعلقت الأنظار بأنامل عازفين مبدعين توحد كل منهم مع آلته، لينثروا أنغامهم مجتمعين في فضاء المسرح، ولعل ما ميز الحفلات الثلاث أن كل أمسية لها برنامج مختلف، مما أتاح الفرصة أمام أكبر عدد من المقطوعات، فقدم أعضاء الأوركسترا بقيادة المايسترو ديفيد رانتز في الليلة الأولى للجمهور من محبي الكلاسيكيات ثلاث مقطوعات موسيقية كاملة لكل من تشايكوفسكي وغريغ وكورساكوف.

Ad

وفي الليلة الثانية، استمتع الحضور بباقة من المقتطفات الكلاسيكية، وموسيقات من أعمال الدراما الشهيرة: «غيم أف ثرونز» و«هاري بوتر» و«ذا لورد أف ذا رنغز» و«العراب» و»حرب الكواكب»، بالإضافة إلى عدد من المقطوعات المميزة لمؤلفين كويتيين.

برنامج دسم

وفي تمام الثامنة من مساء أمس الأول، توافد الجمهور بكثافة على مركز جابر الأحمد الثقافي، للاستمتاع ببرنامج دسم جمع بين مقطوعات كلاسيكية عالمية وأخرى بأنامل كويتية بصيغتها الأوركسترالیة.

وشهد الجزء الأول من الحفل مجموعة مميزة من المقطوعات بدأت بآيديلا «مقطوعة ريفية»، مصنّف 25 لبلاغويا بيرسا تلتها مقطوعة مولدوفا، الحركة الثانية من مقطوعة بلادي،»ماي فاذرلاند» لبدريخ سميتانا، أعقبتها السيمفونية الثانية، دو صغير «القيامة»: الحركة الثالثة لغوستاف مالِر وأخيرا السيمفونية السادسة، سي صغير، مصنّف 74 «باثيتيك»: الحركة الخامسة لبيتر إيليتش تشايكوفسكي.

وكانت الموسيقى الكويتية حاضرة في الجزء الثاني بأنامل مبدعين من «الديرة» استطاعوا انتزاع الآهات من قلوب الحضور الذي أثنى على جهدهم، فكانت البداية مع معزوفة للفنان محمد الحمدان «سیمفونیة رقم 1 على مي الصغیر «الأرض الخضراء» الحركة الأولى، م قدم عبد العزيز شبكوه مقطوعة «القرین» التي نالت استحسان الجمهور قبل أن يختتم الفنان مشعل حسين بمقطوعة «البوشیة» التي حصل عنها على جائزة الدولة التشجيعية في فئة التأليف الموسيقي.

واستمتع الحضور بالجزء الثالث والأخير، الذي ضم مقطوعات أمتعت الحضور لآستور بیازولا ومقطوعة تانغو «بور أونا كابیزا» ورامین جوادي وموسيقى «غیم أوف ثرونز» ونینو روتا ومقطوعة «الحب والهجرة» من فیلم العراب وأخیرا جون ویلیامز ومتتالیة موسیقى «حرب النجوم».

تاريخ حافل

ولدى أوركسترا زغرب الفيلهارموني تاريخ حافل يمتدُّ على مدى 147 عاماً، وتعتبر من الفرق الأوركسترالية الرائدة في العاصمة الكرواتية زغرب، إذ كثيراً ما ساهمت الأوركسترا في نشر الموسيقى الكلاسيكية في مختلف أنحاء كرواتيا، ومثَّلت بلادها بوصفها سفيرة ثقافية في جميع أنحاء العالم، مجسدة صورة زغرب باعتبارها مركزاً موسيقياً وفنياً وثقافياً في وسط أوروبا.

وقدَّمت أوركسترا زغرب أولى حفلاتها عام 1871، لكنها في عام 1920 اكتسبت تسميتها الحالية، ومنذ ذلك الوقت، ساهمت في إغناء كرواتيا بأفضل الحفلات والعروض الموسيقية، حيث ضمَّ تاريخها ألمع الأسماء في عالم الموسيقى من القادة الأوركستراليين مثل فريدريتش زاون، وميلان هورفات، ولوفرو فون ماتاتشيتش، وملادين باشيتش، وبافلي ديسبال، وكازوشي أونو، وبافل كوغان، وألكسندر راباري، وفجيكوسلاف شوتيج.

وقدَّم أوركسترا زغرب العديد من الحفلات في معظم الدول الأوروبية، بالإضافة إلى أميركا والمكسيك واليابان وعُمان والصين والأرجنتين.

تشجيع الإبداع

وخلالَ مسيرتِه الطويلة والعريقة، حرصت أوركسترا زغرب الفيلهارموني على تشجيع الإبداع الموسيقي واحتواء مهارات المؤلفين الموسيقيين في كرواتيا من خلال تسجيلِ أعمالهم وعرضها على المسرح أولَ مرة، كما اهتمت أيضاً بالوعي الموسيقي للطفل، مخصصة أسبوعاً سنوياً للاحتفاء بموسيقى الشباب والأطفال من كل الأعمار.

وحصد أوركسترا زغرب الفيلهارموني العديد من الجوائز تقديرا للدعم المستمر الذي يقدِّمه إلى المشهدين الموسيقيين المحلي والعالمي، إضافة إلى استمراره في إثراء الثقافة الموسيقية.

وتخرّج ديفيد رانتز، الذي يقود الأوركسترا، في جامعة فريدريك شوبان للموسيقى في مدينة وارسو عام 2016 متخصصاً في قيادة السيمفونية وأعمال الأوبرا، وفي تلك الفترة كان أول ظهور له مع أوركسترا وارسو الفيلهارموني.

وتتلمذ رانتز على يد القائد الأوركسترالي جورما بانيولا، واشترك في أكاديمية الأوبرا الإيطالية بقيادة الموسيقار الإيطالي ريكاردو موتي، حيث تُعتبر هذه المحطة واحدةً من أبرز محطاته الموسيقية، ويعمل رانتز قائداً لأوركسترا دار الأوبرا الوطنية في وارسو منذ عام 2017.

الظهور الأول

وفي موسم 2014 - 2015، شغل رانتز منصب مساعد قائد لأوركسترا دار الأوبرا الوطنية البولندية ومنصب مساعد لقائد أوركسترا وارسو الفيلهارموني في عام 2017. أما أول ظهور له كقائد أوركسترا فقد كان في اليابان، وتحديداً في مدينة سابورو في يوليو من عام 2017، ضِمن مهرجان المحيط الهادئ للموسيقى الذي شارك فيه بدعوة من رئيس المهرجان وقائد الأوركسترا الروسيفاليري غيرغييف.

وإلى جانب عمله كقائد أوركسترالي، خاض رانتز أيضاً العديد من التجارب في التأليف الموسيقي، ففي عام 2010 حاز الجائزة الأولى في مجال التأليف الموسيقي ضمن منافسة أُقيمت تحت رعاية وزارة الثقافة والتراث الوطني لاستعراض أبرز أعمال المؤلفين الشباب في وارسو، وذلك عن مقطوعته «إيفولوشن»، وفي العام التالي، حاز جائزة عن مقطوعته «كابريتشيو بير فلوتو سولو» في إيطاليا، كما حصل على الكثير من الجوائز والبعثات الأخرى احتفاءً بإنجازاته البارزة في مجال الموسيقى والتأليف.