ترامب لا يعشق كيم إلى هذا الحد
صحيح أن ترامب أعلن في عام 2018 أنه والزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون "وقعا في الحب"، إلا أن رغبة ترامب في تخصيص الوقت والطاقة لتطوير هذه العلاقة وتكثيف الجهود لنزع الأسلحة النووية من كوريا الشمالية محدودة جداً على الأرجح.لا يعني هذا أن ترامب وكيم يتجهان إلى الانفصال القاسي الذي أجج الخوف من أن الصراع العسكري في شمال شرق آسيا يقترب في الأفق، ستكون 2019 سنة هادئة نسبياً على الأرجح وإن لم تخلُ من تبادل الخطابات الغاضبة من حين إلى آخر، لكن هذا يعني أن السنة الجديدة قد تمر من دون أن تحقق الولايات المتحدة تقدماً كبيراً في سعيها إلى إقناع كيم بالتخلي عن أسلحته النووية وبرامج التنمية التي تدعمها، نتيجة لذلك ستبقى تلك المخاطر المزمنة قائمة بثبات في المستقبل المنظور.تراجع دافع ترامب لإنفاق مقدار كبير من رأس ماله السياسي على محاولة زيادة الضغط على كيم بسبب عاملين رئيسين: قلة صبر ترامب نفسه وعدم تركيز داعميه ومنتقديه نسبياً على المسألة الكورية الشمالية في الولايات المتحدة.
ولا نبالغ إن قلنا إن عملية التفاوض المضنية مع خصم ماكر مثل كوريا الشمالية بغية معالجة مهمة يحتاج إتمامها إلى سنوات لا تتناسب مع شخصية ترامب أو مهاراته. صحيح أن ترامب ما زال تواقاً إلى عقد قمم رفيعة الشأن مع كيم، إلا أنه أكثر اهتماماً على الأرجح باستغلال هذه اللقاءات الدورية لتقديم ميلودراما مسلية وإظهار أن الوضع ما زال تحت سيطرته بدل إنعاش السعي لنزع الأسلحة النووية المتعطل اليوم.علاوة على ذلك، لم نسمع الكثير من الجمهوريين أو الديمقراطيين عن كوريا الشمالية خلال حملات انتخابات الكونغرس في منتصف الولاية في شهر نوفمبر، كذلك كشفت استطلاعات الرأي (ولا عجب في ذلك) أن معظم الناخبين من اليمين واليسار يعطون الأولوية للمسائل المحلية لتحتل السياسة الخارجية مرتبة ثانية. إذاً، في حين يواصل الكثير من خبراء كوريا الشمالية التحذير من أن كيم يتلاعب بترامب ويخدعه وأنه لا ينوي التخلي عن ترسانته النووية، ثمة أصوات بارزة قليلة خارج المؤسسات الفكرية والأوساط السياسية في العاصمة واشنطن تعارض بشدة ادعاء ترامب أنه أرغم كيم على الرضوخ.ولكن على الصعيد العام، يبدو أن الوضع القائم يلائم كيم بما أنه يمنحه الوقت والمساحة الضروريين ليواصل إعادة بناء الروابط الدبلوماسية والاقتصادية مع كوريا الجنوبية، والصين، وعدد كبير من الدول الأخرى، يسعى لزعزعة دعم العقوبات، ويحسّن مقدراته العسكرية بصمت.لا شك أن خطر انهيار المحادثات في عام 2019 بين واشنطن وبيونغ يانغ يرتفع قليلاً إذا عززت تداعيات تحقيق مولر أو أي خطر سياسي محلي كبير آخر دوافع ترامب إلى التصرف بتشدد أكبر في الخارج بغية تحويل الانتباه عن مشاكله في الداخل.إذا تطلعنا إلى مرحلة أبعد من المستقبل، نرى أن عام 2020 قد يشكّل سنة حرجة لكلا الطرفين مع إطلاق ترامب حملة إعادة انتخابه بسرعتها القصوى، ما يجعله أكثر حساسية وتأثراً بتُهم منتقديه بأن سياسته الكورية الشمالية قد أخفقت.على نحو مماثل، إذا ظن كيم أن رغبة ترامب في إبقاء التعاطي بين دولتيهما سلساً في سنة الانتخابات الدقيقة تجعله أكثر عرضة للابتزاز، فلا شك أن هذا سيمتحن علاقة الحب التي تجمعهما.* «سكوت سيمان»